لماذا تجاهلت الصحافة الفلسطينية ترشيح الروائي ربعي المدهني لجائزة البوكر



نادية عيلبوني
2009 / 12 / 28

هل يعتبر الفلسطينيون وصول أحد مبدعيهم إلى درجة الترشح لنيل جائزة ،بحجم جائزة "البوكر"للرواية، عيبا يستحق منهم التجاهل و التستر عليه؟
وإلا ما الذي يعنيه هذا الصمت من قبل المعنيين بالشأن الإعلامي والثقافي والإبداعي الفلسطيني للإبداعات الفلسطينية خصوصا، لأولئك لفلسطينيين الذين يعيشون بالخارج؟ وما الذي يعنيه تجاهل إعلامنا شبه المطلق ، لاختيار اللجان المنظمة لهذا الحدث في قائمتها القصيرة، لستة أعمال روائية ،من بينها رواية الكاتب الفلسطيني ربعي المدهون" السيدة من تل أبيب" من بين 115 عملا روائيا من كافة الأقطار العربية؟وهل في هذا الاختيار ما يدعو الفلسطينيين إلى التكتم أو إلى الخجل؟
ولعل المتابع للصحف العربية والأجنبية ووكالات الأنباء ،وحتى الصحف العبرية كصحيفة "هآرتس" لهذا الحدث ،والجدل الحاد الدائر بشأنه في كبريات الصحف ، لا بد أن يتساءل عن سر هذا الإهمال والتجاهل القصدي والمتعمد ،من قبل صحفنا ووسائل إعلامنا الفلسطينية، التي تحولت إلى أذن من طين وأخرى من عجين ، وكأن الحدث لا يعنيها، ولا يعني الإبداع الفلسطيني، أو الثقافة الفلسطينية.
ترى ما هذا المهم والاستثنائي والعاجل الذي شغل المثقف والإعلامي الفلسطيني عن متابعة هذا الحدث الذي يعني ويمس مباشرة صورة فلسطين وصورة وجهها الثقافي والحضاري أمام العالم؟هل بتنا نخجل من صورة الفلسطيني إذا ما تميز بأدبه وإبداعه؟ أم أننا استأنسنا لصورة الفلسطيني الذاهب إلى حتفه مزنرا بالمتفجرات التي صدرناها للعالم؟ هل صارت صورة الفلسطيني المبدع تشكل لنا الحرج إلى الدرجة التي نضطر معها إلى إخفاء أخبار نجاحاته التي هي نجاح لفلسطين على صعيد الفن والأدب في العالم؟

من المعيب حقا أن تصمت أقلامنا أمام موقف السيدة أبو النجا العضو في لجنة التحكيم ، التي قامت وبدون وجه حق بمهاجمة الكاتب الفلسطيني وروايته "السيدة من تل أبيب"وأعلنت انسحابها من لجنة التحكيم احتجاجا على ترشيح الرواية الفلسطينية الوحيدة لنيل جائزة البوكر.
ما يدعو إلى الغضب حقا أن نصمت نحن المعنيون في هذا الهجوم الذي يهدف إلى النيل من أدبنا وأدبائنا، في الوقت الذي يهب فيه كتاب عرب يعملون في صحف أهم بكثير من صحفنا المحلية، دفاعا عن الرواية وصاحبها !!!!
ما الذي يريده الفلسطينيون بحق السماء؟
هل استأنسنا جميعا للهجة الشكوى والتذمر والمظلومية التي اعتدناها؟ هل صارت بكائياتنا وتفجعنا معتقلا أقمناه لأنفسنا ونرفض الخروج منه إلى أي فضاء يستدعي ولو شيئا من الأمل؟ ألا يبهجنا أن يهتم العالم بنا بعد كل هذا الإهمال؟
ها هو العالم يعاود الاهتمام بنا، وها هو يرشح أحد مبدعينا لجائزة أدبية ، وها نحن نستخف بكل من يحترمنا ويقيم لنا وزنا!!!!
ولعل مأساة بعض من تربعوا – بدون وجه حق -على قلب وصدر الثقافة والإعلام الفلسطينيين ، لا تتوقف فقط عند حدود هذا التجاهل، وهذا الاستخفاف بمن يحترمهم ويقيم لثقافتهم وإبداعاتهم وزنا . البعض من أمثال هؤلاء المثقفين لم يجد أنسب من هذا الوقت ليشن ،على جائزة البوكر للأدب بمشاركيها ومنظميها ،هجومه اللاذع واللا منطقي والغير مبرر، والذي لا يحمل في طياته أي دليل سوى الحقد والضغينة.ولنا أن نتساءل ، هل يستحق منظمو هذه الجائزة كل هذا الهجوم من قبل الكاتب وليد أبو بكر ؟ لماذا ألأنهم رشحوا مبدعا فلسطينيا لنيل جائزتهم؟ أهذا هو جزائهم؟ ثم ما هو هذا المال المفسد الذي يستخدم من قبل أصحاب بوكر ، ويتحدث عنه الكاتب إذا كانت الجائزة الأولى لا يتجاوز مقدارها ال50 ألف دولارا ، وهل هذا مبلغ يستحق النيل من سمعة الآخرين بهذه الطريقة، وهل بهذه الطريفة التي نكيل بها الاتهامات للغير نغطي على مقدار الأموال الهائلة التي أهدرها عندنا المفسدون في الماضي لإفساد المثقف وتعهير الثقافة الفلسطينية وجعلها بوقا وأداة طيعة بيد السياسيين؟
لقد كنا نأمل أن تتابع صحفنا بجدية واهتمام ،هذا الحدث الذي يعطينا الثقة والأمل بقدرتنا على المنافسة الثقافية والإبداعية، بالرغم من كل ما نمر به من محن!!!!!
كنا نأمل أن تمن علينا وسائل إعلامنا ،ومجموعات " المثقفاتية"عندنا، ولو بكلمة، أو مقال ،أو حوار مع الكاتب ، أو حتى عرضا منصفا للرواية على صفحات جرائدنا ومواقعنا !!!!
كنا نتوقع أن يهب المدافعون عن وجه الثقافة الفلسطينية للدفاع عن مبدع فلسطيني يتعرض للهجوم والاعتداء على عمله الإبداعي.!!!!
إلا أن شيئا من هذا لم يحدث ، وكأننا نقول للعالم عذرا ، فنحن مشغولون بشيء أهم من ثقافتنا ومبدعينا . نحن مشغولون بإدانة العالم بغربه وشرقه وشماله وجنوبه. لأنه لا ينصفنا.
وأنت أيها المبدع الفلسطيني الحقيقي الذي قدمت بعملك صورة مشرقة عن فلسطين وأهلها ، عليك أن تعذر كتابنا ومثقفينا، ولا تطالبهم بالالتفات إلى ما تفعله، فهم إنما انشغلوا عنك ، لأن لا وقت لديهم لإهداره في أخبار ومهرجانات وترهات الأدب والثقافة والإبداع.وأنت كما تعرف،لديهم الكثير من المهمات الاستثنائية والعاجلة والطارئة التي لا تحتمل العبث أوالتأجيل .
عذرا ... عذرا...
لا تؤاخذنا؟؟!!
لا وقت لدينا

صحافية فلسطينية مقيمة في فيينا