المرأة أوّل شاهد على قيامة المسيح



رياض الحبيّب
2010 / 4 / 4

أكتب هذه المقالة أوّلاً انطلاقاً من الثناء على فكر كلّ إنسان ينظر إلى المرأة بعين المساواة مع الرجل بدون تمييز من أيّ نوع وفي أيّ زمان ومكان، ثانياً في مناسبة حلول عيد القيامة المجيدة، مهنّئاً العالم أجمع مع أطيب التمنيّات له بقبول السيد المسيح فادياً ومخلّصاً لتسُود المحبّة غير المشروطة ويعمّ الخير والعدل والسلام والطمأنينة. نعم، لقد قام السيد المسيح من الموت في اليوم الثالث، فتحقق بالضبط ما ورد في كتب العهد القديم- عهد الشريعة بما فيها من وصايا وأحكام- ليبدأ العهد الجديد وهو عهد النعمة (يوحنّا 1: 16-17) ولينقسم التاريخ إلى قسمين: ما قبل الميلاد وما بعده. فبعد حدث القيامة تحديداً قد بدأ الإنجيل- الخبر السّارّ- بالإنتشار؛ إذ ظهر السيد المسيح لتلاميذه وخدّامه الذين تابعوا- رجالاً ونساءً- مراحلَ صلبه وموته (موت الناسوت وهو الطبيعة البشرية) وتالياً قيامته من الموت بعد مضيّ أقلّ من ثلاثة أيّام، ذلك بقوة اللاهوت وهو الطبيعة الإلهية... التي لا تموت. فنقرأ في البشارة بحسب مرقس 9:16 {وبعدما قام باكراً في أوّل الأسبوع ظهر أوّلاً لمريم المَجْدَليّة...} ليس هذا فحسب، بل طلب إليها أن تذهب إلى التلاميذ لتخبرهم فذهَبَتْ {وأخبرت التلاميذ أنها رأت الربّ...} - يوحنّا 20: 17-18

وسأتوقف عند نقطتين، الأولى: ظهور السيد المسيح أوّلاً لاٌمرأة، إنّهُ من جهة لدليلٌ قاطع على مساواته بين الجنسين بدون أيّ تمييز. فإنهُ «وهو الله الظاهر بجسد رجُل» قد وُلِد من اٌمرأة- بعدما حلّ الروح القدس عليها- وصنع معجزاتٍ للمرأة (مثلما الرجل) وجَعَل أوّلَ من شاهد قيامته اٌمرأة وهي مريم المجدلية- من أبرز شخصيّات العهد الجديد وقد خصّصت لها الكنيسة عيداً في 22 تموز (يوليو) من كلّ عام بصفتها قدّيسة. ومن جهة أخرى، إنّهُ لدليل قاطع أيضاً على أنّ السيّد المسيح قد وقف على الحياد إزاء القرابة الجسديّة فلم يتحيّز لأمّه- مثالاً- ليبشّرها هي أوّلاً. وهذا الموقف لم يكن الأوّل؛ إذ نقرأ في الإنجيل بتدوين لوقا- الفصل الثامن: {19 و جاء اليه أمّه وإخوته ولم يقدروا أن يصِلوا اليه لسبب الجمع 20 فأخبروه قائلين: أمّك وإخوتك واقفون خارجاً يريدون أن يَرَوك 21 فأجاب وقال لهم: أمّي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها}

الثانية: تكليف المسيح للمرأة بمهمّة نقل الخبر قد يرجع إلى أسباب عدّة؛ 1 تميّز هذه المرأة بمحبّة السيّد المسيح وبخدمتها له- يمكن قراءة المزيد عن مريم المجدلية في المواقع المسيحية وفي ويكيپـيديا، الموسوعة الحرّة. 2 شجاعتها إذ بمجيئها صوب القبر قد تحدّتِ الحراسة المشدّدة على القبر وهي لا تدري بأنّ الحراس قد انهزموا من جرّاء الفزع الذي أصابهم بقيامة المسيح (متّى 4:28) بالإضافة إلى المساءلة التي قد تُلاقي من اليهود من جرّاء اٌتّباعها المسيح- وهذا ما حدث لبطرس إذ أنكر معرفته بالمسيح أثناء محاكمة يسوع، قطعاً لم يكن الروح القدس حالّاً على التلاميذ بعد، كان حلوله في اليوم الخمسين لصعود السيد المسيح إلى السماء وهو المعروف بيوم العنصرة. 3 سرعة المرأة في نقل الخبر! وهذا الموضوع قد بقِيَ عالقاً في ذهني مذ ألقاه على مسمعي أحد المُحاضرين في معهد لاهوتي في بيروت أواسط التسعـينيّات. عِلْماً أنّ دراسات ميدانية حديثة قد أظهرت تفوّق المرأة على الرجل في أمور معيّنة- بحسب نتائج اختبارات علميّة نفسية وعصبية- ومنها سرعة الإستجابة الحسية (سواءٌ العاطفية والبَصَرية والسّمعية) وحُسن تقدير الأمور واستمرارية نشاط الذاكرة- حتى سنّ متأخرة- وغير ذلك. ويسرّني أن أكتب لأصحاب التخصّص من المعْنيّين- والمعنيّات- بحقوق المرأة والمساواة رابطين لدراستين تنفع كلّ منهما لأنْ تكون بذرة لمقالة مترجَمَة؛ قام بهما أوليڤـييه كولينون Olivier Collignon مع فريق من جامعة مونتريال- هنا الأوّل:
http://www.thaindian.com/newsportal/sci-tech/women-better-than-men-in-differentiating-emotions_100264670.html

وهنا الثاني:
http://www.news-medical.net/news/20091022/Women-are-better-than-men-at-distinguishing-between-emotions-Study.aspx

أمّا شخصية مريم المجدلية فقد دعاها العلّامة الشهيد والقدّيس هـيپـوليتوس (170 – 235 م) Hippolytus of Rome "رسولة للرسل" علماً أنّ هـيپـوليتوس من أكثر الكتّاب تأليفاً عن الكنيسة الأولى، لكنّها أثارت جدلاً وسط المشككين وخلطاً بينها وبين اٌثنتين- أو ثلاث- من شخصيات العهد الجديد النسوية، كما أثيرت شائعة جاهليّة بسبب كون المجدلية إحدى التلميذات المقرّبات للسيد المسيح، بالإضافة إلى أسطورة ذهابها إلى فرنسا وقيام بعض فناني عصر النهضة بمحاولات رسمها لتصويرها بطريقة لا تتفق ومنزلتها كتلميذة للسيّد البارّ ولا تتفق مع كونها امرأة يهودية مؤمنة- من مدينة مجدل التي تقع على بحر الجليل في فلسطين.

---------------------

ويسرّني أخيراً أن أكتب ترتيلة القيامة المشهورة بصوت السيدة فيروز:
http://www.youtube.com/watch?v=bGGVe5dhCak&feature=related

والنصّ باليونانيّة:
Χριστός Ανέστη εκ νεκρων, θανάτο θάνατον πατήσας καί τοις εν τοις μνήμασι ζωήν χαρισάμενος

يمكن قراءته بالإنگـليزية هكذا:
khristos anesti ek nekron thanato thanaton patissas ke ti sen dizmni masi zoiin kharisa menos

أمّا المعنى بالعربيّة:
المسـيحُ قامَ من بين الأموات ووَطِئَ الموتَ بالموت ووَهَبَ الحياة للذين فيه القبور

التهنئة:
Χριστος ανεστι- Aλεθος ανεστι
خريستوس أنيستي- أليثوس أنيستي
المسيح قام- حقّاً قام
هلّلويا