نادين البديري ومسرح اللامعقول ...؟



مصطفى حقي
2009 / 12 / 31


صموئيل بيكيت المسرحي المشهور ومؤلف مسرحية بانتظار غودوت كان بانتظار
نادين البديري أيضاً بأزواجها الأربعة .. وغودوت رغم الانتظار الدرامي
العنيف غودوت لم يعد ..؟ وكنت في أواخر الستينات قد تأثرت ببيكيت وكتبت
مسرحية بعنوان عودة راحل نشر دار الحوار في اللاذقية ... وعودة راحل قد
تحققت في نهاية المسرحية وبعد انتظار تخللته حروب .. وعاد راحل ولكن غير
راحل المنتظر .. راحل الشاب الجميل على حصان أبيض ’ عاد راجلاً محني
الظهر مسناً ودميماً ... والآن ننتقل إلى مسرحية نادين ( من مسرح
اللامعقول) زوجة لأربعة رجال) أي أن الزوجة هي التي تقدم على الزواج من
أربعة شبان ، وتتقدم لخطبتهم من ذويهم ، وفي منزل المخطوب يقدم الشاب
المحظوظ فنجان القهوة للخاطبة وهو خجلاً منكس الرأس بحضور أمه ووالدته
وتدعوه الخاطبة بكبرياء وتدعوه للجلوس أمامها وتسأله عن عمله ويجيبها
بخفر عذراء ... وبعد أن تقبل نادين يتم الاتفاق على المقدم والمؤخر حسب
العادة ويزف الشاب إلى السيدة السيد .. وفي ليلة الزفاف وخشية فشل الإبن
العروس يقدم الأهل على إعطائه حبة فياغرا 100مغ ليرفع رأس .. ورأس
العائلة وان ولدهم باكر وخارق مع العلم أن العريس العروس سيكون مركوباً
وليس راكباً ... وان سيد البيت هي السيدة ، وتعمل خارج البيت ، والرجل (
يا حسافة ) يعمل داخل البيت يطبخ وينفخ ويربي الأطفال التي تلدهم (
السيدة) سيد البيت ، والرجل هو الذي يهيء المائدة ويطعم ويرفع ويجلي
ويغسل الغسيل ، والسيدة (السيد) تأمر وتمول ميزانية الأسرة ، وعندما تلد
تجمع أزواجها الأربعة وتعرضهم على الطبيب ليُعرف المولود من صلب أي منهم
ليسجل على اسمه في سجلات القيود المدنية ، والسيدة ( السيد) هي التي
ترمي الطلاق .. أنت طالق يازوجي وبالثلاثة ... وما ينتج عن هذه الطلقة
الثالثة .. وتستمر مسرحية اللامعقول هذه والبطلة نادين عندما تدخل المنزل
يقف أزواجها لها وقد أحنوا رؤوسهم احتراماً وإذلالاً وفي الأونة الأخيرة
فرضت عليهم اللثام عند الخروج من المنزل اضطرارياً ، وتتقدمهم في السير
إذا كانت معهم وهم يمشون خلفها ، والسيدة السيد اكتفت بأربعة أطفال ،
واحد لكل رجل ، وتستعمل حبوب منع الحمل ، وتنظم الدور بين أزواجها بعد
كل دورة شهرية ، ومن يتخلف عن دوره وتأدية واجبه تبهدله و تشرشحه وإذا
كررها تمسح به الأرض وتهجره في المضجع وإذا استمر في عناده ترفعه الفلق
وتضربه ضرباً خفيفاً أو ثقيلاً وأحياناً بالسواك .. وأخيراً قد ترميه
بالطلاق وتطرده من حياتها .. وفي مشهد مثير يتسلل رجل قد تبنى المطالبة
بحقوق الرجال ( الزوجات) ووجوب مساواتهم في الحقوق والواجبات بالنساء
( الأزواج ) ان الرجال في الدون وتظلمهم زوجاتهم وانهم ناقصي عقل ودين
وكذلك نجاستهم في مواقف كثيرة وانهم عورة من أخمص القدمين إلى ذروة الرأس
وهم مرعوبون ومهددون دائماً من عذاب القبر والثعبان الأقرع وناكر ونكير
وفي جهنم يعلقون من عوراتهم ، ويتم شيّهم ، وعلى نار هادئة كباباً شهياً
، ويدعوهم إلى الانتفاضة على ظلم المرأة ، وفي الفصل الأخير يثور الرجال
ويختلط الحابل بالنابل ولكننا نشاهد البطلة نادين تجري خلف الرجال
المنهزمين المرعوبين .. ثم تغيب البطلة نادين قليلاً وتعود وهي ضاحكة
تقود رجالها بالإضافة إلى داعي حقوق الرجال مقيدين بحبل ، وتواجه الجمهور
وتباركهم : عام سعيد يا أحبائي في مسرح اللامعقول .. وتطفأ الأنوار ..
قام بأداء الأدوار : نادين البدير ومصطفى حقي ونضال نعيسة وصلاح يوسف
ومحمد الحلو ، ومحمد الرديني .. وعام جديد سعيد على الجميع في عالم
المعقول وفي رحاب الحوار المتمدن ...؟