حقوق المرأة والتحولات النوعية في الخليج



فهد المضحكي
2009 / 12 / 13

الدراسة التي أعدها مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان “المرأة الخليجية ومزيد من الحراك الاجتماعي تشير الى عدة تحولات اجتماعية وثقافية وسياسية شهدتها المجتمعات الخليجية في العقود الاخيرة ومن المؤكد ان هذه التحولات كلما تعمقت وتجذرت بما ينسجم مع تطورات العصر من حريات وديمقراطية وحقوق دستورية وسياسية كلما حظيت المرأة على حقوقها المشروعة فهي حجر الاساس في تطور المجتمع ومع اهمية كل هذه التحولات المتفاوتة بين مجتع خليجي وآخر فان المرأة لا تزال تعاني من قوانين تكرس عزلها وتهميش دورها السياسي ناهيك عن تلك العقليات والموروثات الاجتماعية التي لا تزال تنظر اليها كما لو أنها قطعة من اثاث البيت أو كمخلوق ناقص!! وتزداد اهمية هذه الدراسة عندما ركزت باهتمام واضح على تقدم هذه المجتمعات التي شهدت ومن وجهة نظر بحثية او كما تستخلص هذه الدراسة اتجاها واضحاً يؤسس لرابطة وثيقة بين عملية التنمية وادماج المرأة في الحياة العامة، ومشاركتها في سلطات الدولة الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية باعتبارها جزءاً من المجتمع يحق له الاسهام في اتخاذ قراراته وتنفيذها وتقييم آثارها الامر الذي يجعل من الحضور الفاعل ليس مطلباً اخلاقياً فقط بل مطلباً تنموياً ايضاً باعتباره إحدى ركائز التنمية الشاملة والمستدامة في المجتمعات المعاصرة التي تحتاج الى فكر وجهد الرجال والنساء معاً. وفي اطار هذه الرؤية التي لا يمكن ان تتم او تتحقق من دون مساواة المرأة في الحقوق فان ابرز ما توصلت اليه على صعيد تلك التحولات هو ان الساحة الخليجية شهدت حدثين فارقين في الحياة العامة للمرأة الخليجية بوجه عام: الاول شهدته الكويت وهو الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الدستورية في 20 اكتوبر 2009 الذي حققت المرأة الكويتية على اثره انتصاراً جديراً عندما اجازت للمرأة استخراج جواز سفر مستقل من دون الحصول على موافقة الزوج وهذا يؤكد مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات العامة فيما كان الحدث الثاني في السعودية عندما اعتمد مجلس الشورى السعودي في الدورة الحالية اثنتي عشرة مستشارة غير متفرغة يحملن تخصصات متنوعة وبذلك فان الفرصة اصبحت متاحة للمرأة السعودية للمشاركة في العمل البرلماني من خلال استعانة المجلس بالمستشارات غير المتفرغات او من خلال تقديم مقترحاتهن في اي موضوع يهم الصالح العام عبر لجنة الانظمة والموارد البشرية والعرائض التي تستقبل مقترحات المواطنين كافة. واما بالنسبة لردود الفعل حول كل ذلك نقول على الرغم مما أثاره هذان القراران من جدل واسع حيث اعتبرهما البعض ولاسيما اصحاب التيار الاسلامي “مفسدة لا توافق الشرع “بينما رأى البعض الاخر المتمثل في منظمات المجتمع المدني والجمعيات النسائية والناشطات في مجال حقوق المرأة انهما يشكلان انتصاراً عادلاً للحريات الانسانية والشخصية. وتقول ايضاً: لعل هذين الحدثين وما سبقهما من فوز للمرأة الكويتية باربعة مقاعد في البرلمان من دون تطبيق نظام “الكوتا” ومن دون الحصول على اي دعم بعد معاناة استمرت سنوات عديدة وقف خلالها المحافظون في البرلمان ضد وجودها السياسي في تكرار للمشهد الحاصل في السعودية وباقي دول مجلس التعاون من قبل السلفيين - يعدان بمثابة مؤشر على حدوث تغير في عادات المحافظين الذين عارضوا حق المرأة في الانتخابات بالكويت بل قد يكونان نقطة انطلاقة لرد فعل مماثل في باقي دول الخليج قد يصل مداه الى ابعد من ذلك. ومن تلك الجوانب الهامة والاساسية التي وقفت عندها هذه الدراسة هي: ان الاحداث تبرهن على مدى اهتمام دول الخليج بقضايا المرأة من خلال الحملة الجديدة التي صاغتها ابجدية المشاريع الاصلاحية في البلدان الخليجية التي تعيد صياغة ثنائية المرأة - المجتمع على قاعدة “مشروعية الحق” التي تعني اعتراف المجتمع للمرأة بحقوقها على درج الحراك النوعي القائم على اساس المساواة في الحقوق والواجبات للمواطنين من دون تمييز على اساس الجنس”. كما وقفت ايضا عند زيادة وعي المرأة من خلال المطالبة بحقوقها المهدورة والعمل على اثبات انها تمثل احدى ركائز بنية اي مجتمع خاصة ان هذه المسيرة واجهت مع مراحل الخفوت السياسي والثقافي الكثير من التحديات والعوائق حيث ادى الانحسار الحضاري الذي شهده العالم العربي فترة طويلة من تاريخه الى سيادة نمط الموروثات الثقافية يغلب عليه طابع الانغلاق وعزل المرأة عن المشاركة في الحياة العامة. مما حال دون الاستفادة من امكانياتها وجعل نصف القوى البشرية العربية معطلاً عن تنمية المجتمع وتحديثة.