المسكوت عنه .. المخفي العظيم



محمود المصلح
2010 / 6 / 2

المسكوت عنه .. المخفي العظيم

تجمع الدراسات الخاصة بالجنس على إن النساء بحاجة إلى مثيرات ومقدمات للممارسة الجنس ، بينما الرجال ما عليهم فقط إلا أن يفكروا في الموضوع ولو قليلا ليثاروا ويكونوا من بعدها قادرين على ممارسته.
كما يعرف عادة بان الرجل يستطيع أن يحتفظ بقدرته الجنسية في الأحوال الطبيعية لفترة أطول بكثير من المرأة التي تبدأ بفقدان هذه القدرة مع تقدمها بالعمر . وهذا ما يسمى بالبرود الجنسي ، والذي يشكل عائقا أمام التوافق بين الأزواج ، ويرتبط بمشكلات كثيرة قد تؤدي إلى الطلاق ، وعادة لا يفصح احدهما للآخر كما لا يفصح كل منهم عن أصل المشكلة التي تبقى طي الكتمان والتحفظ . وذلك لاعتبارات دينية واجتماعية ، ترتبط بأصول التربية ونمط التعليم ومستواه .

تزداد حدة العلاقة بين الأزواج كلما كان التوافق اقل فالعلاقة علاقة عكسية ، وفي كثير من الأحيان نجد المشكلة تتفاقم في السنوات المتأخرة من عمر الزواج .. وهذا مرده إلى فقدان المرأة القدرة الجنسية قي مرحلة مبكرة عن الرجل . مما يدفع بالكثير منهم إلى الزواج .. وسوف يسوق الرجل لذلك حجج كثيرة ليبرر سبب إقدامه على الزواج من جديد ... ولن يذكر السبب الحقيقي .. من أن زوجته قد فقدت قدرتها الجنسية منذ زمن بعيد ولم يعد بإمكانه الصبر أكثر .

ومنهم من لا يستطيع الزواج لاعتبارات كثيرة اجتماعية واقتصادية .. الخ .. نجده ينحرف عن مساره ويذهب إلى حيث الفاحشة ، ويستمر عليها ، وينطبق هذا على الذكور والإناث على حد سوا ، تحت غطاء الزوجية ، ونجد منهم من يتزوج بالسر . أو من يبتكر أنواعا من الزواج ويحاول أن يجد من يبيح له هذا الزواج من الناحية الشرعية والقانونية .

وغالبا ما نشاهد العلاقة الجنسية بين الأزواج تتخذ منحى الفاعل والمفعول به ، أو المعطي والمتلقي ، وقلما نجد العلاقة التكاملية القائمة على التكافؤ .

كما نجد في الأغلب أن الرجال هم من يبادرون إلى هذه العملية على أساس التفرد والتميز ، حتى في المجتمعات المتطورة غالبا ما يرد عدم القدرة على الإنجاب إلى المرأة .. على الرغم من أن الحالات التي توصف بالعقم غالبا ما تكون متصلة بالرجال .... بما في ذلك تحديد جنس الجنين . وفي محاولات البعض في معالجة التأخر في الحمل بين الأزواج ، غالبا ما تجري المرأة الفحوصات دون الرجل الذي يظن انه إذا كان قادرا على الممارسة الجنسية من الناحية الميكانيكية ، فإنه لا يوجد ما يعيق الإنجاب . وهذه نظرة متخلفة جاهلة بعيدة عن الواقع . وفيها إقصاء للمرأة ونظرة دونية ، حيث النظرة إليها على إنها ناقصة عقلا ودينا .

وفي أكثر الأحيان أن لم يكن جلها نجد العلاجات والمنشطات الجنسية التي تستهدف حالات البرود الجنسي أو الضعف غالبا ما نجدها تستهدف الرجال دون النساء .... لا ادري لعل ذلك من الفكرة الشعبية السائدة لدى العامة من أن النساء هم الأكثر شبقا من الرجال .... وفي المجمل ثبت أن هذا كلام غير صحيح .. وأنه
من مخلفات العقل الجمعي .

ومن الأفكار المرتبطة بفكر الرجل أن المرأة تفضل الرجل الفحل .. ذو القضيب الكبير الضخم .. وذلك لأنها شبقة جنسيا اكثر من الرجال .. وهذا الكلام ليس علميا على الإطلاق ، وهذا ما يربط العملية الجنسية بفكر الرجل بالعنف .... فنجد من ماتت تحت وطأة العملية الجنسية وسبق أن كتبت عن هذا الموضوع ، ولهذا غالبا ما يفضل الرجال البنت الصغيرة ، حتى تُجاريه في القدرة الجنسية أولا وتستمر بالإنجاب ثانيا . فنجد من يفاخر بانه خطب بنت عمرها 17او اقل .

أن السائد عند العامة ( من النساء والرجال ) أن النساء أكثر شبقا من الرجال ، حيث يلجأ البعض إلى ختان البنات لمنع غلو الغريزة عندها .... ويسمى ( بالخفض ) وهو قطع بظر الأنثى ، وقد كان ولا زال على نحو معين .. شائعا عند شعوب إفريقيا في السودان ومصر والحبشة وفي جنوب أسيا واندونيسيا .

وكانت تمارسه عند العرب ، نساء مختصات بالخفض ، وتدعى ( تتولاه ) الخافضة أو الخفاضة ، وتدعى أيضا المبظرة ، وتدل الأحاديث على انه كان موجودا عند العرب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد روي أن خفاضة تدعى ( أم عطية ) كانت تمتهن هذه المهنة في المدينة ، وكانت تبالغ في الخفض أو الاستقصاء ، فأرسل إليها الرسول صلى الله عليه وسلم :

( إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي فأنه أحسن للوجه وأرضى للزوج )

أي لا تبالغي في الخفض ، لان ذلك أجمل من ناحية المنظر ، وأكثر متعة للزوج .

والغاية من الخفض كما يقول الجاحظ :

تقليل غلمة النساء ، فيكون العفاف عليهن مقصورا ، والبظراء تجد من اللذة مالا تجده المختونة ، لذلك قال الرسول للخافضة : ( أشميه ولا تنهكيه ) كأنه أراد أن ينقص من شهوتها ، بقدر ما يردها إلى الاعتدال .

ولا يزال الختان للنساء شائعا في الكثير من البلدان الأفريقية، وقد منع في مصر منذ عهد قريب .... إلا انه لا زال يمارس في الخفاء ، ويجري للفتيات اللائي يتراوح عمرهن ما بين سبع وعشر سنوات ، وتعاني منه الفتيات الآما مبرحة قد تفضي إلى الوفاة .
وقبل أيام نشرت الصحف والمواقع الالكترونية خبرا مفاده أن فتاة قتلت ( توفيت ) تحت تأثير عملية الختان التي قام بها طبيب الوحدة الصحية في احد المراكز الصحية في ريف مصر .. مما يشير الى استمرار هذا الفعل بحق الفتيات .

وتعارض الختان منظمات حقوق الإنسان ، ومنظمات المجتمع المدني ، والهيئات المدافعة عن حرية المرأة ، وتعد هذه المنظمات هذا الفعل جريمة بحق النساء ، وتعد أي تقدم في منع الختان في أنحاء العالم انتصارا لقضية المرأة وكرامتها وحريتها .
ففي كينيا مثلا صدر قرار جمهوري سنة 1982 بمنع خفض الفتيات ، واعتبر انتصار لقضية المرأة
ولقد قرأت حول هذا الموضوع ما مفاده:

أن البلاد الحارة يكون النساء فيهن أكثر قدرة جنسية من تلك البلاد الباردة .. كما أن سن البلوغ عند الفتيات في تلك البلاد يكون في عمر مبكر ..ولهذا يتم الزواج في سن صغيرة . مما يؤدي إلى حالات وفاة أو انتهاك لحريات القاصرات . وهذا ليس بخافي على احد ، ويتم تحت سمع وبصر السلطات الحكومية والشرعية في العالم العربي . وليس بخافي ما يخلفه هذا الفعل من اثر اجتماعي واقتصادي وثقافي ونفسي على صحة الفرد والمجتمع عموما . وليس اقلها من ارتفاع نسبة الأمية في صفوف النساء . وليس سرا أن العالم العربي يرزخ تحت وطأة 70 مليون أمي . يعيقون عملية التقدم والنهوض ، ويشكلون عقبة كأداء أمام أي تطور أو تغير أو تقدم .

كما تجمع الدراسات على أن نسبة كبيرة من الجرائم كانت ذات خلفية جنسية ، ولا يزال الجنس في عالمنا العربي والإسلامي عموما والمجتمعات المحافظة عامة محاطا بسرية تامة ، مما يضفي على العملية مهابة وقيمة اكبر مما هو عليه وذلك لعوامل عدة منها :
الغريزة الكامنة والقابلة للانفجار والمستعدة للاستقبال في كل وقت وحين .
مصادر المعلومات التي باتت متاحة بشكل مفتوح دون رقيب أو حسيب على وجه التقريب .
والصور المتخيلة عن الجنس الأخر في ظل غياب تربية جنسية متوازنة علمية مبنية على أسس تربوية ذات أهداف مرسومة .
والعملية الجنسية من الناحية الميكانيكية .
وعامل الإثارة الموجودة في الشارع .
وعدد العوانس المخيف في الاردن ، وعالمنا العربي عموما .
ارتفاع سن الزواج عند الشباب من كلا الجنسين .

لفت انتباهي فيلم (فيلم وثائقي ) وكيف صور الشباب وهم يسعون لحضور فيلم جنسي مسجل على شريط فيديو ، وكيف صور( فيلم بابل ) لبراد بيت ، هذا المثلي ، الجنس عند العرب ، وتلميحه إلى لفاحشة مع المحارم .. وبالأمس قرأت على شريط الأخبار في قناة الحقيقة ، وقناة جو ستار خبرا يفيد أن أردنيا من الزرقاء .. شق بطن ابنته لإخراج الجنين الذي حملت به سفاحا من قبله حيث كان يمارس معها الفاحشة .. مما أدى إلى وفاتها ..

وبالأمس في موقع الأردنية للإنباء .. قرأت عن شاب تونسي يسجن مدى الحياة لاقترافه فعلا شنيعا وبوحشية مع زوجته التي تركها تنزف في الفندق الذي حجز فيه ليلة دخلته .. مما دفع بها إلى التقدم بشكوى ضده وهي في المستشفى .

إلى جانب العديد من صور وأخبار المخالفات الجنسية مثل تقرير البي بي سي الذي أشار إلى الجنس في الأردن ( دون تعليقي على الموضوع سلبا أو إيجابا ) ولكن اذكرها قي سياق ما يقال عن الجنس .. إلى جانب ما يتردد عن محاولة البعض من المثليين الحصول على ترخيص لإقامة جمعية او نقابة أو تجمع .. أو إطارا ما يجمعهم ... وهذا ليس بخافي على احد ... فما عليك إلا أن تكتب ما تشاء في ( جوجل ) وتعرف ما لم تكن تعرف .. هذا ليس في أوروبا بل في عالمنا العربي ... وبلدنا الأردن .

ولا تزال كلمات الجنس ومرادفاتها وما يمت لها بصلة من أكثر الكلمات في محركات البحث في مقاهي الانترنت والمدارس .. ولا تزال الكتابات على جدران وأبواب الحمامات العامة في الجامعات والمقاهي تركز على الجنس .. وتدون أرقام الهواتف الحقيقية والوهمية ..

إلى جانب العبارات الكثيرة المثيرة جنسيا ..
ولقد سمعت من أكثر من شخص عن ممارسة الجنس مع الحيوانات .. هذا ليس في أوروبا بل في عالمنا العربي وفي بلدنا .. نعم .. هذا مسكوت عنه .. هذا مخفي عظيم .. وربما لو أتيحت الفرصة لدراسة واعية واقعية شفافة ذات مصداقية وبحرفية لوجدنا ما يقلق .. ولوجدنا الكثير من الأمور التي يمكن أن تظهر أين نحن وكيف هي حالنا ..

بات الأمر مقلقا إلى حد لا يجب السكوت عنه من قبل الجميع وعلى مختلف المستويات ..قرأت عن عدد حالات الطلاق مقارنة بعدد عقود الزواج وكانت النسبة مذهلة .. وجميعنا نعرف ارتفاع سن الزواج عند الرجال والنساء ، فقلما نجد من يتزوج دون عمر الثلاثين من الرجال ومنهم من يصل إلى الأربعين وبات هذا الأمر مقبولا ومألوفا جدا بينما سن الزواج عن النساء فقد ارتفع إلى أكثر من خمسة وعشرون عاما .. ويمكن أن نعرف عدد النساء العوانس اللواتي تجاوز عمرهن الخامسة والثلاثين ... وغالبا ما يكون هذا السن سن فقدان الأمل بالعثور على زوج مناسب .. والبقية عندكم ..

وليس بخافية معيقات الزواج عند مجتمعنا ...من الحالة الاقتصادية العظمى من الأسر .. وارتفاع تكاليف الزواج ..وتجبر أولياء الأمور في المهور .. والمباهاة في رفعها .. وطلبات الفتاة والفتى .. من يكون الواحد منهم متعلم .. وموظفا .. مما يضيف إعاقات وعقبات أمام حالات الزواج .
كل هذا يتطلب وقفة قومية ووطنية من مختلف المؤسسات ذات العلاقة وعلى رأسها التربية والتعليم ، لوضع مناهج التربية الجنسية ، مناهج تربوية هادفة بأيدي علماء ومفكرين وتربويين ، تصيغ الأفكار وتنظم العلاقات وتبين الأسباب وكل ذلك بأسلوب علمي ديني شرعي . فالمعلومات التي كنا نخافها ها هي تجتاح بيوتنا ومكاتبنا ومدارسنا وكلياتنا وجامعاتنا .. عبر شاشات الفضائيات والانترنت وما أدراك ما الانترنت انه باب مفتوح بشكل فج على كل شيء صالح وطالح .