المرأة ولحظة وعي



رحاب حسين الصائغ
2010 / 2 / 24

المرأة ولحظة وعي
في
يومها العالمي
الجميع على تماس مع عوالم التطور والتيارات العارمة من المعلوماتية، الغالبية لم يكونوا جاهزون لمواكبة تلك التيارات الاَّ شكلاً أو تباهي، لو عدنا لأنفسنا في لحظة وعي، سنلاحظ باننا لابد وان نعيد النظر بالمناهج التربوية لوجودنا، ونعيد بنائنا بمنظور الايدلوجيات التي منطلقها، الوطن، الانسان ونكران الذات والبحث عن الوعي بالمحصل الثقافي وروح الانتماء، ولو فكرنا قليلاً بما حصلنا عليه من توجيه ومعرفة، لوجدنا ما أرادوا أن نعرفه تحصيلياً عبر نوافذ فتحتها وسائل الاعلام العالمية، صيغت مناهجها من قبل أدمغة، هي قررت زمانها ومكانها، غالبا ما يحكمها الحس السلطوي وطغيان الانا، وطرحت عناوين أطلق عليها مصطلحات هي مداخل لنظريات، بالنسبة لمفاهيمنا أشياء زئبقية دخلنا دوائرها ودرنا معها، قادتنا لبر خارج بر الامان، وما عادت علينا بكسب او فائدة، فهمنا انها من عامل الزمن( من والى)، على الانسان الذي يريد تخطي مخلفات الماضي السيئة، ان بيحث عن الحاجة التي تقدم له الفائدة، ليس بدوافع ساذجة أوحذر يثقل كاهله، والانسان غير المنظم ( موجه) تقوده دائماً هواجسه، من يهمس في جب الطين محتميا بظهر فكرة أثرت به من ايام كلكامش، ويزرعها في قلب ابنه وينسى ان يسقيها، تنشأ كجمر الملحمة فيعيش ابد الدهر جاف الافكار.
منذ فترة التقيت بامرأة أعرفها عصامية، أردت أن تقص لي شيء من ماضي حياتها، إجترت الذكريات بسمو عالي مفتخرة بما قدمت لنفسها:

- (( أنا امرأة جاوزت الستون من العمر تعلمت ان امنح نفسي الفرص ولا انتظر من أحد ان يقدمها لي، الاعجاز ينمو منذ الصغر على أطراف
ايامنا نحن الإناث، ليس لنا الحق ان نمارس تنفسنا الطبيعي، أما نفحات الغضب يجب أن نخزنها بين طيات الملابس، أرادونا أن نكون جهلاء وجزء من " النساء الحريم وجواري السلطان " والذكر له كل السلطة، أو أن نموت كمداً ونتعلم فنون القهر السائد على العبيد، لم أنكر التوازن الطبيعي لوجود المرأة والرجل جنبا لجنب، من أجل تعايش اجمل، لكني في لحظة وعيت كل الافكار، عبث الكبرياء جادأ، أوقفته وفكرت ان احرق منازل الاسلاف، واتشعب بخيالي لهدم معابدهم واترك صلواتهم المغشوشة والوانها البدائية، وأزرع أزهاري على الدروب والسواقي التي احتلت أفئدتهم الفزعة، أما لواء شرفهم أصونه من أجلي، هم أول من احتل براءتي وقادوني لقمامة الايام، لذا هممت ببسط بهجتي على سواداتهم القاتمة، نزعت قلائد أشباحهم من افكاري وحياتي، فما عادت سحابة الندم تقود لحظات توجهاتي المستقبلية، نثرت النجوم بإلوهية الانسان الحر، ووهبت نفسي ابعد نقطة من اشعاع الشمس ولبست ثوب العطاء والحركة، تعلمت التواصل مع ايقاعات الحياة في ظل عقلي واحلامي، هززت مهودهم بطريقتي، ابعدت ضجر ظنونهم بما ملكت من رجاحة عقل، نمت اغصان اعشابي بعيد عن أنانيتهم، لم ادعهم يهابون تصرفاتي بل يحترموها، وليس بالسهل ما حصلت عليه، رغم أني امرأة شاعت صور الواقع عندي بما قدمت لنفسي من وعي، حصلت عليه بالمطالعة الحرة والمتنوعة وكسب المعرفة لكل ما يؤهلني ان اكون قائدة وضعي بينهم، ولم اترك اعماقي حزينة تبحث عن حقيقة اصل لصورة لم تتحقق، وتباريت ان اكون أنا وليس هم )).
تركتني ابحث عن من مثلها بين الاناث في زمننا، وكانها اعادت لي كل الاجوبة التي كانت تحيرني ومنها " الانسان هو خالق النجاح لنفسه إن اراد أن يكون " ، البشر صناع الخير والشر، الظلم والرحمة، الوهم والحقيقة، الشرائع والقانون، التخلف والحضارة، الشرف والانحطاط، وكل ما يمرون به؛ لو تمعنوا النظر بأمر وجودهم لزمن محدود، كي يغادروا بسلام زمنهم، والعمل على تحقيق معاني الحياة ليس بالصعب إن ارادوا ذلك، لنسأل أنفسنا: ( من هم الحكماء؟ من هم الابطال؟ من هم القادة؟ من هم الأقوياء؟ من هم المخلدون؟ كلهم من البشر.) تميزوا بما قدموا للإنسانية من أعمال، ولدوا بنفس الطريقة كبروا اجتهدوا شاخوا ثم ماتوا، الجهلاء والبلداء والقاصرون، هم من لم يقترب من صروف الحياة، ولم يحلقوا حول الذين تفكروا، فزال اثر ذكرهم مع زوالهم، الجميع يجهل متى يموت وكم سيعيش، لذا علينا التفكير وكسب وقت وجودنا فيما نقدم لأنفسنا من فائدة ولمن حولنا، المرأة هي التي تحتاج الى التامل والتحليل والتأني، واليوم الذي سُنَّ ليكون يوم المرأة العالمي، أتساءل: كم امرأة سالت نفسها ماذا قدمت في هذا اليوم على الاقل فيما يخدمني؟، وكم امرأة قامت بعمل من أجلها ولم تنتظر ان يقدم لها شيء من قبل أحد، وهل هناك من الاناث من فكرت في تغيير مسار من مسارات حياتها، لمسار آخر يضعها في مصاف الخالدات؟؟؟.
الكاتبة / من العراق / الموصل