ليس للمرأة حقوق



محمد حسين الأطرش
2010 / 3 / 10

أن يكتب الرجل عن الحركات النسائية والمطالبة بحقوق المرأة أمر ليس بالأمر السهل. لكن اليوم العالمي للمرآة في الثامن من آذار وما يقام فيه من احتفاليات على مستوى العالم لا يترك مجالا لعدم الخوض فيه خصوصا إذا كانت الدعوات للمساواة في الأغلب الأعم إنما تصدر من جمعيات ومؤسسات نسائية تتولاها نساء على أساس أن من أقدر من المرأة على السهر على قضية نسائية بامتياز، هكذا حرصت الجمعيات والمؤسسات النسائية على تصويرها. ولأن اليوم العالمي للمرأة هو يوم للمرأة في العالم أينما وجدت فلا بأس من المغامرة في الخوض فيه.
يقتصر الأمر في بعض الدول الغربية في كثير من الأحيان على الفرق في الدخل بين الرجل والمرأة أو في عدم تمكين المرأة أو مساعدتها من دخول معترك الحياة العامة وتوليها نسبة مئوية معادلة للرجل لكن الأمر في كثير من الدول الآخرى لا يقتصر على الفرق في الراتب أو دخول معترك الحياة السياسية. في كثير من البلدان لا زالت المرآة تعاني على كافة المستويات حتى في نصوص القانون التي من المفترض أن تكون قد تمت بإرادة واعية لطبقة نخبوية ناهيك إذا عن الواقع الإجتماعي والعادات والأعراف التي تسود الكثير من المجتمعات والتي لا تزال تعزل المرآة وتبعدها حتى عن أبسط الممارسات الإنسانية.
هل للمرأة حقوق؟
سؤال مستفز وفيه من الإنكار ما يشي بما سيحتويه الجواب لكن قبل إصدار محاكمة من هذا النوع حبذا لو استعرضنا بعض ما تطالب به النساء في بعض الدول والعمل على تكييف وتأصيل هذه المطالبات لمعرفة جنس هذه الحقوق وهل هي حق للمرأة؟
في لبنان مثلا، لا يحق للمرأة أن تعطي الجنسية لزوجها الأجنبي ولا يحق لها كذلك منحها لأولادها رغم محاولات بعض القضاة إصدار أحكام ربما تؤسس لسوابق من هذا النوع. في لبنان أيضا، يميز القانون الجنائي في مواده بين الرجل والمرأة. الشريعة الإسلامية المطبقة في لبنان وفي معظم الدول العربية والأسلامية في مجال الأحوال الشخصية تتيح للمسلم الزواج بامرأة من ديانة مختلفة في حين أنها تمنع على المسلمة الزواج بغير المسلم.
في السعودية ممنوع على المرآة قيادة السيارة، في السعودية وإيران ممنوع الخروج دون حجاب. هناك العديد من الأمثلة لكن كل تلك القيود هل تشكل حقوقا للمرأة؟
هل للحقوق جنس؟
الحقوق كما الملائكة لا جنس لها وأي حديث عن تحديد لجنس القوانين يصبح كما الحديث عن جنس الملائكة. فالقاعدة القانونية وجدت أصلا لتحكم أناسا دون أي تمييز من حيث اللون أو الجنس أو المعتقد وإلا كانت قوانين عنصرية لا تتفق وشكل الدول العصرية التي من المفترض أن ننتمي إليها مع بداية الآلفية الثالثة. وجدت القاعدة القانونية كما العدالة عمياء لا تنظر للون ولا تفتش عن معتقد ولا تتحسس الأعضاء الجنسية للمواطن رجلا أو امرأة. القاعدة القانونية تحكم إنسانا والإنسان لغة يشمل الذكر والآنثى.
القانون لا يتعرف على الأعضاء الجنسية للإنسان
فكيف لمنطق قانوني سليم أن يقبل بأن اللبناني يمنح الجنسية لزوجته في حين لا يحق لشقيقته أن تمنح الجنسية لزوجها ولأولادها رغم ما في ذلك من مخالفة لقاعدة دستورية تفرض مبدأ المساواة والذي من المفترض أن يكون حقا طبيعيا لا وضعيا. كيف يمكن لقاعدة قانونية أن تلحظ بدلين ماليين مختلفين لعمل واحد على أساس الفرق بين الأعضاء التناسلية للعامل عن العاملة. كيف يمكن لقاعدة قانونية أو حتى شرعية أن تلحظ أن الأنثى لا تستطيع قيادة السيارة فمن غير العروف أن للفرق بين الأعضاء التناسلية تأثير على قيادة السيارة. تلك نماذج وأمثلة لكن الحقيقة أن القاعدة لا استثناء لها وأن الحقوق لا جنس لها.
حقوق المرأة حقوق إنسان
من هنا جاء العنوان بأن نخلع النقاب عن هذه الحقوق لتعود إلى أصلها كحقوق إنسانية لا جنس لها وما الإخلال بها من قبل بعض الدول إلا انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وعليه إذا ما خلعت النساء والجمعيات النسائية عنها رداء النسوية أمكن لكافة المناضلين من أجل حقوق الإنسان الوقوف للمطالبة بهذه الحقوق لأن هذا الأمر يعنيها كحق إنساني أسوة بباقي الحقوق. وعليه فإن الأمم المتحدة عندما أصدرت قرارا دوليا في سنة 1993 ينص على اعتبار حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان كانت محقة رغم أن الكثيرات من المدافعات عن حقوق النساء حول العالم اعتبرته إنتقاصا من قيمة المرأة لأنه برأيها يعبر عن تصنيفها خارج إطار الإنسانية في حين أنه يعبر حقيقة عن أن المرأة وحقوقها جزء أساسي من حقوق الإنسان التي ينبغي علينا جميعا أن نعمل على احترامها.