مطلوب قائمة نسوية لانتخابات المجالس المحلية



ريما كتانة نزال
2010 / 5 / 28


لا لست أمزح، بل بات مطلوبا الدعوة والعمل على تشكيل قائمة نسوية، تقدم كنموذج خاص من أحد المواقع الانتخابية، تعبر فيها النساء من الأطر المختلفة اضافة للمستقلات عن رؤيا ورسالة، وربما لن نذهب الى تخصيص مقاعد للرجال في القائمة، فالقائمة النسائية قانونية تماما، فليس من نص يلزم ادراج النوع الاجتماعي في القائمة النسوية الخالصة. هذه قائمة احتجاجية على التراجع في كوتا المرأة كما وردت في القانون رقم 12 لعام 2005، وعلى الطريقة التي يجري فيها القفز عن حوار المرأة والتشاور معها مباشرة، أو ارجاءه للمرحلة التي ينتهي فيها اعداد القوائم، ومن ثم تعرض عليها كعقود الاذعان. والقائمة النسوية أيضا شكل من أشكال الاحتجاج على الخلافات والتعقيدات التي تشهدها ترتيبات واعداد القوائم، وبما يجعل المواطن امام الخلافات الشخصانية والمزاجية في معسكر نفترض انه من قماش واحد منسجم الألوان، والذي أقل ما يقال فيها (الخلافات) بأنها بلا لون او رائحة وبلا طعم.
حمل القانون رقم 12 بين دفتيه تراجعا عن ما حمله القانون رقم 10 لسنة 2005، فهو يحدد بأن لا يقل تمثيل المرأة عن مقعدين في الهيئات المحلية التي لا يزيد عدد مقاعدها عن ثلاثة عشر مقعدا، وبحيث تشتمل الأسماء الخمسة الاولى في القائمة على امرأة، كما تشتمل الخمسة الثانية على أخرى، وعلى ثالثة في المجالس التي يبلغ عدد أعضائها خمسة عشر عضوا.
ان ترجمة التراجع واضحة، حيث جرى تخفيض النسبة التي كانت محددة في قانون انتخاب المجالس المحلية رقم 10 لعام 2005، والذي كان ينص على الا يقل تمثيل المرأة عن عشرين بالمائة. بينما تصبح هذه النسبة في التعديل لتكون 15% في المجالس التي تضم ثلاثة عشر مقعدا، و18% في المجالس التي تضم احد عشر مقعدا، وعشرون بالمائة للمجالس العشرة في المدن الكبيرة، وأكثر قليلا في المجالس التي تضم تسعة مقاعد. وبالمحصلة لن تصل نسبة مشاركة المرأة في جميع المجالس الى عشرون بالمائة، وستبقى الملاحظة واردة حتى في حال اقترابها في المجمل، لكوننا نتعامل مع مشاركة المرأة على صعيد كل مجلس على حدة. وكان أجدر بالقانون ان يبقي الحماية القانونية وابقائها مسقوفة بالنسبة المتوافق عليها، وليس بالعدد المحدد بعضوتين فقط في جميع المجالس التي يبلغ عدد أعضائها ثلاثة عشرة عضوا فما دون.
أما التراجع الآخر الذي ينطوي عليه التعديل، فهو يتعلق بالاستثنائي بشأن المجالس المحلية التي يقل بها عدد الناخبين عن ألف ناخب، حيث بات يترك للقوائم الانتخابية حرية اختيار الاماكن المخصصة للمرأة من بين مرشحيها، بمعنى ان يكون موقعها في الموقع التاسع أو الثامن على سبيل المثال، وليس من ضمن الخمس الاولى. واذا كان هذا التعديل لا يؤثر على المحصلة النهائية في تمثيل المرأة بما لا يقل عن اثنتين، الا ان اضعاف موقع ترتيبها في القائمة لا يساهم في تعزيز حضورها والمنحى العام الايجابي والمفترض بشأن تمثيلها، حيث لا تقاس الامور بالنتائج فقط؛ بل بجملة الترتيبات والاجراءات الصانعة للوعي.
واذا كان موضوع تعديل القانون ليس مطروحا الآن ونحن على عتبة الانتخابات المحددة في السابع عشر من تموز القادم، الا ان جهدا نسائيا ووطنيا مكثفا مطلوب وبالحاح من أجل اعادة تصحيح وتصويب القانون، وبما يصون التمثيل الافضل للمرأة وبما يحفظ كرامتها وسيطرتها على شأن ترشيحها واستقلاليتها ويعززحضورها وتمثيلها.
التعديل المطلوب في القانون القادم لا يقتصر على الكوتا، بل يجب ان يذهب باتجاه تعديل النظام الانتخابي باعتماد نظام الدوائر على الاقل بالنسبة للمرأة. فلدى الرجوع الى التجربة الانتخابية السابقة بمراحلها الاربعة، ولدى المقارنة بين شكل ونتائج ترشيح النساء وفق النظامين المعتمدين خلال المراحل الاربع. وبالتعمق في التفاصيل التي رافقت الحملات بما فيها الآليات وجملة الاجراءات الانتخابية المتبعة، نجد بأنها محسومة لصالح النظام الذي مكَن المرأة من الترشح بمفردها خارج القوائم وفقا لنظام الاقلية والاغلبية والكوتا في تلك المراحل. لقد قامت المرأة في المرحلتين الاولى والثانية بادارة حملتها الانتخابية بنفسها وبترتيب برنامجها الانتخابي، وقامت بالدعاية لنفسها ولبرنامجها ورتبت الاجتماعات واللقاءات والندوات الانتخابية، وتحدثت في الشأن العام مباشرة طارحة رؤيتها الخاصة للمشاكل وحلولها، وظهرت في وسائل الاعلام متعرضة للاسئلة مدافعة عن قناعاتها. بينما في المرحلتين الثالثة والرابعة التي اعتمد فيهما النظام النسبي، لم تختبر المرشحات تفاصيل العملية الانتخابية، بل كان اختبارا عاما وبالجملة. لم تختبر المرشحات جيدا الاجراءات الانتخابية ولم تطل تفصيليا على كيفية ادارة الحملات بتفاصيلها، بل ظهرت كأحد مكونات القائمة؛ وبالأحرى اختبأت فيها، ولم تظهر قناعاتها الخاصة ولم تمتلك السيطرة على برنامجها، ولم تستطع ان تعبر عن خصوصية وجود المرأة في المجتمع، ولم تفتح الحملة الانتخابية الباب أمام المرشحات للتعبير عن واقع المرأة في المجتمع وحقوقها ومطالبها وطموحها. والآن وفي الظروف الراهنة؛ تقف المرأة في قائمة الانتظار مترددة في اتخاذ قرار الترشح، وكأنها رهينة الانتهاء من تشكيل القوائم للانضمام لها، وخروج الدخان الابيض من المطابخ الانتخابية.
وأخيرا، وبمعزل عن ما يمكن أن تنتهي اليه الصيغ الانتخابية، تبقى ملاحظة دراسة تشكيل واعتماد قائمة نسائية من الحركة النسائية قائمة. هذه القائمة معروف بأن فرصها في النجاح ضئيلة، والارجح ان لا يحالفها الحظ، ولكن وظيفتها ودواعيها تذهب الى اثارة النقاش حول قضية المرأة من جميع الزوايا، ووضع الامور على الطاولة بما فيها الحوارات الدائرة حول التشكيلات التي تبدو وكأنها تدور في قربة مثقوبة، والأمر يستحق المجازفة..