الحرية النسائية على المقاييس الأوروبية



هشام اعبابو
2010 / 5 / 5

كثيرا ما أصبح الحجاب و النقاب أكثر المواضيع نقاشا في الاوساط السياسية و الاجتماعية و الثقافية الغربية, و على وجه الخصوص الاوروبية منها. شغلهم الشاغل المرأة المسلمة و حجابها و نقابها, فهذا سياسي أوروبي يدعو لمنعه و استئصاله و هذا صاحب مدرسة يسن قوانين داخل مؤسسته لمنع دخول محجبة و منقبة لفصول التعليم, و هذه رئيسة جمعية نسائية تسب و تقذف النقاب و ترى فيه فرض تعسفي ذكوري ,و اخيرا و ليس آخرا برلماني أوروبي يدعو برلمانه الاوروبي لمنع و تحريم ارتداء المرأة المسلمة لنقابها و الحبل على الجرار.
جنون ما بعده جنون حرب صليبية جديدة هذه المرة على المرأة نصف المجتمع الإسلامي, حرب بلا هوادة, حرب لن ترتاح مدافع ساسة و مفكرو و إعلام الغرب, حتى تعري المرأة المحجبة و المنقبة, كل ذلك لانهم لم يستحسنوا زي المرأة المسلمة الملتزمة,كل ذلك لأنهم وجدوها مستورة أكثر من اللازم من وجهة نظرهم ,كل ذلك أيضا لأنهم رأوها لا تتبنى معاييرهم الغربية و "الحضرية" تلكم المعايير و التي تتجلى معظمها ,في شلح الثياب و تقصيرها و جعلها اكثر شفافية من الشفافة.
لماذا هذه الغطرسة و هذا الشطط على المرأة المسلمة الملتزمة ؟ لماذا تسمح المعايير و المبادئ الغربية للمرأة بالتعري كلما استطاعت لذلك سبيلا دون أن تمنعها أو تضايقها أو تتابعها قضائيا ؟ لماذا تسمح للمرأة بأن تغير حتى حياتها الجنسية بما في ذلك أعضاءها الجنسية ؟ لماذا يسمح الغرب بتعري المرأة و استعراض مفاتنها داخل دكاكين زجاجية للمارة من الرجال قصد اكلها بعيونهم و بأعضائهم الأخرى إن تسنا لهم ذلك؟
يجيبونك قائلين: "إن الحجاب و النقاب يمثل اعتداءا على حرية المرأة و هو يعكس لنا القهر و الظلامية التي يمثلها الإسلام و نحن دساتيرنا الأوروبية تحرر المرأة و تخلصها من كل القيود الدينية و الاجتماعية الموجودة في العالم.." ,كلام غير منطقي و مردود عليه فإن كنتم تدعون تحرير المرأة و إعطائها حقوقها فلما تسلبونها أقل حقوقها و المتمثلة في اختيارها لزيها و لباسها ؟ ألستم كما تدعون محررو المرأة من الطغيان و الاستبداد؟ لماذا إذن تطغون عليها و تسلبونها حق اختيارها ؟ أهذه هي المساواة و حقوق المرأة و التي لطالما تغنيتم و مرضتم طبول اذاننا بها ؟ أهذه هي الحرية التي ترفعها فرنسا و تتبناها هي و المساواة و الأخوة كشعار لها منذ الثورة الفرنسية ؟
أسئلة يستطيعون الإجابة عليها لكن لن تكون منطقية و مقنعة للمرأة و للرجل المسلمين لا نها و ببساطة لا تراعي لا الحرية و لا المساواة و الاخوة التي يتبجح و يفتخر بها الغربيون خاصة الفرنسيون منهم , بمقابل هذا الرفض و المنع و التعسف الغربي نجد ببلادنا العربية و المسلمة حرية معطاة للغربيين و للغربيات لا حدود لها على حساب ثقافتنا و ديننا و حتى قوانيننا, لماذا لا نمنعهم بدورنا من التسكع شبه عاريين و عاريات في شوارعنا و حاراتنا؟ لماذا نسمح لشوادهم خاصة منهم المسنين من استغلال شبابنا الفقير علوة ؟ لماذا نسمح لهم بالأكل و التدخين على مرأى الجميع في شهر رمضان؟ أسئلة أطرحها على مفكرينا و حقوقيينا وبرلمانينا و سياسينا للإجابة عليها, و لو أنني مقتنع من أنهم لن يجيبوا عليها, لأنهم و بكل بساطة لا إرادة لدى معظمهم في الدفاع عن حقوقنا و كرامتنا لأننا و بكل حسرة لا نساوي شيئا عند اغلبهم و لا يلجؤون لنا إلا عندما يسيل لعابهم باقتراب انتخاباتهم...