المرأة العربية أستهلاك أم أستغلال



يسرا القيسي
2009 / 12 / 9

المرأة ...حواء هذه المخلوقة الرائعة ...العطوفة ...الانثى الرقيقة ...الجميلة بروحها ..بذكائها ..وعقلها المتقد دائمآ..المتدفقة ؛المتألقة ...المبدعة في أي عمل يناط بها وهي بموقع المسؤلية في أي مكان ..موظفة ..عاملة .. ربة بيت ؛أديبة ؛عالمة ؛المرأة العربية الشامخة التي تتكأ على ماضيها الزاهر والزاخر بنضالها وصولاتها وجولاتها في الحرب والسلم من زمن الجاهلية والاسلام الى عصرنا الحالي .. متواصلة بفخر بحاضرها رغم أنكسار المجتمعات في ظل الاحتلالات خارجية كانت أم داخلية .. أحتلالات واضحة ومبطنة .. ليس في مكان أن الوج في السياسة التي لا مخرج لها .. ويكاد النقاش فيها عقيمآ .. ولو أردت أن أضرب أمثالا للمرأة العربية فتأريخها طويل وهن كُثر .. ولا تكفي هذه الصفحات لذكرها ...

المرأة الدافع والمحرك

هي داينمو الحياة الرئيسي لتطور المجتمع نحو الافضل .. حواء التي تلد آدم ؛ مع هذا نحن نعيش في ظل مجتمع تحكمه قوانيين يسُنها آدم .. مجتمع ذكوري جاحد في أغلب الاحيان .. هذه القوانيين تحاول أن تحجم من دور المرأة .. لماذا يحدث معنا من أخونا الرجل آدم ؟؟ من المفترض أن يكون الرجل سندآ للمرأة وهي مكملة له في مشواره أن لم تكن تسير معه خطوة بخطوة .. مهما يمتلك الرجل الشرقي من الوعي والثقافة ؛ لكنه لا يرغب أن تكون زوجته أو أخته أكثر أبداعآ منه ؛ لماذا هذه النظرة الدونية من الرجل للمرأة ..؟

تمييز أم أضطهاد

كل شئ في مجتمعاتنا مباحة للذكر الا للانثى هذا عيب وهذا مرفوض .. ممنوع .. مع أنه تكون أشياء بسيطة ولا فيها شئ ما يعيب أو ما يرفضه أو يمنعه المجتمع أو القوانيين وكل شئ عادي ومسموح للذكر بس لانه ذكر .. لقد مللنا من نظرة المجتمع اليه بالنظرة الفوقية وللمرأة بالنظرة الدونية .. لقد مللنا من عادات وتقاليد تثير الاشمئزاز ؛ فلماذا هذا الاضطهاد ؟ والى أين سيصل بنا ...؟

أستهلاك أم أستغلال

بما أن التكوين البايلوجي والفاسيلوجي للانثى ولجسدها المنحوت وهذه هبى من الرب لنا وليس عيبآ ؛والا ما نزل آدم بتفاحة لحواء ..؟ أما أن يُساء أستخدام هذا الجسد من قِبل الرجل هذا أسوء تفكير .. ونظرة ضيقة .. وعقلية مشوهة ؛ وأمراض نفسية لبعض من الرجال ..ويقع على عاتق المرأة الملتزمة المتحررة من عقد المجتمع ؛ أن تفهم ما تعنيه كلمة الحرية أو التحرر بأطره الصحيحة وأحترأمآ لجسدها وعقلها وذكائها .. الذي يثيرني ويستفزني كأمرأة عربية أفتخر بتاريخ وماضي المرأة العربية من المشرق الى المغرب ؛ وبشكل عام لماذا المرأة تسمح للرجل أن يُسئ أستخدامها أو أستخدام جسدها وجمالها وتقدمه سلعة للفضائيات الفاضية التي باتت لا تعرف الخطوط الحمراء فيما تقدمه للمتلقي والمشاهد على أختلاف مستوى وعيه .. وانتمائاته الفكرية والثقافية والدينية ..

جسدي ليس سلعة

تعري المرأة لجسدها وبطريقة لا تليق بصورتها ممكن تعطي مجال لبعض النفوس الضعيفة للطمع بها ؛ لكن على المرأة أن لا تسئ أستخدام مفاتنها ولا تسمح لاي رجل مهما كان مركزه أو موقعه أن يتاجر بها كأنسانة وكأمرأة وكأم .. فأن سمحت له أن يستغل جسدي أو يشوه صورتي لتسويق تجارته البخسة أكون هنا قد ساهمت بقصد أو غير قصد في تجارة جسدي.. فهل المرأة هي التي تقدم نفسها بهذه الطريقة التي لا تليق وبهذه الطريقة الرخيصة ؟؟ أشك في ذلك .. فعلينا أن نُقدم أنفسنا بشكله الصحيح ونغير نظرة الرجل والمجتمع لجسد المرأة وشكلها .. ولو ساهمت المرأة بوعي أو غير وعي أن تقدم نفسها سلعة هل هذا معناه تحرر أم تحلل ؟؟

دور الفضائيات

بعض الفضائيات الفاضية والقائمين عليها وأصحابها للترويج لفضائياتهم يحتاجون الى هذا النوع من النساء واللحوم الرخيصة ..
ليس هذا وجه المرأة العربية المشرق ...من كاتبات وفنانات واديبات ملتزمات ومبدعات كلِ حسب موقعها وأينما تكون .
في أعتقادي حتى الرجل الواعي والمثقف ليس بحاجة الى أن يشاهد هذه الاجساد التي يعتبرها أجساد لا تثير غرائزه ؛ فالرجل الشرقي مهما تحرروتثقف يحب المرأة التي تصون جسدها .. وأن كنت أختلف بعض الشئ فليس كل أمرأة محجبة مصان جسدها وشرفها .. ولا كل أمرأة ترتدي بما ترتاح به هي غير مصانة ؛ ولا تمتلك أخلاقيات وقيم ..ممكن يكون العكس صحيح تمامآ ..ليس هذا موضوعي ؛ أنا الآن بصدد تسليط الضوء على أن يكون جسد المرأة سلعة في بعض الفضائيات الفاضية العربية أكثر منها في الفضائيات الأجنبية ؛ فهذه الفضائيات لاتقدم أي برنامج فيه مضمون وممكن أن يستفاد منه المشاهد الأ الأجساد .. لحوم الابيض المتوسط كما يُقال ... ومن خلال الأغاني المصورة الهابطة جدآ الى القاع .
فهل هذه الفضائيات وأصحابها تقدم المرأة بهذا الشكل الممسوخ الغرض منه تشويه صورة المرأة العربية أم يريدوا أن يقولوا أن نساؤنا متحررات ؛ وأصبحت أغلب الفضائيات حتى الملتزمات منها اللهاث وراء الوجوه الملونة يخاطبون المجتمع من خلال شكل المرأة ولا يخاطبوه من خلال عقلها ووعيها وثقافتها .
أعتقد نحن نعيش في مجتمعات تواجه منعطفات وأحتلالات ؛ وأنكسارات نحن بحاجة الى أن ننطلق في عالم الفضاء المفتوح والأعلام العربي الحر ؛ حرية الفكر ؛ وحرية الرأي والرأي الآخر .. لتوسيع مداركنا .. ونطور ثقافتنا العربية .. ونعمق قيّمنا الأنسانية حتى من خلال الأغاني العربية المصورة التي لا تخدش حياء المشاهد على أختلاف الأعمار والثقافات ؛ وأنا كأمرأة أحترم نفسي وتأريخي وجسدي ؛أخجل حين أشاهد الفتيات النصف عاريات أنهن سلع على بعض الفضائيات والاعلانات ؛
دعوة الى كل فتاة عربية لا تقعي في فخ الفضائيات الفاضية وتجار اللحوم الآدمية ..

خضوع أم أنسياق

من الامور التي تدفع بالفتاة العربية للخضوع أو التنازل .. أولها بيئتها ؛ والظروف الاقتصادية التي تعاني منها مجتمعاتنا بشكل عام .. والحياة الاجتماعية .. وعقدها وقوانيينها القاسية على المرأة ....وأنعدام لغة الحوار بين الأهل .. أضافة الى تزايد نسبة البطالة والفقر والجهل والأمية ؛ ومن المحزن أن نسبة النساء الأميات في مجتمعنا العربي بلغ 64%وهذه نسبة كبيرة جدآ بحد ذاتها تخلق عدم توازن وجيل آخر غير واعي .. والعامل الآخر الظروف السياسية التي تحكم بلداننا مع تزايد طموح الفتاة لحياة أفضل .. ورغبتها في تلبية حاجاتها ومتطلبات الحياة .. ورغبة منها في المساواة مع أخواتها في بلدان عربية آخرى تعيش في ظروف أقتصادية مستقرة .
لكن رغم كل ما نمر به من ضغوط نفسية وأجتماعية ومادية قد تكون أحيانآ قاسية .. ورغم كل الأغراءات التي تُقدم عليها بعض الفضائيات ؛ فعلى المرأة العربية الواعية أن تلعب دورآ أساسيآ لمجتمعآ أكثر تطورآ ؛ وتلغي النظرة السطحية والدونية من الرجل لفكرها وذكائها وعقليتها المستنيرة وثقافتها التي لا تقل أهمية عن أخيها الرجل .. أن توضح ملامح شخصيتها المميزة..؛

مرحى

مرحى لكل أمرأة عربية من زمن الجاهلية والأسلام الى عصرنا الحالي ؛ مرحى لها لكل من ساهمت في رسم صورة مُشرفة لشخصيتها ؛
أرفع القبعة وأنحني أحترامآ وأجلالآ لتاريخهن الحافل بالأنتصارات وأولها بهيجة فتاة الجسر ؛في ثورة العشرين ؛ وسناء محيدلي أول فتاة أستشهادية في تحرير الجنوب اللبناني من العدو الاسرائيلي وجميلة بوحيرد المرأة الجزائرية التي ناضلت ضد الحتلال الفرنسي آنذاك

مرحى لكل امرأة عربية في أي موقع وأي محفل .. فهي رمز الشموخ والتطور والتجدد ..
ولًَِما حواء ما كان آدم .. فرفقآ بالقوارير.....؛