العنف ضد المرأة.. حقيقة يجب أن تختفي



سكينة العكري
2004 / 7 / 4

تمثل المرأة نصف المجتمع، ونظرا لتعدد ادوار المرأة، فالمرأة الزوجة والام والاخت والعاملة، فان العنف الموجه ضدها سواء داخل المنزل منه او خارجه قد زاد همها، واثقل كاهلها، في حين ان الله تعالي قد خلق المرأة وكرمها، وقد استطاعت في ظل الشريعة الاسلامية ان تحظي بمكانة مرموقة بل وتأخذ جميع حقوقها، وان تعيش بكرامة، وبعزة، ولكن ما يندي له الجبين حقا ما تتعرض له المرأة من عنف وشدة وقسوة ومن من؟ من اقرب الناس الي قلبها من ابيها تارة ومن اخيها تارة اخري ومن زوجها، ولماذا؟ فقط من اجل اثبات الذات؟ كان علي المرأة ان تدفع الضريبة؟ فهل يا تري سبب كاف لذلك؟ الم يكن القرآن الكريم والسنة النبوية مصدران رئيسيان للتشريع؟ وفيهما امرنا الله تعالي بل واوصانا في المرأة خيرا الم يكن الرسول صقد اوصي بالمرأة خيرا حيث قال عنها رفقا بالقوارير؟

اذن لماذا هذا الغلو والاسراف في حق المرأة؟ لماذا قضية العنف الممارس ضد المرأة بانوعه النفسي والجسدي والجنسي يمارس ضد المرأة وفي تزايد واتساع؟، لماذا تمنع المرأة مثلا من ممارسة حقها كانسانة لها الحق في ان تتعلم وتكمل تعليمها؟ اليست المرأة هي الام المربية؟ وان منعنا اياها من مواصلة تعليمها لهو خير دليل علي منع مسيرة الاصلاح؟ فكي لها علي سبيل المثال ان تعلم، وتربي ابنها احسن تربية اذا كنا نحن قد منعنا عنها التعليم؟ يجب ان نتأمل جيدا، كما كيف لنا ان نثق بانها ستتمكن من تربية الابناء تربية حسنة اذا كنا نحن نمارس العنف ضدها؟ الم نعلم جميعا بان فاقد الشيء لا يعطيه؟ فكيف نتوقع العطف، والحنان، والتي من المفترض ان تكون خصال جدا مهمة، ومطلوبة في المرأة الام، ولكنها يتعذر عليها ممارسة ذلك الامر لان العنف المفروض عليها قد منعها من ذلك.

الم يشكل ذلك تعطيل واضح، وكيف لا وان الدراسات السابقة قد اثبتت بان المرأة التي تقع ضحية للعنف قد نجدها فاقدة للثقة بنفسها كما نجدها لا تشعر بالامن والامان وهما من اولويات الحياة ومن اهم الامور، وبالتالي الاثار المترتبة علي ذلك اطفال عدم اسوياء وعديمي الثقة، وعديمي الشعور بالامن والأمان والاكتئاب والعزلة وفقدان الصلة بالاسرة وتبول لا ارادي، وشخصية مهزوزة وتغيب عن المدرسة وعدم النجاح.

اتساءل من الذي اعطي الرجل الحق في ان يكون الامر الناهي؟ ومن الذي اقنع المرأة في ان تكون خنوعة جزوعة للرجل غير السوي؟ لماذا كلما استسلمت المرأة للطاعة والخنوع ازداد تجبرا وكبرياء وغطرسة الرجل؟ ولماذا النظرة الدونية القاصرة للمرأة؟ هل جزاء الاحسان الا الاحسان؟

ولماذا هذا الصمت المؤجل منك ايتها المرأة اما آن الآوان لك ان تنقضي بغبار الذل والخنع والاستسلام؟ الي متي ستبقي اسيرة كسيرة في يد الرجل الذي مات قلبه ومات ضميرة، لماذا ترضي بالظلم والاستعباد؟ اما آن لك الآوان ان تتحرري من قيوده وان نثوري وتتمردي عليه؟

فالارقام التي بين ايدينا والتي لانستطيع تجاهلها باي حال من الاحوال تؤكد خطورة وضع المرأة فيما لو استمرت بهذا الحال، ويؤسفني انني لا املك احصائيات لدول عربية سوي مصر، ففي امريكا مثلا دولة التحضر والحضارة فان 30% علي الاقل من النساء يتعرضون للعنف من الرجال سنويا سواء داخل المنزل او خارجة هذا حسب ما هو مسجل وما خفي كان اعظم، وفرنسا سجلت اعلي نسبة للعنف ضد المرأة 95%، وفي مصر فان الاحصائيات تشير الي انه امرأة واحدة علي الاقل من بين ثلاث نساء يتعرضن للعنف من الرجال.

الآن وبعد استعراض الظاهرة والتي كانت بين ايديكم ماذا بقي لنا لمواجهة العنف الموجه للمرأة؟

ثمة سؤال خطير يحتاج الي اجابة شافية وافية، ومحاولة جادة مني شخصيا اري انه لا بد من توجيه الاعلام توجيها فعالا حيث انه لا حد ينكر دور الاعلام الخطير في مواجهة القضايا الحساسة، والتي تحتاج الي تسليط الضوء عليها، كما اهمية اصدار تشريعات خاصة تتصدي للقضية امر مهم جدا، بالاضافة الي حملات توعوية مكثفة لرصد مظاهر العنف ضد المرأة ومحاولة الوصول الي طبقات المجتمع المختلفة، وعمل دراسات للمشكلة.

واخيرا، همسة صادقة في اذن اختي المرأة والتي تتعرض للعنف من ايا كان، ارفضي العنف، قاوميه انت لا تستحقي العنف الموجه ضدك، فلا تلومي نفسك ابدا، فانت انسانة ومخلوقة، وقد اكرمك الله تعالي، ومن حقك العيش بكرامة وامان، واعلمي يقينا ان العنف اذا بدأ فانه لا ينتهي، بل انه قد يتزايد، ولا تصدقي ابدا بانه يحبك، ولا تصمتي علي العنف، ولا تحاولي ان تردي العنف بالعنف، فقط استخدمي حقوقك كسلاح واعلمي بان هناك قوانين قد وضعت من اجل حمايتك.

وليعلم الرجل ان العنف جريمة نكراء لا تغتفر ويجب ان يعاقب ويحاسب علي فعلها، وهي مشكلة، وظاهرة غير صحية بل هو مرض نفسي خطير اعوذ بالله، ويجب وضع حد اليه كأي جريمة اخري يتعامل معها المجتمع، وان المرأة التي بين يديه، والتي الي الآن لم يعرف قيمتها هي الجزء الآخر للمجتمع ويجب عدم التفريط في حقوقها، ويجب ان لا يعطل او يشل، لان يد واحدة لا تصفق ابدا .