الإجحاف يلاحق المرأة العراقية والعاملة بالذات



مصطفى محمد غريب
2010 / 3 / 13

الاحتفال بيوم المرأة 8 آذار يرمز إلى التأكيد على حقها في الحياة كإنسان له الحقوق الكاملة مثلما هي حقوق الرجال وقد يزعج هذا التأكيد القوى التي تريدها عبدة أو آلة تستطيع تحريكها وتوجيهها حسب مشيئتها ومنذ ذلك الإضراب يوم 8 آذار 1848 الذي نظم من قبل عاملات النسيج الأمريكيات بالضد من المعاملة غير الإنسانية في العمل بتدني اجورهن وساعات العمل الطويلة وبدلاً من مراعاتهن كنساء فقد قامت الشرطة بإطلاق الرصاص وقد نكل بهن بشراسة ومن ذلك التاريخ إلى حين نداء المناضلة الروسية كلارا زيتكين التي دعت إلى جعل يوم 8 آذار من كل عام يوما لنضال المرأة فكان بحق يوماً جديراً بالثقة الكبيرة في قدرات المرأة في عملية تطوير المجتمع ومساهماتها العلمية المختلفة الأشكال لدعم المعرفة البشرية وتوسيعها ولها مكانتها كمربية وعالمة ومثقفة وأكاديمية في الوقت نفسه ولم تبخل المرأة في تقديم كل ما يمكن لضمان حقوقها وتمتعها بحريتها التي تتسم بروحية عالية من العمل اليدوي والفكري وبما أنها خاضت ومنذ البداية طرق العمل أبدعت كونها عاملة من الطراز الرفيع بما تعلمته ونجحت في أكثرية مجالات الصناعة وعندما أحست بالحيف والاضطهاد الطبقي كانت سباقة في مشاركة أخيها العامل النضال من اجل حياة حرة وكريمة للشغيلة بشقيها اليدوي والفكري ولم تعف من ضريبة الاضطهاد والسجن والاعتقال والإعدام والموت تحت التعذيب ولم تكن المرأة العاملة العراقية بمنأى عن هذا الصراع من اجل حقوقها الطبيعية في البيت وتربية الأجيال وصراعها من اجل الحقوق السياسية والنقابية ومن اجل فرص عمل متساوية مع الرجل وعلى الرغم من اعتراف الجميع كونها نصف المجتمع لكن القوى الظلامية والمتخلفة أصرت على بقائها ضمن دائرة من التقاليد والعادات البالية المتخلفة فحرمتها من مزاولة حقها الطبيعي إلا أن إرادتها وصراعها جعلت البعض يرضخ راضياً أو مقهورا بالاعتراف بها كعامل ايجابي في تطوير المجتمع وفي جميع مرافق الحياة وبهذا استطاعت أن تتقدم على الرغم من العراقيل والمصاعب وإصدار الفتاوى فكان لها دور مميز في النضال الوطني والاجتماعي ، واليوم في ظروف بالغة التعقيد تقوم المرأة بدورها بالرغم من استغلالها والمحاولات لحرف نضالها ومطالبتها بتثبت حقوقها في قوانين تضمن مستقبلاً عدم التجاوز عليها وفي مقدمة هذه القوانين قانون الأحوال الشخصية الذي يجب أن يراعي وضعها بدون غموض أو تسويف ، كما يجب إصدار قانون عمل جديد تقدمي عادل ومنصف يحدد حقوق الطبقة العاملة العراقية ويحميها من التدخل في شؤونها وشؤون تنظيماتها النقابية كما يحدد مصالح المرأة العاملة العراقية في العمل والتعليم وحقها من ممارسة نضالها النقابي وتأسيس جمعياتها بشكل حر ومستقل . حيث تعاني المرأة العاملة العراقية من إجحاف كبير في الاجور والتعيينات وليس مصادفة القول أن القوانين التي شرعها البعثصدامي وفي مقدمتها قانون العمل رقم ( 71 لسنة 1987 ) كانت وما زالت تحدد من حرية العمل النقابي في مؤسسات القطاع العام ولهذا يجب إلغائها واحترام إرادة العمال وعدم التدخل في شؤونهم النقابية والالتزام بالاتفاقيات العربية والدولية فيما يخص حرية التنظيم ومبادئ الديمقراطية النقابية ، وتبقى قضية المرأة بشكل عام والمرأة العاملة بشكل خاص تشغل بال الذين يتتبعون مدى استقبال التطورات التي تعصف بالعالم من قبل الدول والكتل السياسية وتلك التطورات في قضية المرأة العاملة والسعي لتوفير مستلزمات لتثبيت حقوقها وتقديم الأفضل لإعادة تأهيلها من النواحي العلمية والثقافية والاجتماعية والمحافظة عليها باعتبارها حاضنة الأجيال وعنصر مهم من اجل البناء والتقدم الحضاري ولقد أثبتت الوقائع منذ انتشار مفاهيم العولمة الرأسمالية مدى الأضرار التي لحقت بالطبقة العاملة من شغيلة اليد والفكر والمرأة العاملة بشكل خاص والتأثيرات الواضحة على الواقع الاجتماعي وبالتالي المتغيرات على ظروف العمل والمعاناة التي شملتها في مواقع العمل والبيئة التي تحيط بها ولم تسلم المرأة العاملة العراقية والطبقة العاملة من تلك التأثيرات والمعاناة التي تراكمت بفعل السياسة الرعناء التي انتهجها النظام السابق بإصدارة تلك القوانين المجحفة التي حاولت تقسيم الطبقة العاملة وإلغاء نصفها في قطاع الدولة وعلى ما يبدو وبالرغم من مرور أكثر من (7) سنوات على سقوط النظام فان أكثرية تلك القوانين ما زالت سارية المفعول وما زالت النظرة الدونية للعمل النقابي من قبل مسؤولين في قمة السلطة الحالية واكبر مثال ما قام به رئيس الوزراء السابق الجعفري من تجميد أرصدة منظمات المجتمع المدني ومن بينها الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق ثم وضع عراقيل أمام أجراء انتخابات والضغوط المستمرة على النقابات في قطاع الدولة وبخاصة في النفط بحجة قانون ( 150 لسنة 1987 ) الصادر من مجلس قيادة الثورة المنحل لقد آن الأوان لإنصاف الطبقة العاملة والمرأة العاملة بقانوني العمل والضمان الاجتماعي والاهتمام بهما كمصدر أساسي لاستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية وبدونهما سيبقى التقصير والإجحاف والتجاوز على الحقوق وعدم اكتمال البناء للدولة المدنية الديمقراطية التعددية وسيبقى نصف المجتمع ( المرأة ) عاجزاً على إنجاز مهماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولهذا نجد في ( 8 ) آذار عيد المرأة العالمي عنواناً لاستكمال حقوقها ومتابعة مسيرها نحو عالم تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة وتحقيق الحريات المدنية واحترام الرأي الآخر ....