الكوتا الية لمواجهة الهيمنة الذكورية



شذى الجنابي
2010 / 3 / 10

ناشطون مدنيون:
الكوتا الية لمواجهة الهيمنة الذكورية

بغداد – شذى الجنابي
تشير بعض المعطيات الى هشاشة واقع المرأة وعدم وجود الفرص الحقيقية المنافسة مع الرجل دون الاعتماد على نظام الكوتا، عد البعض لجوء بعض الأحزاب الى ترشيح نساء من ضمن قوائمها ماهي الاستجابة شكلية وقانونية لتحقيق نسبة تمثيل مناسبة ، وطرح عدد من البرلمانيين والناشطين في منظمات المجتمع المدني رؤيتهم بشأن الدور المؤمل للمرأة للمشاركة السياسية في ضوء التجربة السابقة وما يسمح بها الظرف الراهن وما تفرضه مقتضيات الوضع الثقافي للمجتمع .

وقالت الناشطة فاتنة بابان : الكوتا النسائية نظام اقره الدستور الا انه مع ذلك مبدأ غير دستوري ومخالف له لان الأصل هو المساواة وعدم التمييز ، وعدم التفرقة أمام الدستور، أما نظام الكوتا النسائي فهو تكريس لهذا التمييز حين يضمن للمرأة نسبة معينة من المقاعد النيابية والمحلية فهو بحد ذاته تمييز ضد المرأة ويتعارض مع مبدأ المساواة التي تطالب بها النساء، الا انه الطريق الوحيد لايصال المرأة الى المقاعد النيابية والمحلية في مجتمع ذكوري لا يساوي بين المرأة والرجل رغم النص عليه دستوريا، والادعاء الباطل بالمساواة، والنظرة السلبية تجاه مشاركة المرأة ودخولها الحياة العامة في مجتمع محكوم بتقاليد وأعراف تعمل على تعطيل دور المرأة وهو الذي يحقق للمرأة مشاركتها السياسية ،حيث أن أوضاع حقوق الانسان خاصة قضايا المرأة مازالت تعاني من صعوبات ومعوقات وما زال حقها في الحياة والأمن يشكل هاجسا خطيرا في ظل تزايد الانتهاكات المرتكبة بحق النساء ما يزيد من هشاشة وضعها وانتهاك لحقوقها المدنية والسياسية والاجتماعية والقانونية، لذلك فان تردي وضع المرأة العراقية ما هو الا انعكاس ومؤشر لتردي الحالة العامة التي تشهدها البلاد الى جانب تحكم العادات والأعراف القبلية في المجتمع اضافة الى تعطيل العمل بالكثير من المواد القانونية وايقاف الكثير من التعديلات التي كانت لصالح المرأة سواء على صعيد قانون الأحوال الشخصية أو على صعيد قوانين العمل التي كانت تشكل نوعا من الحماية للمرأة،


الوصول الى البرلمان
فيما اكدت الناشطة خالدة النوفل : نحن نعلم ان نسبة الاناث في مجتمعنا هي اكبر من نسبة الذكور فيحق لنا التساؤل اين المشكلة ؟ مادام عدد الذين يحق لهم الانتخاب من الاناث اكبر من عدد الذكور، المشكلة كما هو معروف أن المرأة لاتنتخب المرأة وهي بحكم طبيعة تربيتها المحافظة لا تتقبل كل مايكسر ما اعتادت عليه واضرب لكم مثالاً في اواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر كان هناك مقترح في أوروبا لاعطاء المرأة حق الاقتراع وان تكون ناخبة ، ومن عارض المرأة لمنح هذا الحق كانت القوى اليسارية والاحزاب الشيوعية في حين ان من المفروض ان تعطي هذه الاحزاب المرأة حقوقها ، والسبب في تحليلها لتركيبة المرأة كانت تركيبة محافظة لذا لو اعطيت حق الانتخاب سيكون هذا لصالح الاحزاب المحافظة وما الى ذلك . بصفة عامة يمكن اعتبار نظام الكوتا انتقالاً من احد مفاهيم المساواة وهو مفهوم تكافؤ الفرص الى تكافؤ النتائج على اساس ان اسقاط الحواجز الرسمية ليس كافياً في ظل عوائق واقعية و عملية ، لذا يعد نظام تخصيص المقاعد وسيلة لتحقيق تكافؤ النتائج والقفز فوق العوائق الحقيقية المعلن منها وهي بذلك ليست للتمييز ضد الرجل بل لتعويض المرأة عن التمييز ضدها ، الا ان نظام الكوتا سلاح ذو حدين وفي كل الحالات له وجهان فأذا كان الوجه الاول ايجابياً كونه يحقق نسبة وجود نسوي في الهيئة التشريعيه سواء في العراق او اي دولة اخرى تأخذ بنظام الكوتا والوجه الثاني لهذا النظام أوتائيره الجانبي وهو السلبي ، فيتمثل في ركون النساء الى الكوتا واعتبارها حقاً حصلت عليه ولكنه يجعلهن اتكاليات في مسألة الحضور في البرلمان ومن ثم سنكون امام نسف كل جهد ممكن تحققه المرأة ضمن سعيها السياسي النزيه للوصول الى البرلمان بالمنافسة .

وتساءلت النوفل هل فشلت المرأة العراقية في نقل نجاحها الكبير في بيتها وفي كل المجالات التي خاضتها بنجاح الى الساحة السياسية ؟ ام ان النموذج البرلماني الجديد الذي فرض الكوتا وادخل المرأة باستحقاق وبدون استحقاق الى المعترك السياسي و اقحمها داخل قوائم الاقوياء الانتخابية وصادرصوتها داخل القوائم هو السبب ؟ هنا تتداخل عوامل عديدة وكما ذكرنا عوامل مركبة و معقدة ، ثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية اضافة الى واقع النتائج الانتخابية وحصول القوائم ذات الطبيعة المحافظة على الاغلبية البرلمانية . ولدي ملاحظة بخصوص عضوات مجلس النواب ارجو ان لايعتبرن هذا تجريحاً بحق النائبات النشيطات انا اتكلم عن قاعدة عامة ، فأن عدد السيدات في البرلمان اكثر من (70) سيدة ، كم من هذا العدد هن فعلا ً من الناشطات اللواتي يمثلن المرأة ويمثلن الشعب العراقي كله ؟ اين الناشطة والفاعلة والتي لديها فعلا حضور ؟ البرلمانيات لم ينجحن في الحصول سوى على رئاسة لجنتين من لجان البرلمان الدائمة والبالغ عددها خمساً وعشرين لجنة وهما السيدتان الاء الطالباني و سميرة الموسوي وربما كان الحياء من وراء رئاسة هاتين اللجنتين للنساء فلايعقل ان تمنح لجنة المرأة للرجل داخل البرلمان وكأن هناك وصفاً لمتجر كبير يديره الرجال بنجاح بالتأكيد ويُعطى شعبة الملابس النسائية والمكياج للمراة وليس للرجل ، لا نحسب ان فشل المرأة في رئاسة العدد المناسب من لجان البرلمان الا لضعف المرأة البرلمانية وفشلها في فرض شخصيتها القيادية على زعماء الكتل البرلمانية وعلى الناخب العراقي قبله ، فالبرلمان خصص الكتلة النسوية من اجل تفعيل دور المرأة في صنع القرار السياسي فهل ياترى هذا اقرار بعدم فاعلية دورها قبل تشكيل هذه الكتلة ؟ تساؤل اخر لماذا لم يتم اختيار رئيسة لهذه الكتلة ؟ لماذا جعل الامر شورى ؟ وماهي انجازات هذه الكتلة ؟ وعبرت النوفل ربما تتظافر عوامل عدة تبرر سلبيات صعود نساء عن غير استحقاق عبر نظام النسبة ومن ثم فان القاء الضوء على هذه السلبيات لايقلل من أهمية تبني هذا النظام كما ذكرنا ، الا أن هذه النسبة يجب ان يتواكب معها ادراك من جانب المرأة ذاتها لأهمية تفعيل مشاركتها السياسية والبرلمانية ، كما ان على المجتمع ايضا ان يدرك اهمية هذه المشاركة وضرورة مساندتها وان تقوم وسائل الاعلام و ادوات التنشئة السياسية الاسرة ، المدرسة ، الجامعة والاحزاب بدور اكبر في نشر الوعي باهمية المشاركة السياسية للمراة .

الكوتا النسائي

وتقول الناشطة بسمة الخطيب لقد كانت الانتخابات الحرة لوحدها غير كافية في المجتمعات الذكورية كي تأخذ المرأة حقها في المشاركة السياسية دون دعم نظام الكوتا النسائية اضافة الى اننا لا نملك أحزاباً ديمقراطية علمانية، ليبرالية، حقيقية فاعلة، لنصرة المرأة ومساندتها على مختلف الأصعدة، وما موجود من أحزاب ديمقراطية،هي أول الداعمين للتيارات التي تقمع المرأة وتعطل دورها الاجتماعي والسياسي.
واضافت الخطيب أمام هذه المعطيات التي تشير الى هشاشة واقع المرأة وعدم وجود الفرص الحقيقية في المنافسة مع الرجل دون الاعتماد على نظام الكوتا، ولجوء بعض الأحزاب الى ترشيح نساء من ضمن قوائمها فقط استجابة شكلية وقانونية لتحقيق نسبة الكوتا النسائي، وعلى الرغم من ان الدستور كفل تمثيل النساء بالكوتا، الا ان اغلب الناشطات يجدن أن تمثيلهن اسمي وغير فعال، وقد بينت المعطيات السابقة ان المرشحات عن القوائم السياسية خاصة في القوائم المغلقة اغلبهن لا يملكن القدر الكافي من الكفاءة أو الشجاعة الادبية ولا حتى أدنى مقومات الثقافة السياسية، بل حتى أن بعض النائبات لا يملكن ثقافة قانونية تلك الثقافة المهمة والضرورية في تشريع القوانين بالاضافة الى المستوى الثقافي والسياسي لديهن متواضع جدا .



الكفاءة المفقودة

فيما اوضحت الناشطة نورا الخفاجي : بان قرار نظام الكوتا الذي منح للنساء العراقيات نسبة 25% من المقاعد البرلمانية في المجلس التشريعي واجه معارضة شديدة من الرجال على اعتبار ان هذه النسبه مبالغ فيها .. حيث ان انجازات المرأة بسيطة جدا في الفتره التي تواجدت فيها في البرلمان ، بينما لاقت تاييدا كبيرا من جهات اخرى تشجيعا لدور المرأه الكبير في الساحه العراقيه وعلى كافة الاصعده ، ومن جانب اخر فان التجربة البرلمانية في العراق ماتزال فتية والقصور يتحمله الجميع ولايوجد في البرلمان الا القليل من ذوي الخبرة، وجميعنا ندرك بأن الكتل السياسية بطبيعة تكوينها اسست بناء على الانتماء القومي او الطائفي او الحزبي الضيق، وبالتالي كان الاختيار للمرأة على اساس اطاعتها لتوجهات تلك القائمة، للمرأة التي تقول نعم لكل الاوامر الصادرة من هذه الجهة وتلك، فكان الاختيار ضعيفاً مع عدم وجود خلفية وخبرة سياسية لاغلب البرلمانيات، مثلا ان احدى النائبات تصرح لوسائل الاعلام بانها ضد الكوتا ، ولكن لولا الكوتا لما وجدنا امرأة واحدة في البرلمان ، لانه مايزال الرجل يحتكر العمل السياسي وخاصة في الاحزاب والحركات ، ويمنع المرأة من اخذ فرصتها. والبعض من البرلمانيات ضد قضية المرأة ومصلحتها نتيجة للكفاءة المفقودة وعلى هذا الاساس نحتاج الى صبر،ونحتاج دورة او دورتين حتى تنضج الامور.


من جانبه قال الناشط مازن احمد العبيدي : الكوتا اهم انجاز حققته المرأة بنضالها منذ عام 2003 وبالرغم من الجوانب الايجابية للكوتا ومنها فتح الباب لاستمرار المطالبات بحقوق النساء واشراك النساء لاول مرة في عمليات اتخاذ القرار واضطرار الاحزاب السياسية الى ادخال قضايا المرأة في ادبياتها فأن للكوتا جوانب سلبية ايضاً منها انها تحولت الى سقف في حقوق النساء وجعلت النائبة في مجلس النواب تأتي في الدرجة الثانية في النقاشات البرلمانية بعد الرجل وتحولت الصورة النمطية للنساء في مجلس النواب الى انهن غير مؤهلات وجئن لسد الفراغ بل ان من اخطر سلبياتها ان بعض النساء ممن جئن عن طريقها يحاربنها ويقفن ضد حقوق المرأة فيها وبينما يبدي مؤيدو الكوتا دفاعاً عن أيجابياتها ينتقصها أعداؤها من خلال سلبياتها وهذا ما جعل الكوتا مهددة بعدم الدوام بالرغم من تثبيتها بالدستور وكان هذا الامر واضحا في تشريع قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي حينما تحولت قضية الكوتا الى صراع شارك في جانبه رجال ونساء ولكن على الرغم من كل سلبيات الكوتا الا انها مازالت اهم فرصة متاحة للنساء للصعود الى مجلس النواب واقتحام العملية السياسية ومع التحول الواضح في المناخ السياسي العراقي وابتعاد المواطن عن التاكيد للكتل الطائفية وتطلعه الى بناء دولة مدنية تتوسع الفرصة للنساء المستقلات لخوض الانتخابات والفوز بالمقاعد التشريعية سواء في مجلس النواب او مجالس المحافظات اوالاقضية او النواحي.

الاستحقاق النسبي
ويعتقد الناشط عبد المنعم السوداني بانه لم يكن احد متفضلا على الدورالذي تلعبه الآن المرأة العراقية في الأوساط السياسية ، واذا ما تكلمنا عن التحديات التي تواجه المرأة العراقية الآن في البرلمان وفي العملية السياسية ، لا بد أن نشير أن العملية السياسية بدأت مع المرأة في العراق على أساس اللائحة ابتداءا من دخولها في العملية السياسية وكانت بنسبة 25% أو أكثر من هذه النسبة، فجاءت هذه النسبة بالبرلمان لأنها كانت مفروضة على الأحزاب السياسية, أنا لا أستطيع أن أقول كل الأحزاب السياسية طبقتها لأنها مفروضة ولكن الاغلبية طبقتها ، فعندما دخلت المرأة في البرلمان العراقي بهذه النسبة لم تكن هناك أرضية مهيأة لهذه النسبة بالحقيقة, رغم أن المرأة العراقية تستحق أن تتمتع بهذه النسبة وأكثر وذلك لمكانتها وتضحيتها في المجتمع العراقي عبر الزمن, ونسبة المرأة العراقية الآن في المجتمع هي 53% أو أكثر فهذا أقل شيء يجب أن يقدم لها على طبق من فضة لكثرة تضحياتها ومكانتها المرموقة في المجتمع كأم وكأخت وكزوجة وكعالمة, لا سيما أن المرأة العراقية منذ الأربعينات تحمل شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة والإنسانية.