الاسلاميون والمرأة



كريم عامر
2004 / 7 / 2

علاقة الفكر الاسلامى بالمرأة علاقة قديمة جدا لم تنشأفى العصر الراهن فقط ....لكنها ظهرت على الساحة خلال القرن الماضى عندما أفاق المجتمع من سباتة العميق وأدرك دور المرأة الحيوى الايجابى الفعال ...والمهمل ( فى الوقت ذاتة ) فى المجتمع ....وأدرك ضرورة النهوض بالمرأة فى جميع المجالات ووجوب مساواتها فى جميع الحقوق والواجبات
فى البداية ...تصدى الفكر الاسلامى والذى كان يمثل بالأزهر فى مصر والمؤسسات الدينية الأخرى بالبلاد الاسلامية لهذا التوجة الفكرى الاصلاحى الجديد وكانت اللغة التى يتحدث بها هؤلاء الاسلاميين فى معرض ردهم على اصحاب هذا التوجة هى لغة مقاومة التغريب ومحاولات الاستعمار فرض ثقافتة المغرضة (على حد زعمهم ) فى البلاد العربية والاسلامية
ولم تنطلى هذة الحيلة على أحد....لأن اكثر المنادين بتحرير المرأة فى هذا الزمن كانوا من الوطنيين المناهضين للاستعمار الأجنبى للبلاد العربية ....وكانوا من ألد أعداء الاستعمار وأشد خصومة عداوة لة .مثل قاسم أمين وسعد زغلول والشيخ محمد عبدة
وكانت لغة هؤلاء فى الحوار هى الرجوع الى الشريعة الاسلامية فى تقييم الحقوق المشروعة للمرأة كبداية على الطريق المؤدى الى تحريرها نهائيا من القيود التى فرضت عليها من قبل المجتمع او الدين
وقد قوبل هؤلاء بهجوم عنيف وحاد على الرغم من عدم تعارض رؤيتهم وأفكارهم مع الدين الاسلامى الدين الرسمى لمصر (فى ذالك الوقت ) فمثلا نجد قاسم أمين فى كتابية اللذين أثارا جدلا واسعا فى الأوساط العربية وقتها لم يستدل بأى شىء خارج عن اطار الشريعة الاسلامية ...بل استند فى كل ماطالب بة الى أدلة شرعية مستخرجة من الكتاب والسنة
وعلى الرغم من هذا فقد هوجم هذا الكاتب بعنف من قبل المؤسسات الدينية فى البلاد العربية الى درجة اتهام البعض لة بالردة عن الاسلام ....وهى التهمة التى تلصق عمدا بكل من يحاول اصلاح الأوضاع الاجتماعية المتردية فى البلاد العربية على مر العصور
وعلى الرغم من ذالك نجد بعض علماء الأزهر قد أيدوة وسعواغ الى نشر أفكارة مثل الزعيم المصرى سعد زغلول الأزهرى النشأة والشيخ محمد عبدة مفتى الديار المصرية فى تلك الحقبة من القرن الماضى
وعندما وجد علماء الأزهر والقائمين على المؤسسات الدينية الأخرى أن طريقتهم فى التحاور لم تعد مقنعة لأنها تتشدد فى الدين لدرجة لم يطالب بها الدين أصلا ....سرعان ماتغير موقفهم ورفعوا الراية البيضاء وارتدوا مسوح الاصلاح والمدنية والتحضر وسلموا بصحة كل ما أوردة قاسم أمين فى كتابية "تحرير المرأة "و"المرأة الجديدة "وبدأوا بتغيير سياستهم المتشددة الى أخرى متحضرة بعض الشىء
عندها ....وجد الفكر الاصلاحى أن المرحلة الأولى لنشر الوعى بأهمية دور المرأة فى المجتمع قد كللت بالنجاح ووجد أن الناس قد بدأوا تدريجيا بالاستجابة لة نتيجة لتأييد علماء الأزهر لدعاتة ...عندها بدأ الفكر الاصلاحى يخطو خطوتة الثانية نحو النهوض بالمرأة فى خطوة اصلاحية شاملة تستهدف ازالة القيود التى وضعها المجتمع والاسلام على المرأة ....ونعنى بالقيود هنا الموانع التى تعوق المرأة عن الوصول الى الغاية المرجوة من الاصلاح وهى مساواتها الكاملة بالرجل فى كافة الحقوق والواجبات
فبدأوا بالمطالبة بالغاء المعاملة اللانسانية التى تعامل الاسلام بها مع المرأة فى كافة المجالات وفى جميع اوقات حياتها بدئا من وقت ولادتها وانتهاءا بوفاتها.....فبدأوا بالمطالبة بالغاء تعدد الزوجات الذى كان قد انتشر بصورة مثيرة للاشمئزاز والذى شرعة الاسلام تـأييدا لأنانية الرجل الذى يريد أن يمتلك النساء كلهن تحت يدة وبدأت هذة الدعوات الاصلاحية تؤتى ثمارها فى بعض البلدان العربية مثل تونس التى حرمت تعدد الزوجات وقيدت الطلاق وأعطت المرأة كافة حقوقها المشروعة فى العمل والتعليم والاختلاط بين الجنسين
وكان من الطبيعى أن ينشأ فكر مناهض لمثل هذة الأفكر الاصلاحية ....فبدأت بعض الدول العربية التى كان لديها بعض النوايا الاستعمارية فى محاولة تصدير فكرها الرجعى المتطرف الى بعض الدول العربية التى بدأت السير على طريق المدنية والتحضر....فوجدنا دولة مثل السعودية تصدر لنا فكرها الاسلامى المتشدد عن طريق مايسمى بالدعوة السلفية والتى بدأت فى الانتشار فى مصر فى بداية السبعينيات من القرن الماضى والتى كان ورائها أهداف أخرى استعمارية حاولت بها السعودية استعمار مصر فكريا وثقافيا تمهيدا لاستعمارها عسكريا وسياسيا تحت شعار اعادة دولة الخلافة الاسلامية التى بادت وانقرضت قبل قرن من الزمان
وبدأهذا الفكر ينتشر ويتغلغل بين شباب هذا العصر لدرجة مرعبة ومخيفة تنذر بتردى الأوضاع واشتعال الموقف
وقد وجد أن اهداف الدعوة السلفية (كما هو واضح من اسمها ) تنحصر فى اعادة الوضع العام الى ماكان علية فى عهد السلف الصالح (على حد تعبيرهم ) وهم يخصون المرأة بجزء كبير جدا من تفكيرهم ويطالبونها بالعودة الى سالف عهدها وارتداء البرقع الذى خلعتة قبل حوالى نصف قرن ....فنجد مثلا أحد اقطاب هذة الجماعة وهو الدكتور محمد اسماعيل يضع كتابا كاملا يتحدث فية عن المرأة وخطورة المناداة بتحريرها ....ويحمل بشدة فى كتابة هذا "عودة الحجاب " على دعاة الاصلاح من
امثال قاسم أمين مع اعترافة الضمنة بـــأنة لم يخرج فى كتابية عن الاطار الذى حددتة الشريعة الاسلامية بالنسبة للمرأة
الأدهى والأغرب من ذالك هو ظهور بعض اقطاب هذة الجماعة من نجوم شرائط الكاسيت الذين تباع شرائطهم على الأرصفى وداخل محطات مترو الأنفاق والقطارات والتى تتسابق عليهم شركات الانتاج الصوتى لانتاج اخر محاضراتهم على أشرطة كاسيت توزع بصورة مثيرة للدهشة والتساؤل عن مدى تغلغل هذا الفكر المتطرف فى عقول ابناء الشعب المصرى
الأكثر غرابة من ذالك هو خروج أحد هؤلاء المتطرفين دينيا بشريط كاسيت يحمل عنوان مثير للاشمئزاز وينذر بقرب العودة لعصر الجوارى والاماء وسى السيد ...العنوان هو " لست حرة "وهو موضوع شريط كاسيت جديد للمدعو محمد حسين يعقوب ذو الشعبية الواسعة بين اوساط الشباب الطائش من ابناء الدعوة السلفية فى الوقت الراهن
ولا يستغرب هذا على رجل من أمثال محمد حسين يعقوب الذى يعرف بزيجاتة المتعدد حتى لقبة البعض ب "شهريار الدعوة السلفية " ويعرف عنة أنة تزوج من أكثر من اربعة واستغل ظروف وفاة زوجتة الأخيرة لكى يتزوج من خامسة ليحطم بذالك الرقم القياسي بين اصحاب الزيجات المتعدد من اقطاب الدعوة السلفية المتطرفة
ومن خلال هذا الشريط يعرض لرجل التوجة الفكرى الخاص بالدعوة السلفية فى مخاطبتهم للمرأة ...فهم يؤمنون بأن النكاح رق وأن المرأة ماهى الا أمة فى بيت زوجها وأن زوجها هو سيدها الذى يجب أن لا يخالف أمرة أو حتى يختلف معة فى الرأى
فهو يطالب المرأة بأن تعود أدراجها مرة أخرى الى بيتها ...ذليلة ...صاغرة ...مطيعة لزوجها فى غير مناقشة أو محاولة لفهم وجهات النظر بينهما
وهو أيضا يطالب بعدم السماح للمرأة بارتياد الجامعات والمدارس وغيرها من المؤسسات التربوية لأنها يجب أن لا تظهر على رجال أجانب (على حد تعبيرة ) ...فهو يحصر وظيفة المرأة فى عدة أمور ذكرها نصا "الغسيل والطبخ والكنس ....ورعاية الاطفال "فالمرأة فى نظرة ماهى الا حشرة ادمية خلقت لاشباع الرغبات السادية للالة الذى تجسد على هيئة ذكر
لقد تذكرت عند سماعى لهذا الشريط ما كان يفعلة أبناء صعيد مصر ممن يعرفون بالتشدد المغالى فية فى العادات والتقاليد عندما سمعوا عن قدوم الحملة الفرنسية بزعامة نابليون بونابرت وخافوا على شرف نسائهم (الشرف هنا يترجم حرفيا الى كلمتين هما ...غشاء البكارة ) فقاموا بدفنهن أحياء حفاظا على شرفهن
فهل سننتظر اليوم الذى يحكم فية هؤلاء الاسلاميون بلادنا لكى يفعلوا ما كان يفعلة أبناء الصعيد فى سالف عهودهم ؟
انة يجب علينا أن نحارب هذا الفكر المتشدد بكل ما أوتينا من قوة فاننا ان لم نتصدى لة فى هذة الأيام فعلينا أن نتحمل نتائج ضعفنا وتخاذلنا التى ستكون من اوخم العواقب التى تنتظرنا جراء سماحنا لمثل هذا الفكر فى التغلغل والانتشار بين ابنائنا الذين هم أملنا فى الغد
فان هذة الافكار ماهى الا محاولات من دول عربية استعمارية لفرض ثقافتها المتشددة علينا تمهيدا لغزونا عسكريا ومحو تراثنا الحضارى الذى يحسدوننا علية ...فالاسلاميون يريدون دفن المرأة وهى حية ونحن سنتصدى لهم بكل ما أوتينا من قوة ولن ندعهم يحققون اهدافهم الخبيثة ...فهم فئة ضالة ينبغى ان نستأصل شأفتها .....ونقطع دابـــــــــرها