نعم..من حق فرنسا منع النقاب و البرقع



حميد عقبي
2010 / 1 / 30



فرنسا دولة علمانية و تحترم حقوق الانسان و يتمتع الاغلبية من المهاجرين العرب و الاجانب بالعديد من الحقوق المدنية و المساعدات الاجتماعية و التامين الصحي و الكثير منهم يستهلك جزء كبير من هذه المساعدات بغض النظر عن الجنس او الدين او الاتجاه السياسي و هناك بعض السلبيات تعمل الكثير من الاصوات على علاجها و انتقاد الحكومة في مسالة التهميش و التنمية في المناطق التي تسمى ضواحي, و لكن يتحمل هولاء سواء افارقة او عرب او من جنسيات اخرى جزء من المسئولية كون البعض منهم يفضل استلام المساعدات الاجتماعية و عدم العمل و البعض لا يمتلك تاهيل علمي و لم يسعى لذلك رغم وجود مؤسسات تعليمية متوسطة و علياء مهنية و اكاديمية و لكن البعض يفضل انجاب اربعة او خمسة اطفال و العيش بدون عمل مستفيدا من هذه المساعدات السخية و التي لم يتم المساس بها.

ظهرت نقاشات كثيرة حول العزم على استصدار قانون برلماني لمنع النقاب و البرقع و اغلبية الناس هنا تؤيد هذا القانون باعتبار ان النقاب و البرقع نوع من انواع العزلة الاجتماعية و و يمس بهوية فرنسا كدولة علمانية عريقة و المتتبع لهذه الاجراءات سيجد ان الموضوع ياخذ شكله القانوني و الدستوري و من حق الفئة المعترضة اللجوء الى القضاء حسب الاعراف القانونية و الدستورية الفرنسية , و البعض لا يفهم هذا الاجراء و قد تسرف الاتجاهات الدينية المتعصبة في العالم العربي و الاسلامي الى وصف فرنسا بدولة عدوة للاسلام و المسلمين و قد تنادي بعض الاصوات بمقاطعة البضائع الفرنسية او التظاهر و احراق العلم الفرنسي كنوع من انواع التعبير و رفض هذا القانون, و لكن لو تاملنا فان هذا القانون هو لا يختلف عن قانون التعري في الاماكن العامة حيث ان اي شخص يقوم بالتعري في اي مكان عام فان الشرطة تقبض عليه و يتم تغريمه و التعري ليس مسموح الا في بعض الشواطئ المخصصة للعراة .
عندما تسير اي امراة في الشارع بلباس عادي غير مميز فان احد لا ينظر اليها و هنا لو رايت فتاة او امراة و قمت بمغازلتها مثلا فهذا ليس فعل شنيع يحدث في كل مكان بالعالم و لكن في حال عدم تجاوب الطرف الاخر اي الفتاة لهذه المداعبة فانت تنصرف و تحترم رغبتها و في حال تكرار المغازلة و تحويلها لمشاكسة او مضايقة فهي تندرج تحت التحرش الجنسي و من حق هذه الفتاة ان تتصل بالبوليس او تصرخ عليك و ستجد ان الناس سينظرون اليك بعين مليئة بالازدراء, فرنسا دولة لا تبيح الدعارة بشكل رسمي و لديها قوانين صارمة فيما يخص التحرش الجنسي او الاعتداء و الاغتصاب و احترام الحرية الشخصية الى حد التقديس فهنا بوسع اي فرد مهما كان جنسه او اصله ان يختار هويته الجنسية و تتوقف حرية الفرد عندما تمس او تزعج حرية الاخرين او تعتدي عليها, و يعلم المسلمون هذا جيدا و هم من اختار القدوم الى هذه الدولة و العيش فيها و عليهم احترام القوانين الاساسية و الدستورية, و علينا ان لا نفسر هذا المنع بانه حرب للاسلام و المسلمين فنحن في بلاد المسلمين نمنع بناء كنائس او معابد لديانة اخرى و نمنع مثلا ان تقوم اي امراة سائحة بلبس ملابس فاضحة و الكثير من السواح يحترمون العديد من الظواهر الاجتماعية و يلتزمون نوع من الحشمة في الملبس عند زيارتهم لبلدنا بالتاكيد هناك فئة ربما لا تحترم هذه التقاليد و هذا قد يكون شاذ و لكن الاغلبية تحترم المكان الذي تزوره.
علينا ان لا نتسرع في الحكم على فرنسا لاتخاذها هذا الاجراء و لا يعني هذا منع الحجاب او تغطية الراس او لبس ملابس محتشمه لكل شخص حرية ان يلبس ما يريد لن تداهم الشرطة البيوت للبحث عن البراقع او تمنع اي امراة من لبس البرقع في منزلها او حديقة البيت و من ضمن اكثر من خمسة مليون مسلم يوجد بحدود الف مبرقعة و ربما اقل و يحق لهذه الفئة ان تلجاء الى القنوات القانونية و الدستورية بكل هدوء و دون فعل شغب او ضوضاء , و نتمنى الا يسارع البعض في اطلاق فتاوي تكفيرية و تحض على العنف قبل ان يصدر اي عالم او رجل دين اي فتوى عليه ان يرى و يطلع على الحقوق المدنية و الحرية التي يتمتع بها المسلم هنا فلهم الحق في بناء مساجد و شراء ارض و عملها كمقابر خاصة و ستجد الكتب الدينية و الاشرطة و غيرها توجد و تباع في الاسواق العامة و لا يوجد اي منع للاحتفال بالمناسبات الدينية و الاعياد و اشهار شهر رمضان و الفطور بالمساجد او تخصيص مساحات لبناء خيم لتناول الافطار و تجد احترام كبير لهذا الشهر و لا تجد اي شخص يسخر منك لانك صائم و يحق لط طلب اجازة في يوم العيد , و على المسلمين بذل مزيد من الجهد للاندماج بهذا المجتمع و اقصد الاندماج في مسيرة البناء و التنمية و المشاركة المدنية الفعالة , و هناك سلبيات بالتاكيد يمكن حلها و نيل مزيد من الامتيازات و لكن العنف و المجابهة قد تكون له عواقب وخيمة و اهمها كراهية و خوف الناس من الاسلام, و اعطاء مزيد من القوة للتيارات العنصرية الموجودة في الساحة و بذلك تزداد الهوة, و للاسف الشديد فان الكثير من الدول العربية و الاسلامية لا تقدم اي دعم لنشر الثقافة العربية او تشجيعها فعلى سبيل المثال معهد العالم العربي في قلب باريس و هو مبنى كبير يحوي الكثير من المكتبات و يقيم فعاليات لنشر الفكر و الثقافة العربية و هذا الصرح الجميل يعاني من الحاجة و النقص في الدعم المادي حيث ان اغلب الدول العربية اخلت بالاتفاق مع فرنسا بخصوص الدعم المالي , للاسف الشديد الاتجاه المعتدل و الفكر الحضاري للثقافة العربية و الاسلامية لا يجد الدعم و التشجيع بينما نجد كتب و اشرطة تدعو للعنف و الكراهية تجد دعما و تدخل بطرق غير مباشرة و هناك جهات تساعد و تدعم التعصب و ثقافة الكراهية و خلق نظرة سيئة عن الاسلام و يقومون بمحاولة تدمير العلاقات المبنية على اسس انسانية و حضارية ان القضاء على اي سلبيات يجب ان يكون هما مشترك لجميع الاطراف و المساهمة في الحوار و التفاهم و التقارب بشكل ايجابي و يعني هذا جهد و بذل اموال, و لكننا دائما نقف كطرف متفرج و القليل جدا من المؤسسات الثقافية العربية تاتي ببرامج هادفة , و الاغلب ياتي هنا ليصرف الاموال في السياحة او البحث عن المتعة و هم يقدمون وجها سلبيا للشخصية العربية بسبب تصرفات غير حضارية بل و بشعة.
نحن لا نود ان نرسم من فرنسا دولة مثالية او جنة الفردوس في اي مجتمع بشري قد توجد العديد من السلبيات و على كل فرد ان لايقف متفرج بل يساهم في الحياة عن طريق العمل و اغلب مشاكل الضواحي الفرنسية مثلا مصدرها نوع من الاهمال الرسمي و تراكم اخطاء سابقة و لا يمكن ان نعفي الحكومات الفرنسية المتتالية , و لكن كما قلت سابقا هذه الفئة المهمشة هي ايضا ساهمت في هذا الوضع بسبب الكسل و العزلة و استثمار المساعدات و ووجود النقاب و البرقع خاصة سوف يساهم في حدوث مزيد من العزلة و الشعور بالفروقات الدينية و ربما يتم استثمار البرقع و هذه الظاهرة من قبل المجموعات الارهابية لتنفيذ عمليات ارهابية تهدد الامن و حياة الناس و من حق فرنسا الدفاع عن اصالتها و حضارتها و امنها.
في بلدان مثل اليمن او الخليج النقاب و الحجاب هو نوع من العادة و الزينة اكثر منه تدين و لا احد ينكر ذلك و هناك فتيات يظهرن اكثر جاذبية و اغراء بلبس النقاب و الحجاب في بعض الاحيان يرسم ملامح الجسد خصوصا اذا كان من النوع الخفيف الحريري و المزركش, و لكن الفتيات و صاحبات البراقع هنا يلبسن براقع اشبه بتلك التي متداولة في افغانستان و التي فرضها عليهم نظام طالبان و القاعدة , بحيث تصبح المراة بداخل البرقع اشبه بخيمة داكنة متحركة هو يعزلها تماما عن الاخرين فكيف ستركب وسيلة مواصلات عامة و تؤدي عملها و المبرر بان البرقع حرية شخصية يمنع من نظرات الاخرين فهذا غير مقنع فانت تعيش في مجتمع منفتح منذ سنوات كثيرة لماذا الان لا تريد نظرات الاخرين و و الانفصال عن المجتمع الذي تعيش فيه ?