فصل قسري بين البنات والاولاد



توفيق التميمي
2010 / 1 / 31

كل من زار الجمهورية الايرانية الاسلامية ،لابد انه شاهد مظاهر الفصل بين الرجال والنساء في حافلات النقل العام وفي مؤسسات الدولة المختلفة وحتى في قاعات المكتبة الوطنية في طهران فهناك قاعة للرجال واخرى للنساء ،وكل هذه المشاهد لاتدعو للعجب والاستغراب لان هوية الدولة هناك مبنية دستوريا على اساس الدين وولاية الفقيه التي تقتضي ان لايجتمع المرأة والرجل الذي لايحل عليها شرعا في مكان واحد،وينطبق الامر نفسه على المثال السعودي الذي يرفع شعار التوحيد والرسالة النبوية على رايته الوطنية الخضراء .وفي كلا البلدين لاغضاضة في الامر لان ذلك مناط بهوية معلنة للدولة تبارك الفصل الجنسي وتقننه دستوريا في مؤسساتها الحكومية والمدنية .ولكن يكون الامر مختلفا بل مثيرا للدهشة والاستغراب، لوحصل مثل هذا الفصل بين الاولاد والبنات رسميا في بلد يتحول الى الديمقراطية مثل العراق ،حيث قامت مؤخرا بعض مديريات تربية الرصافة تحديدا، باحياء قرار قديم من زمن النظام السابق وتطبيقه على مدارسها ( حسب ما يقول الناطق الاعلامي في وزارة التربية) يقضي هذا القرار بفصل الاولاد الطلاب عن الطالبات في المدارس الابتدائية ،دون ان يوضح لنا الناطق الاعلامي هل ان المدارس التي طبقت القرار ونفذته على طلابها مارست فعلا ارتجاليا دون الرجوع الى وزارة التربية ؟ وهل ان الامر تم بمباركة الوزارة ؟ واذا لم يكن كذلك فما هو المبرر القانوني والتربوي بالرجوع الى قرار سابق يرتبط بالسياسات التربوية الفاشية للنظام السابق و التي تعبر عن هويته الشمولية في التربية والتعليم.
ان نظم التربية والتعليم الحديثة اثبتت ان الاختلاط المبكر والخاضع للمتابعة التربوية والرصد اليومي من قبل المعلم والمربي ،لهو عامل حاسم في تعزيز الثقة بالنفس بالنسبة الى الجنسين، كما يمكن ان تبني الاسس السليمة والصحية لقيام العلاقات الانسانية الصحيحة بين الرجل والمراة مستقبليا ،وخاصة في المجالات التي سيلتقي فيها الطرفان لبناء الدولة والمجتمع في مراحل لاحقة يكون الاختلاط فيها امرا لابد منه كالجامعة او الدائرة الحكومية .كما ان تطبيق القرار بشكل جزئي في مديريات دون غيرها تابعة لنفس الوزارة ، يعطي انطباعا بعدم وجود استراتيجية تعليمية واضحة تستند الى الاسس التربوية الحديثة من جهة،وتعبر عن هوية الدولة الديمقراطية التعددية الفيدرالية من جهة اخرى ،دولة تنسجم منظومتها القانونية والسياسية مع امة تتشكل من قوميات متنوعة واديان مختلفة لايمكن ان تتعايش سلميا وانسانيا دون تطبيق القانون المدني الحديث بما فيه الانظمة الحديثة في التربية والتعليم والتي تتبعها معظم الدول المتقدمة.