رجل محرم!



صادق الازرقي
2009 / 11 / 26

تصاعد الحديث في المدة الاخيرة عن القرار الذي اتخذه مجلس محافظة واسط بتعيين رجال بصفة (محرم) لعضوات مجلس المحافظة براتب 200 الف دينار شهريا لكل منهم، وجاء في مسوغات اتخاذ مثل هذا القرار ما ذكر في وسائل الاعلام من انه يأتي بطلب من نساء الاحزاب الاسلامية حتى تستطيع المرأة العضو في المجلس ممارسة نشاطاتها، لأن المرافق سيكون معها دائما وسيدخل منزلها ومكتبها.
ويشير المراقبون الى ان مثل ذلك القرار وغيره يتعارض مع فقرات الدستور التي تمنح المرأة حرية التصويت والترشيح والتعبير كما اتهموا النساء اللواتي طالبن بالمحرم بتوظيف اقاربهن مستدلين بذلك على ان ذات النساء اللواتي طالبن بتعيين رجال مرافقين لهن في مجلس المحافظة يقمن بانفسهن ومن دون مرافقين بقيادة حملاتهن الانتخابية ودعوة الرجال اليها والالتقاء بهم، وضمن هذا السياق وجهت نعيمة جعفر وهي ربة منزل في الثانية والخمسين من عمرها من الكوت انتقادات لما اعتبرته "ازدواجية في التصرف والسلوك الذي تمارسه النساء الاعضاء في مجلس محافظة واسط بدليل خروجهن ابان الحملات الانتخابية الى الشارع من دون ادنى حرج او تكلف" بحسب تعبيرها.
نحن نعتقد ان المرأة التي لاتمتلك الثقة بنفسها لقيادة ومتابعة العمل السياسي والجماهيري الذي يفترض انها كرست نفسها له من الواجب عليها ان تترك ساحة العمل السياسي لغيرها وان تتفرغ لشؤون اخرى بالامكان ان تديرها بصورة اكثر يسرا واقل تعقيدا لأن المجتمع كل متكامل يحتوي الشابة والشاب والمرأة والرجل وان ضرورات تلبية امور الوطن والمواطن تستدعي مشاركة الجميع في همومهم وبث شكاواهم ومعالجة ما يعتري حياتهم من مشكلات وان إشغال تلك المواقع الحساسة التي لها مساس بحياة الناس بأمور ثانوية من قبيل البحث عن محرم ومرافقة الاقارب والنأي المفتعل عن الرجال يدق اسفينا في نسيج المجتمع ويزيد في الهوة التي تفصل مكوني المجتمع الرئيسين الرجل والمرأة ويوجه وظائف مجالس المحافظات او اي مرفق آخر له مساس بحياة الناس نحو اتجاهات بعيدة عن حاجاتهم.
كما نعتقد ان ليس من الضروري اللجوء الى هكذا قرار واصداره في العلن كسابقة غير محمودة العواقب إذ ان مرافقة الاقارب للمسؤولين هي تحصيل حاصل في شتى مستويات الحكومة والدولة ولن يعترض احد على اي امرأة مسؤولة تصطحب اقاربها كمرافقين لها، فما الحاجة إذن لاصدار مثل هكذا قرارات تسيء الى البلد والى الشعب وتعطي صورة مغايرة لما يقال عن البناء الديمقراطي وحرية التعبير وتكافؤ الفرص والعدالة.
من الضروري ان تترك امور البلد تسير سيرا طبيعيا من دون ان نحاول اعاقة مثل هذا المسير، وبدلا من ذلك يجب ان تنصب جميع الجهود ويتكاتف جميع ابناء البلد رجالا ونساء ولاسيما الموجودين في مفاصل المسؤولية ومنها مجالس المحافظات على معالجة مشكلات الناس والارتقاء بالخدمات والقضاء على الارهاب وتحسين حياة الناس المعيشية وغيرها من الامور الحيوية والحساسة التي تتطلب نساء ناشطات ورجالاً نشيطين يكرسون جل وقتهم لخدمة ناخبيهم لا ان يوجعوا رؤوسهم بالحديث عن (المحرم) وتوسيع الهوة بين ابناء البلد الواحد.