تعلم...



هيفاء حيدر
2010 / 4 / 28

الحياة تعلم الدرس تلو الآخر،ذاك التعلم الفطري منه والمكتسب ،واذا كان ما هو فطري ينتقل عبر الجينات والوراثة ويتشكل لمرة واحدة ، فأن المكتسب له الحصة الأكبر في التعلم لنا نحن النساء.وهنا المسألة تكمن بنا وبالآخر ،من يعلم من،وماهية الذي نتعلمه أو الأصح بما يملى علينا أن نتعلمه ،وهذا ليس بخاضع للأرادة أو الموافقة،بل بمجمل تلك الظروف التي تتجمع لتملي ما يجب أن نستكين له كأحد المسلمات الأجتماعية تماما" كما المسلمات في الرياضيات، لا يترك لنا المجال أن نحاول اثبات العكس .
في التعلم ليست الأمور بالمسألة الشائكة بمقدار ما هي قضايا متعلقة أو معلقة على أمور اخرى تتأثر بها وتصل حد التشابك معها.ما تتعلمه المرأة من دروس الحياة القصيرة هي لا تختارها ،حيث يفوق المكتسب خلالها المتعلم بداية ويسود حياتها المتعلم بعد ذلك.
لا يد لها بما هو فطري ،ولكن كل الأيادي لها يد بما هو مكتسب وتبدأ القصة من عند النطفة تلك من بدايات الطين والتراب عندما أضيف لهما الماء فكان الخلق الأول بداية المسير على درب الهداية للخطيئة التي ما اخطأت الأتجاه نحو المرأة ولم تنتهي في المدى المنظور و غير المنظور بعد.
واذا كنا لم نخلق نساء ،بل جعلونا كذلك على حد قول سيمون دي بوفوار ،قبل أكثر من مئة عام ونيف، حيث كانت ترى حقيقة ما هو أت حتى اللحظة، وحتى يصنع منا النساء التي لا نريد ،كان على ما يبدو أو كان ضروريا" الأجتهاد بصنع القالب الجاهز منه والذي ما زال تحت الأنشاء ،انه كالشبح الذي يظهر ليلا" ويختفي نهارا" قالب يلائم كل المقاسات ويحمل جميع المواصفات كي يبنى الهرم شيئا" فشيئا" لا كما احتياجات هرم ماسلو من الضروريات، بل ليصبح هرم من الصعب النظر اليه بمقدار ما يكون عصي على الأقتراب منه.
كانت تريد أن توضح لي أو تحدثني بما لم يعد يحتسب في خانة المكتسب و المتعلم ،أرادت أن تصف كيف أصبح الشبح بالفطرة ينمو داخل اخوتها ومن حولها من الجنس الآخر الذي أراد لها أن تتكيف مع القالب في كل يوم ومن جديد ليس فقط في حدود جدران البيت فحسب ،بل أن تستعد لجدران بيوت اخرى ربما ستزورها أو تمكث بها مستقبلا" ،
- أنا ما كنت أعرف شو يعني ممنوع .
- - ركضت في كل الحارات ورا الأولاد وهم ركضوا وراي ،
- - لعبنا الطميمة.- مسكتهم ومسكوني.
- -ضربوني وضربتهم .
- - كنا نضحك بصوت عالي،بس وقت البكي ما كانوا يبكوا.كانوا يقولوا ما بيصير نبكي متل البنات ،ولا أنا بيصير أضحك متل الصبيان لازم أوطي صوتي منشان ما حدا يسمع الضحكة ،هذا عيب ، كمان شوي بس كبرنا ،صار ممنوع أركض متل الصبيان ،
- - اذا بدك تركضي ما بيصير تباعدي بين رجليكي ،
- - وأنا اسأل :كيف بدي أركض اذا"؟
- - وكيف بدي اسبقكم؟
- هذا ممنوع وهذا مسموح، الأول أكثر من الثاني والثاني ضاع في ليل الأول .
- - لم أعد أشعر بأني أملك الدنيا وأنها كلها اللي ،كان الضحك كله لي ،المزح،والفرح كان كمان ملكي ،والحكي كان يتجمع عندي ونحنا نرتاح من الركض، كنا صغار وما بدنا نكبر .مبسوطين بالقصص اللي نؤلفها ونعيد الكلام فيها ،وما كنا عارفين اننا أصبحنا نحن جزء من الحكاية وأصبح بذلك يطغى المكتسب والمعاش على ما هو فطري حملناه دون أن ندري ورسم لنا بقية الطريق .
- دروس تستمر بالألقاء ،ودروس ممنوع اعادة النظر فيها أو التحدث بعناوينها حتى الفرعية منها ،ليست بحاجة للنقد فهي لا تخضع له طالما لم تخرج عن وظيفة القالب الجاهز في مهارة الصنع الأنثوي لرحلة الميل التي تتجدد، وأنتي غير مسموح لكي أن تنظري بأتجاه الآخر سوى لهدف واحد لا ثاني له، يجتاح هنا الفطري المجال الحيوي لغيره ، يطغى عليه في أولوية الأبجديات لوظيفة الأنثى ويغيب في عوالم ما يتم اكتسابه
ويختزل وجوده ضمن الجدران المغلقة لدوائر الصمت الرتيب التي ما زالت تغلف ليالينا.