هل دعمت الأحزاب السياسية الوحدوية العربية مشاركةالمرأة السياسية بجدية



فريده غلام إسماعيل
2004 / 7 / 23

في بحث لها حول مكانة المرأة في التنظيمات والأحزاب السياسية الوحدوية متخذة حزب البعث العربي الاشتراكي وحركة القوميين العرب ، نماذجا ، تستنتج الباحثة نجلاء نصير بشور ، أن كلا الحزبين منذ تأسيسهما في نهاية الأربعينيات وغيرهما من الأحزاب الوحدوية لم يعطوا المرأة حقها من الاهتمام ولم يعالجوا مشاكلها بشكل جذري، بما يتناسب مع الأهداف التي تعتنقها هذه الأحزاب.

وانه على الرغم من نضال العديدات من النساء في الأحزاب عامة والوحدوية خاصة ولعبهن أدوارا هامة وبارزة ولا سيما في مراحل العمل السري، إلا انه إنهن لم يكلفن بأكثر من نقل الرسائل وتوزيع المنشورات والخروج في المظاهرات كما أنهن لم يعطين الفرصة للوصول للمراكز القيادية واتخاذ القرار. ولم تبذل الأحزاب أي جهد في مساعدة المرأة على حل بعض المشكلات بشكل جماعي ، بل وجدت المرأة نفسها وحيدة داخل حزبها تحمل الأعباء الاجتماعية دون معيل ، وتضطر في وجه التمييز التي تظهره الأحزاب في قراراتها بين المرأة والرجل لاتخاذ قرارات الانعزال.



فرق نسائية ولجنة نسائية في أحزاب البعث العربي الاشتراكي

ففي حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا، بقيت النساء منذ نهاية العام 1950م وحتى عام 1965م معزولات في الفرق النسائية، وهذه ترتبط فيما بينها بلجنة نسائية قطرية يباشر ها عضو في القيادة القطرية للحزب وكذلك كان الحال في باقي الأقطار المختلفة. وعندما تأسس الاتحاد النسائي العربي السوري عام 1967م كمنظمة نسائية بهدف تنظيم وحشد طاقات المرأة من أجل معركة البناء والتحرر وصلت المرأة السورية لقيادة الكثير من الفرق والفروع في الاتحاد ، إلا إنها على مستوى القيادة القطرية واللجنة المركزية للحزب لم تحقق نجاحا ملحوظا.

كذلك كان الحال لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، حيث انتظمت النساء في فرق وشعب نسائية في المحافظات، يربطها مكتب نسائي قطري يترأسه عضو في القيادة القطرية حسب الصفوف والجامعات. ولم تنتخب المرأة على مستوى القيادة القطرية على الرغم من الفعالية المكتسحة للنساء من خلال الاتحاد العام لنساء العراق الذي أعطى لحزب البعث جماهيرية واسعة لدى النساء.



العمل الرفاقي في حركة القوميين العرب مختلط منذ البداية ،

وتوصيات نسائية بالمساواة وبمناهضة التمييز بين الرفاق في مؤتمر 62م

كان تنظيم حركة القوميين العرب مختلطا منذ البداية إلا في بعض المناطق التي يصعب فيها ذلك بسبب سرية العمل ، وكان تواجد المرأة كثيفا وواسعا حتى عام 1968م خصوصا في أوساط الطالبات. ولم يكن هناك تمييز بين النساء والرجال في الحزب في الفترة الأولى من حياة الحزب. ولم تكن هناك لجنة نسائية حتى العام 1962م ، حيث تشكلت تلك اللجنة النسائية من مجموع الروابط لبحث أوضاع النساء في التنظيم ونشاطاتهن.

وفي عام 1962م أيضا عقدت الحركة مؤتمرا نسائيا قوميا وحيدا من نوعه في أي تنظيم وحدوي، ضم النساء من سوريه والأردن والعراق ولبنان وفلسطين، لبحث أوضاع المرأة في المجتمع بشكل عام، وفي العلاقات الداخلية بين الأعضاء في الحزب بشكل خاص، وقدم المؤتمر توصيات للقيادة حول المساواة التامة للمرأة مع الرجل داخل التنظيم وخارجه بناء على دراسة الإنتاج الأدبي العالمي حول تحرر المرأة.



ظواهر عامة تحكم علاقة المرأة بالأحزاب

ذكرت الباحثة السمات التالية لمشاركة المرأة في العمل الحزبي آنذاك و نوجزها فيما يلي:

كانت مساهمة المرأة محدودة وهامشية سواء من حيث عدد المنضمات أو استمرار يتهن في العضوية أو الوصول إلى المناصب القيادية في الهرم التنظيمي.
كانت غالبية النساء من الفتيات الحاصلات على درجة لا بأس بها من الثقافة والتعليم وممن ساعدتهن ظروفهن الاجتماعية على التحرك والالتزام.
كان الالتزام الحزبي للمرأة في كثير من الأحيان حدثا طارئا ، وغالبا ما كن يتركن العمل الحزبي عند تخرجهن من الجامعات والتزامهن بعمل ، أو عند مواجهة مسؤولية اجتماعية كالزواج أو الولادة.
كانت الأعباء الاجتماعية التي تقع عادة بكاملها على عاتق المرأة ، عائقا رئيسيا أمام أي تحرك لها حزبي أو نقابي .
ان غالبية النساء اللواتي يتمكن من الاستمرار في العمل الحزبي هن اللائي يتزوجن من حزبيين ، وكثيرات من النساء دخلن العمل الحزبي بعد الزواج وكان الزوج هو الرابط مع الحزب، ولم تعامل النساء من قبل الأحزاب باستقلالية عن ارتباطها بالرجل ، زوجا كان أم أخا أم أبا.
كانت النساء مقبلات بشدة على العمل الحزبي والوطني أثناء الأزمات الوطنية الحادة ، ولكن ما أن تنحسر الأزمة، ينحسر المد الوطني النسائي ، وتعود معظم النساء والفتيات الى بيوتهن بشكل تدريجي.
على الرغم من أن الباحثة لم تتطرق لتجارب تنظيمات وحدوية واسعة كالتنظيمات الناصرية ولم تتناول العوامل الهيكلية والأيديولوجية التي تفسر محدودية وهامشية مساهمة المرأة في التنظيمات السياسية الوحدوية المذكورة بشيء من التفصيل ، إلا انه يبدو آمنا أن نستنتج أن أوضاع المرأة في العمل السياسي في الماضي والحاضر لا تختلف كثيرا ، على الرغم من التطور الهائل الذي طرأ على مفهوم أدوار المرأة في المجتمع وفي المجال السياسي بوجه خاص. ويبدو أن قوة الأنماط الذهنية الراسخة في أعماق أذهان الحزبيين والحزبيات ، والأنساق القيمية لطبيعة هذه الأدوار قولا وممارسة مازالت الحاكم الرئيس في فعالية المرأة السياسية. ومازال المجتمع ومازالت نسبة كبيرة من النساء أنفسهن يرين أدوارهن المستقرة والطبيعية في المجال الاجتماعي، سواء داخل الأسرة أو خارجها. وهذا يتطلب جهدا وعملا دءوبا من قبل الناشطات السياسيات لتغيير بعض السمات السلبية التي يوصف به سلوكها السياسي ، والتي رغم عدم تبنينا لها ، تبقى واقعا لدى الغالبية من النساء . و يتطلب الأمر فيما يتطلب مناصرة حقيقية من القادة في التنظيم، متمثلة في ممارسات عملية ايجابية من قبل الرفاق الرجال الأكثر تمرسا وخبرة ، وما زال المشوار طويلا.