فوبيا المرأة مرض مزمن



خالد منتصر
2004 / 7 / 30

[ فى كل يوم تكسب المرأة المصرية والعربية أرضاً جديدة وتقتحم حصناً كان بالأمس مغلقاً ،تسرع الخطى فى أحراش العادات والتقاليد لتنتزع لنا زهرة ياسمين تقدمها للمجتمع عطراً فواحاً ، وتتحمل كافة المسئوليات وزيرة ومديرة وفنانة وفلاحة ومدرسة تساندها سيدة مصر الأولى سوزان مبارك التى تصر على أن تنزع عنهن رهبة الإقتحام ،ولكن وآه من كلمة لكن هذه دائماً تقف فى وجه الفرحة والبهجة ،فبعض التيارات فى المجتمع مازالت رافضة لدور المرأة الإجتماعى المشارك،ومازالت هذه القوى العالية الصوت للأسف فى حالة إستنفار، تتعامل مع المرأة على أنها عضو غريب لابد من لفظه ،ومن شروط قبولهم لها أن يتناول المجتمع الأدوية المثبطة للمناعة حتى يستطيع هؤلاء السيطرة على جسد المجتمع وإعادة صياغته على هواهم مجتمعاً ينتمى للقرون الوسطى ،إنه مرض مزمن إسمه فوبيا المرأة ،وسنحاول تلخيص أهم أعراض هذا المرض المزمن فيمايلى :
• من أهم أعراض مرض فوبيا المرأة الفزع الشديد والرعب المقيم من تفوقها أو مجرد مساواتها ،فتارة يخرجون علينا بفذلكات علمية من قبيل أن مخ المرأة وزنه أخف من مخ الرجل وتعاريجه أقل ....الخ،وكأننا فى محل جزارة كله بالميزان !!،ويعرضون لهذه المقولات وكأنها إنجازات ومنجزات وإنتصارات مفحمة ،ويرفعون شعارات عجيبة مثل العبقرية رجل ورجل فقط ،ويبررون مثلاً تفوق بنات الثانوية العامة أنهن فاضيات ومالهمش شغلانة إلا المذاكرة وكأن التفوق عورة لابد من إخفائها ،ومعجزة لابد من إيجاد تبريرات لها ،ثم يأتى دور البهارات التى لابد أن ترش على طبخة الدونية التى يصمونها ويصفونها بها فيصرخون عاطفة المرأة تغلبها فلاتستطيع أن تحكم جيداً على الأمور ،وتصبح العاطفة وصمة عار ووشماً شيطانياً يلاحقها ويحد من دورها الإجتماعى ومشاركتها الفعالة ،ولذلك تصبح الدرة المصونة والجوهرة المكنونة هو قمة الجبل الجليدى الظاهر للعيان ولكن ماخفى تحت السطح هو أنها بمخ أقل وعاطفة أكثر جموحاً والطبيعى أن يكون مكانها البيت .
• فوبيا المرأة يبدأ بأن نجعل المرأة شماعة لسلبيتنا وإهمالنا وضعفنا،وهى تجعل الإتهامات تلقى عليها جزافاً من الجميع ،فهى سبب البطالة لأنها تسرق منصب الرجل ووظيفته ومكانه الطبيعى ،وهى أيضاً من وجهة نظرهم سبب إنتشار المخدرات لأن خروجها إلى العمل كان سبباً فى إنحراف الأبناء وضياعهم ،وكأن التربية ليست مهمة مشتركة وكأن المجتمع بكافة مؤسساته ليس له دور مساهم وفعال فى التربية السليمة والتنشئة الصحيحة ،ويطلب المجتمع منها أن تكون ماكينة بشرية وبلدوزر إنسانى لايكل ولايمل من البيت إلى العمل ....الخ تحت أمر شهريار الذى لايشارك ،وبأمر المجتمع الذى لايوفر لها الراحة .
• فوبيا المرأة تجعلنا نشير بأصابع الإتهام إليها بأنها مصدر الإغواء وكيف لا وهى التى أخرجت آدم من الجنة وجعلته يأكل التفاحة المحرمة ،وتنشر هذه المقولة برغم أن القرآن الكريم لم يذكرها ،ونجعل من المرأة كبش فداء كبتنا المزمن ،فهى الشيطان إن أقبلت أو أدبرت ،وهى الفتنة ،وهى الدنس والرجس ،هل معقول أن تنشر هذه المفاهيم عن المرأة وهى الأخت والأم والشريكة والقرينة ؟.
• فوبيا المرأة تجعلنا ندمن إغراقها فى الخرافة لتظل مغيبة العقل تكتب لنا شيكاً على بياض بالسمع والطاعة والخنوع .
* والسؤال هل من علاج لهذه الفوبيا ؟،هل نستطيع تنقية تراثنا وتفكيرنا وعاداتنا وتقاليدنا من خرافة أن المرأة شيطان ؟،فوبيا المرأة لها علاج ولكن لنبدأ بأن نحب المرأة بجد ،وندافع عنها بجد ،نفعل ولانفتعل ،نعمل معها ولانستعملها ،نخلص لها ولانخلص عليها .