المرأة الفلسطينية في يومها العالمي



فاطمه قاسم
2010 / 3 / 8

كيف تبدو أوضاع المرأة الفلسطينية، بعد ثلاثة وأربعين عاماً من الاحتلال الإسرائيلي، وهو أبشع احتلال في التاريخ الإنساني؟

وكيف تبدو صورة المرأة الفلسطينية، بعد ثلاث سنوات من الانقسام وتداعياته الأخرى مثل الحصار والدمار والانشطار الاجتماعي والسلوكي والثقافي والنفسي؟

الأجوبة عن هذه الأسئلة، متوفرة بكثرة، وواضحة ، ولا يتجاهلها إلّا كل متجاهل للشعب الفلسطيني، بسبب أن المرأة في حياة الشعب الفلسطيني، ونكبته المستمرة منذ عام 1948، وحياته الصعبة تحت الاحتلال أو في المنافي والمغتربات، هذه المرأة الفلسطينية على وجه الخصوص لها دور مشهود، فهي واحدة من المكونات الرئيسية للذاكرة الفلسطينية، وهي جامعة عنيدة لشمل العائلة الفلسطينية، وهي الصابرة على صعوبات الحياة وأيامها العسرة، وهي التي تستقطر من مرارة الأيام ماء الحياة لعائلتها وأطفالها وأجيالها، لأنها لا تتحمل صعوبة أيامها وحدها، بل تتحمل القهر الذي يصيب الرجل، زوجها، أو أبوها، أو شقيقها، ولولا مخزون الصبر والذكاء الاجتماعي، وموروثها الثقافي العريق، لكانت الأسرة الفلسطينية في أسوأ حال.


كيف تبدو صورتها الآن؟
وخاصة بعد هذا الانقسام، الذي حرمها على الأقل من شعورها بالزهو الوطني حين تحتمل الضرر من الاحتلال، بينما حين تحتمل الضرر من الانقسام، فإنها تكون في محنة حقيقية لا عزاء فيها ولا مجد ولا افتخار، أنظروا إلى أم يقتتل ابناها حتى يقتل أحدهما الآخر، أو يقصي أحدهما الآخر، أو ينفي أحدهما الآخر، بينما العدو والمحتل والغاصب الملعون يدّعي البراءة، ويملأ الأجواء وفرحاً؟

أنظروا إلى عائلة صغيرة، لا تجتمع في عرس ولا في عزاء، يلوّح أبناءها بالأعلام، فتتحول الأعلام إلى مادةللخلاف ويصبح الوطن الصغير المتاح محظوراً بين الطرفين، ويصبح الحلال حراماً، والمباح ممنوعاً، والزواج مشروطاً بالأيديولوجيا، وكسرة الخبز مرهونة بالانتماء السياسي.

المرأة في موقعها في المجتمع الفلسطيني، في الأسرة الصغيرة "النواة"، وفي الأسرة الكبيرة "الشعب"، موقعها حساس جداً، ومن خلال موقعها، تتأثر أكثر، وتكشف أسرع، وتؤشر بشكل أدق على مواقع الخلل، وعلى مواضع الألم، وعلى أوجه الخذلان والطغيان والقصور.

لا تنخدع المرأة بالكلمات، لأنها تعرف إن كانت الكلمات ستتحول إلى وقائع حقيقية أم ستظل كلاماً في كلام، إنها كشاف المجتمع، وضمير المجتمع، وورقة عبّاد الشمس التي تنعكس عليها بوضوح كل التفاعلات.

استمعوا إلى المرأة الفلسطينية في عيدها العالمي، استمعوا إليها يا أصحاب القرار، أيها السياسيون، حتى لا تجدوا أنفسكم في مدن التناقض والتراجع.

إن أول خطوة في الثورة الفرنسية العظيمة كانت مظاهرة النساء في باريس، وأول صوت في الثورة الروسية مظاهرة النساء في موسكو، فاستمعوا إلى المرأة الفلسطينية، لعلها تمنحكم صيحة الإنقاذ.
وتحية للمرأة في كل مكان بالعالم التي ما زالت تناضل ضد التغييب وتجاوز الحقوق والحضور .
وتحية للمرأة الفلسطينية الصامدة في أرضها وتحية للمرأة الأسيرة التي تناضل من اجل حماية أملها في التحرر وحلمها في الحياة .