أختاه...



عبد القادر الحوت
2009 / 12 / 19

لماذا يصرف الاسلاميين و المتدينين و غيرهم من الذكوريين، الكثير من أموالهم و طاقاتهم و أوقاتهم، من أجل الضغط على المرأة و الفتاة و الطفلة، لحثها على إرتداء الحجاب و النقاب؟
لماذا يخيفوها بتحرشات بعض الرجال أو بإغتصابات بعض المكبوتين، و يصوّروا لها أن قطعة قماش على رأسها تخفي فيها وجهها، ستحميها من عملية الإيلاج التي تحدث أصلا في مكان آخر بعيد عن الرأس!
لماذا يسخّر شباب أمتنا العربية بشكل خاص، من بين كل الشعوب الإسلامية، كل إبداعهم و علمهم من أجل نشر حملاتٍ مصورة أو مكتوبة، لإيهام المرأة أنها وحدها المسؤولة عن هذه التحرشات و الإعتداءات.

فترتفع الشعارات الموبخة للمرأة، كيف لها أن تخلع حجابها "بسبب حر الصيف"! فالمرأة في نظرهم، كائنًا لا يشعر بالحرّ أو البرد.. هي كإبراهيم، نار الصيف عليها بردًا و سلامًا!
ثم تأتي عبارات التي تخلط شعبان برمضان، فتخلط بين الحجاب و الامن الإجتماعي، و "تعالوا نحمي نفسنا و نحمي مجتمعنا" في حملة ضد الملابس الضيقة.
فأختاه في "إحتشامها"، كالدرة المصونة.. مصونة من ماذا؟ هل أصبحت "أختاه" شيئا جامدًا، لا حياه فيه، و سلعة تجارية كحبة اللؤلؤ المكنون، يجب أن نصونها نحن الرجال من أمثالنا، لصوص الذهب و الياقوت؟
هل هكذا نكرّم أختاه عبر تشبيهها بسلعة تجارية، ثمينة، يجب إخفاءها في سواد النقاب و سترها في حجاب "سميك، فضفاض، لا يبدي تفاصيل و تقاطيع الجسم"؟
فالويل و الويل إذا ما إكتشفنا تقاطيع هذه الجوهرة، فقد تغرينا، نحن معشر الرجال، الذباب الذي يحوم حول المرأة المصاصة!
و المصاصة في إعلانات الإسلاميين، هي إهانة جديد لأختاه.. فهي ليست إلا شيئًا يستمتع به الرجل حتى ينتهي منه و يرميه، ثم يذهب عند البائع و يشتري مصاصة جديدة، أي زوجة ثانية، ثم ثالثة و رابعة.

"معقولة ده حجاب؟؟"... حجاب مع بنطلون ضيق.. لأ و "كمان Boot"!
فبعد أن حجّبوا أختاه و ستروا رأسها و جسدها نقابًا و برقعًا، جاء الدور الآن على قدميها.. يعني معقولة بقى يا أختاه، ترتدي بوط أو كعب عالي!
هوَّ "مش حتقدري تمنعيهم، لكن تقدري تحمي نفسك"... بالحجاب و النقاب، يا أختاه، ستحمين نفسك.. إيه بس مش حتقدري تمنعيهم.. أي، رغمًا عن الحجاب، سيتحرشون بكِ.

و لكن السؤال يا أختاه، من هم هؤلاء الذين سيتحرشن بكِ، و "تنهش عيون" إذا لم ترتدي الحجاب الذي "يصون"؟
في دول أخرى يا أختاه، ليس فقط في الغرب، بل حتى في أقصى الشرق، النساء يرتدين ملابسهنّ بحرية.
لا أحد منهنّ يختار الحجاب أو النقاب.. و رغم ذلك، رغم أن تلك الدرّات و اللآلي، يتجولن طلقاء أحرار من ملاّكهن الرجال، لا يتعرضّن لا للتحرش و لا للإغتصاب.
لماذا يا أختاه، المرأة في اليابان أو ألمانيا أو أستراليا أو حتى في دولة فقيرة ككوريا الشمالية، لا تتعرض للتحرش كما تتعرض له المرأة المسلمة و بشكل خاص في دولنا العربية، كمصر مثلا؟
هنّ هناك يتزيّنّ و يتعطّرن و ينتعلن البوط و الكعب العالي و يظهر شعرهنّ.. أي بإختصار، حبة السكريات تتجول في الشارع من دون غلافها. كلّ هذا و لا تحدث تحرشات كما تحدث في دولة كمصر.

أختاه، الإسلاميين لا يهتمّون لا بحلّ مشاكل البطالة و الغلاء و الفقر و تلوث المياه أو حتى غرق العبّارات.. هم، لا يهتموّن سوى بشي واحد، "إلاّ الحجاب".. بقى ليه؟
لأنهم، يا أختاه، هم ضعفاء العقل و الفكر.. هم لا يختلفون عن بعض الدابة التي لا تستطيع أن تكبت إنفعالاتها و إهتياجاتها الجنسية.
فأنتِ بالنسبة لهم، مجرد فرجًا، عضوًا جنسيًا على قدمين. هم لا يعتبرون أنكِ إنسان موازٍ لهم، بل ناقصة عقل، قاصر يحتاج إلى محرم ليخرج من المنزل، كطفلٍ صغير.
أختاه، من سيتحرّش بكِ.. من سيعتدي عليكِ، هو نفسه الذي يعتبركِ عورة.. و هو لن يرتدع لا بحجابٍ و لا بنقاب.. فحتى صوتكِ عورة و ضحكتكِ عورة.. يعني حتى و لو إرتديتِ نقابًا سميكًا، يخفي كلّ شيء، فإنه سيتحجج بصوت ضحكتكِ حتى يفجّر تحرشه الذي يدلّ على حقد عليكِ.

أختاه، ما اُخذ بالقوة لا يُستردّ إلا بالقوة.. و حريتكِ التي سلبوكِ إيّاها بقوة السلطة و الكهنة و بقوة تحرشاتهم و عظاتهم و تهديداتهم... لن تسترديها سوى بالمقاومة و النضال الفكري و الثقافي و التربوي و العلمي و الإجتماعي. "طيب أنتِ مستنية إيه؟".

* العبارات بين علامات الإقتباس، مأخوذة من شعارات حملات الإسلاميين للدعوة إلى الحجاب و النقاب و ما يشبهها من ملابس.