الإطار الدستوري و القانوني لحماية حقوق المرأة في اتفاقية سيداو



روعه عدنان سطاس
2010 / 1 / 8


لأغراض هذه الاتفاقية يعني مصطلح "التمييز ضد المرأة" أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من الاعتراف للمرأة ، على أساس تساوي الرجل والمرأة ، بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجيـة.

تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتوافق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء ، سياسة للقضاء على التمييز ضد المرأة ، وتحقيقاً لذلك ، تتعهد بالقيام بما يلي:
(أ‌) تجسيد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال القانون والوسائل المناسبة الأخرى؛
(ب‌) اتخاذ المناسب من التدابير التشريعية وغيرها ، بما في ذلك ما يقتضيه الأمر من جزاءات، لحظر كل تمييز ضد المرأة؛
(ج) إقرار الحماية القانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعالة
للمرأة، عن طريق المحاكم الوطنية ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى ، من أي
عمل تمييزي؛
(د) الامتناع عن الاضطلاع بأي عمل أو ممارسة تمييزية ضد المرأة ، وكفالة تصرف السلطات
والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام؛
(هـ) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو
مؤسسة؛
(و‌) اتخاذ جميع التدابير المناسبة ، بما في ذلك التشريع ، لتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزاً ضد المرأة؛
(ز‌) إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.



تتخذ الدول الأطراف في جميع الميادين ، ولاسيما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كل التدابير المناسبة ، بما في ذلك التشريع، لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين ، وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل.

-------------------------
الفرع الأول – تكريس مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة و حظر التمييز:

- اعتراف تقليدي في الدستور و التشريعات الوطنية:

أولا" - في الدستور:

إن مبدأ المساواة القانونية بين الجنسين مكرس في جميع النصوص الوطنية منذ عقود. وعلى الرغم من عدم وجود استخدام لمصطلح التمييز في الدستور والقوانين الوضعية والسياسات العامة في الجمهورية العربية السورية، إلا أن مبدأ المساواة بين المرأة و الرجل في الحقوق والحريات مكرس في الدستور السوري في العديد من مواده ولا سيما المواد 25 و26 و27 وعلاوة على ذلك فقد خص الدستور المرأة السورية في المادة /45/ ضمانات عديدة لحماية حقوقها وكفالة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع.

و تشير المادة 25 من دستور في الجمهورية العربية السورية لعام 1971 إلى أن "1- الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم. 2ـ سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة. 3 ـ المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات.4ـ تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين الموطنين". و المادة 26: " لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك". و المادة 27: "يمارس المواطنون حقوقهم ويتمتعون بحرياتهم وفقا للقانون".

ثانيا" - في التشريعات الوطنية:

جاءت القوانين المدنية لتضمن المساواة الكاملة ولتعتبر المرأة ذات أهلية قانونية كالرجل (المادة /46/ من القانون المدني – المادة / 15/ من قانون التجارة)، إذ تتمتع المرأة السورية بحقوق المواطنة الكاملة لناحية حقها في ممارسة كافة الأعمال والفعاليات الاقتصادية ولها كافة الحقوق المدنية لناحية إبرام العقود وإدارة الشركات والبيع والشراء والاستفادة من القروض وكافة الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية والتعليمية التي تقدمها الدولة. كما ساوت قوانين العمل بين الرجل والمرأة في القطاع العام والخاص لناحية الأجور والإجازات والعلاوات والترقية والضمان الصحي والاجتماعي (كما سيفصّل لاحقا" في المواد 11-13 من هذا التقرير). كما ساوى قانون الانتخابات رقم /46/ لعام 1973 بين النساء والرجال لناحية الانتخاب والتشريع حيث نصت المادة /3/ منه على: " يتمتع بحق الانتخاب والترشيح كل مواطن عربي سوري من الذكور والإناث أتم الثامنة عشر من عمره" وكذلك المادة /17/ إذ نصت على "يتمتع بحق الترشيح لعضوية مجلس الشعب كل مواطن عربي سوري من الذكور و الإناث".

ولكن على الرغم من المناخ الإيجابي لا يزال هناك بعض المواد التمييزية ضد المرأة في بعض القوانين المتعلقة بالأسرة والحياة الخاصة للمرأة مثل: (قانون الجنسية- قانون الأحوال الشخصية).

ومن الجدير بالذكر أن هناك عمل جدي من قبل المؤسسات الرسمية، ، والشعبية والأهلية و ناشطي المجتمع الأهلي ورجال الدين في سبيل تعديل مثل هذه المواد وقد قدمت مشاريع قوانين إلى مجلس الشعب لهذا الخصوص ونذكر منها على سبيل المثال المذكرة التي قدمها الاتحاد النسائي المتضمنة مشروع قانون لتعديل المواد التمييزية في القوانين والمذكرة التي قدمتها رابطة النساء السوريات حول تعديل قانون الجنسية و كذلك مراجعة التحفظات التي قدمتها الحكومة السورية قبيل التصديق علة اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

الفرع الثاني – التدابير السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية الرامية لكفالة النهوض بالمرأة السورية:

لقد اتخذت حكومة الجمهورية العربية السورية العديد من التدابير التشريعية لمنع أي تمييز ضد المرأة نذكر منها صدور القانون رقم /42/ للعام 2003 بتأسيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والمصادقة على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة بالمرسوم التشريعي رقم /330/ تاريخ 25/9/2000 وتعديل المواد المتعلقة بسن الحضانة من قانون الأحوال الشخصية في القانون رقم /18/ لعام 2003 و تعديل المواد التأمينات الاجتماعية في القانون رقم /78/ لعام 2001 والذي أعطى المرأة حق توريث راتبها التقاعدي، وزيادة إجازة الأمومة بالمرسوم التشريعي رقم /35/ لعام 2002، تصديق اتفاقية إنشاء منظمة المرأة العربية الموقعة في القاهرة بتاريخ 15/7/ 2002. أما فيما يتعلق بالتدابير الإدارية فقد أقرت الخطة الخمسية التاسعة العامة 2001- 2005 فصلاً خاصاً للمرأة تتضمن أهدافاً إستراتيجية أهمها:

- تعزيز مشاركة وفعالية المرأة في التنمية الاقتصادية وزيادة نسبة الإناث في القوى العاملة.
- تعزيز مشاركة المرأة في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
- التركيز على الحقوق الأساسية بما فيها المرأة والرجل.
- تمكين المرأة ثقافياً واجتماعياً والعمل على محو أميتها.
- التكافؤ بين الجنسين وتمكين المرأة من ممارسة حقوقها والاطلاع بواجباتها.

و لابد من ذكر أن الخطة الخمسية المشار إليها وفي سبيل تنفيذ أهدافها الهامة قد وضعت أهداف كمية مثل تحديد نسبة 30% كحد أدنى لمشاركة المرأة في مواضع صنع القرار. ولقد اتخذت تدابير إدارية لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة إذ سعت الحكومة السورية والمنظمات الشعبية وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية إلى استخدام نظام الحصة في جميع الانتخابات العامة (مجلس الشعب - الإدارة المحلية - النقابات المهنية....) وبالفعل وصلت نسبة تمثيل النساء في مجلس الشعب إلى 12% وفي الإدارة المحلية في مدينة دمشق.

الفرع الثالث – الآليات القضائية و حماية حقوق المرأة (المادة 2ج):

تعامل المرأة السورية على قدم المساواة في جميع المحاكم السورية لناحية حق التقاضي والشكوى والمرافعة أمام المحاكم المدنية والجزائية والتجارية وكفل قانون أصول المحاكمات المدنية والجزائية لها هذا الحق، حيث لم يميز بين المواطنين رجال ونساء في المواد كافة. وفيما يخص عدد الدعاوى والشكاوى المقدمة من النساء ضحايا التمييز نشير إلى أنه لا توجد إحصاءات دقيقة يمكن الاعتماد عليها لتحديد الحالات.

الفرع الرابع - العقبات العملية التي تمنع المرأة من تحقيق تطورها:

وفيما يخص العقبات العملية التي تمنع المرأة من تحقيق تطورها أو الحصول على حريتها الأساسية أو حقوقها المتساوية بصورة تامة:

- سيطرة مجموعة من العادات والتقاليد التي ما تزال تكرس الصورة النمطية للمرأة.
- بعض المواد التمييزية المشار إليها في بعض القوانين التمييزية.
- عدم التطبيق السليم للقوانين التي تعطي المرأة حقوقاً مساوية.
- عدم وجود آليات صحيحة وفعالة لتطبيق القانون والخطط والسياسات العامة على أرض الواقع.
- الفجوة القائمة بين الدستور وبعض القوانين التمييزية.
- نقص معرفة المرأة بحقوقها ونقص خدمات اجتماعية مساندة للمرأة.