فتاوى لإيقاف عجلة التطور ولإعاقة تقدم المرأة في الحياة



مصطفى محمد غريب
2010 / 3 / 1

ليكن احتفالي بيوم المرأة ( 8 ) آذار العالمي بهذا الموضوع الذي أراه مناسبة لتعرية المواقف المعادية للمرأة وحقوقها ومكانتها الكبيرة في المجتمع وعلى ما اعتقد انه واجب وطني يقع على عاتق كل من يقف مع المرأة ويدعم نضالها وكفاحها لكي تأخذ مكانها الطبيعي في المجتمع ومن هذا المنطلق المساند والمضاد لمواقف البعض من رجال الدين الإسلامي الذين يعتقدون بان الفتوى علاج لوقف التطور وإعاقة تقدمه بما يصدرون من فتاوى حول قضايا أصبحت تقلقهم وتقلق تصوراتهم بان الدين والشريعة في خطر ويجب حمايتهما ــ ممنْ؟ من العلم وتطور المجتمع !! ومن حقوق المرأة المشروعة في الحياة، بينما الواقع أنهم يرتكبون الخطأ تلو الخطأ الذي يجعل الناس تفكر جدياً باتساع الهوة ما بينهم وبين المؤسسة الدينية التي يجب أن تكون للدين ثم الخلط الغريب ما بين الدين والسياسة وعند ذلك تعتبر الفتوى لا تتلاءم مع العصر الحجري وليس الجاهلي وقد دأب هؤلاء على انتهاج هذا الطريق بعدما وجدوا أنهم يفلسون يوماً بعد يوم أمام الوعي الاجتماعي والثقافي والسياسي والعلمي الذي يتطور والثورة المعلوماتية وانتشار وسائلها والاتصال بالعالم كوحدة ألغت ذلك السور الذي يفصلهم عن باقي الشعوب والمشكلة التي يستغرب منها الناس أن أكثرية الفتاوى تصب ضد حقوق المرأة وتحاول إعادتها إلى سلطة الحريم والجواري بدون الالتفات إلى الواقع الموضوعي وما جرى من نجاحات حول حقوق المرأة في العالم ومشاركتها في أكثرية الأنشطة السياسية والثقافية والاجتماعية ومزاولتها شتى المهن بما فيها الوقوف كتفاً لكتف مع الرجل في إنجاز المهمات الكبيرة وفي مقدمتها اكتشاف معالم الفضاء كعالمات ومهندسات وطبيبات وطيارات ومحاميات وقاضيات وعاملات وفي أجهزة الشرطة والجيش وغيرهما وسياسيات احتلن مواقع المسؤولية في العديد من الدول ووزيرات وبرلمانيات وصحفيات معروفات.. الخ والمتتبع للفتاوى التي أطلقها رجال دين من مصر والسعودية وإيران ومن دول عربية وإسلامية أخرى يحس أنها تريد إيقاف عملية المعرفة كبناء حضاري ينقل الوعي الاجتماعي ومفرداته المتخلفة إلى القناعة بالعلم والتطورات التي تجري على المجتمعات البشرية بما فيها البناء الاقتصادي والتنوع الثقافي ومحاولة الإنسان للسيطرة على الطبيعة لمصلحة البشرية ومستقبلها وبما أن المرأة تشكل العامود الفقري للمجتمع وهم يعرفون هذه الحقيقة لكنهم يحاولون إخفائها بشتى الطرق والوسائل فان ما يصدرونه من فتاوى تصل في بعض الأحيان إلى 90% حول المرأة وحقوقها وواجباتها وعملها فيثيرون الغبار ويتعكزون على الشريعة ويجتهدون لمصلحتهم وقياصرتهم من الحكام ودائما يحاولون الدق على قضية أن المرأة عورة في المجتمع أو إنسان ناقص ليس له الإدراك الكامل ويجب تسييره وتعديل خطاه أو قضايا العمل والزواج والمعاشرة حتى في قيادة السيارة الخاصة بها التي تستخدمها لخدمة عائلتها وأطفالها وعملها الوظيفي المختلف واليوم وبعد سلسلة من المغالطات والمتناقضة مع بعضها أصدر الشيخ السعودي عبد الرحمن البراك في يوم 21/2/2010 فتوى غريبة جداً تحفز الذين يسيئون للدين الإسلامي الفرصة لاستغلالها ضد المسلمين المنتشرين في العالم واعتبارهم إرهابيون وظلاميون ومتخلفون عن الركب الحضاري بتأكيد فتوى هذا الشيخ وما قام به الفكر التكفيري من جرائم ضد الناس الأبرياء في العالم والضجة التي أحدثتها هذه الفتوى في السعودية قبل غيرها عبارة عن تصريح يدل على مدى وحشيتها وبربريتها تخالف الفكر الإسلامي الحقيقي بل نؤكد أنها بالضد منه فهل من عاقل أن يصدق الفتوى تحلل " قتل كل من يسمح بالاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين العمل والعلم والتعليم في السعودية " ألا يلاحظ المرء السعودي قبل غيره أن هذه الدعوة للقتل لا تستثني حتى ملك السعودية وحكامها الآخرون الذين سمحوا للمرأة بالعمل والتعليم ولو بحدود ولهذا يجب قتلهم قبل غيرهم ؟ وعلى الرغم من السعي المستمر لتحسين واقع المرأة السعودية ثم المحاولات الإصلاحية التي تحاول انتهاج طريق المسامحة والتعقل بدلاً من إثارة الفتنة وخلق الصراعات الدينية والطائفية بعدما وجدوا أن الإرهاب لا يفرق بين الشعب السعودي والشعوب الأخرى، لقد أصاب الذهول الملايين من البشر وبخاصة الذين اطلعوا على فتوى عبد الرحمن البراك الذي ناهز ( 77) من العمر " جواز قتل من يبيح الاختلاط في ميادين العمل والتعليم" واعتباره كافراً مرتداً يجب قتله وقال بالنص " من استحل الاختلاط فهو مستحل المحرمات، ومن استحلها فهو كافر، ومعنى ذلك أنه يصير مرتداً، فيُعرّف وتقام الحجة عليه فإن رجع وإلا وجب قتله" وهو لم يكتف بل تناول الرجل الذي يسمح لزوجته وأخته بالعمل والتعليم مع الرجال بالشخص " الديوث " بدون كرامة ولا غيرة على عرضه وكيف يستطيع قتل من يساعد على الاختلاط بين الحجاج والحاجات إلى بيت الله الحرام والعمرة فهو اختلاط بحق وحقيقي وليس فيه أي ستائر لا من قماش ولا من زجاج، لا اعرف ما موقف ملك السعودية وحكامها من مثل هذه الفتاوى التي تزعزع مكانتهم قبل غيرهم؟ ولا أعرف هل يفقه الملك السعودي وحكام السعودية ووفق هذه الفتوى أن ينالهم عقاب القتل في مسالة الحج والعمرة؟ وبخاصة هنا يجري الحديث عن التطورات والبناء واستخدام الوسائل العلمية لتطوير المجتمع السعودي، سؤال موجه لهم قبل غيرهم لان ما يقوم به البعض من رجال الدين عندهم وفي بلدان إسلامية أخرى عبارة عن محاولات لوضع العصا في العجلة وهو جهد فارغ سرعان ما تتحطم العصا مهما كانت قوية أمام عجلة التقدم والتطور الحضاري والصناعي والاختراعات العلمية وعالم الالكترونيات والرابوت ، لقد بدأ الناس يشككون بخلفية أهداف الفتاوى ففي كل فتوى من هذا النوع شبح القتل والذبح له مبررات تصدر وكأنها إلهية لا يمكن المساس بها وعلى ما أتذكر تلك الفتوى التي أفتت بقتل أصحاب الفضائيات " نقعها الذي أفتاها وشرب مائها " وفتوى بالقتل على امتداد القرن العشرين وما تلته من سنين لكنها لم تستطع أن تهزم العلم والتقدم في جميع المفاصل ومن يلقي نظرة على بداية القرن العشرين وليس ابعد من ذلك وما وصلت له العلوم والاختراعات في الوقت الحاضر وكيف تطورت المجتمعات البشرية على الرغم من اختلاف أديانها وقومياتها وأعراقها سيتأكد أن ذلك العالم المتخلف قد انهزم ليس بفضل الفتاوى بل بفضل العلم والعلوم والجهود البشرية للتخلص من التخلف والفقر والأمراض وسوف تهزم كل الفتاوى التي ترفضها الحياة وترفض تزكيتها وسوف تبقى المرأة أراد عبد الرحمن البراك أو الدهاقنة المعادين لحقوقها نصف المجتمع وعاموده الفقري وبتطورها وتقدمها تتقدم المجتمعات وتتطور ولن تكون هذه الفتوى عائقاً أمام احتفالنا بيومها المجيد يوم ( 8 ) آذار عيد المرأة العالمي وليمت التكفيريين السلفيين والأصوليين في غيظهم وحقدهم الدفين ـــ فقط نقول لعبد الرحمن البراك ارجع واسكن الخيام بدلاً من القصور المكيفة على آخر طراز أوربي أمريكي واركب الجمال والحمير والخيل بدلاً من ركب السيارات الفاخرة والمزودة بأحدث وسائل التقنية الحديثة لأنها من صنع الأيادي الأجنبية المشتركة من الرجال والنساء ونشك أنك تفعلها أو تمتنع عن رؤية التلفاز والانترنيت أنت أو فراد عائلتك أو أقربائك والمجاميع التي تخصك شخصياً! افعلها أولاً وبعد ذلك سندرس فتواك!!