عشر سنوات بعد -مؤتمر بكين-: أين أصبحت المرأة العربيّة؟



أمل الأندري
2004 / 8 / 11

مطلع الشهر الجاري شهدت بيروت مؤتمراً على جانب من الأهميّة, إذ طرح مجموعة أسئلة مهمّة على المرأة العربيّة: ماذا حققت من انجازات على صعيد مشاركتها في الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتربويّة والسياسيّة؟ وما هي الاهداف المستقبليّة والتطلعات والتحديات؟ هذه الاسئلة كانت محور مداخلات وابحاث ونقاشات "المؤتمر الاقليمي العربي عشر سنوات بعد بكين" الذي عقد في بيت الامم المتحدة في بيروت, بمبادرة من لجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (اسكوا).

المنطلق الأساسي لهذا المنتدى كان تقويم وضع المرأة العربية, بعد مرور عشر سنوات على المؤتمر العالمي الرابع للمرأة الذي عقد في بكين العام 1995. وجاء هذا المؤتمر تمهيداً للدورة التاسعة والاربعين للجنة "وضع المرأة" التي ستعقد في نيويورك في 11 آذار (مارس) المقبل فيما حضره ما يقارب 650 امرأة من برلمانيات ووزيرات واديبات ومفكّرات واعلاميات. وجاء شعار المؤتمر "دعوة الى السلام" ليخلق صلات مباشرة بالوضع العام الذي تشهده المنطقة العربية, في ظل غياب الاستقرار السياسي الذي يعيق مسيرة التنمية. واتخذت المؤتمِرات, المرأة الفلسطينية أنموذجاً لما تعانيه المرأة في ظل الاحتلال من عذاب وقهر وخوف.

** أرقام وإحصاءات

كشفت دراسة قام بها فريق الاحصاءات والمؤشرات الاجتماعية في الاسكوا الانجازات التي أحرزت على ارض الواقع في ما يخص قضايا المرأة. صحيح أن وضعها تحسّن لكنّ فجوات كثيرة ما زالت تقف عائقاً أمام ارتقائها, ولوحظ هذا التحسّن في مجالي التعليم والصحّة. ففي المضمار الصحي, شهد معدّل وفيّات الامهات خفضاً شديداً خلال فترة 1999 - 2000 في عدد من الدول العربية على رأسها لبنان, لكنّه ارتفع في عدد آخر من البلدان مثل العراق واليمن والسودان. على الصعيد التربوي, تبدو المرأة مالكة زمام الامور مع ارتفاع الالمام بالقراءة والكتابة من 35 في المئة الى 5,47 في المئة لدى النساء البالغات. الا انّ عدد النساء الاميات ما زال يبلغ 44 مليوناً.

أما في المضمار السياسي والاقتصادي, فكانت مساهمة المرأة خجولة, واقتصرت نسبة مشاركتها في المقاعد البرلمانية على 8,5 في المئة, فيما سجّل أعلى تمثيل برلماني لها في سورية اذ بلغ 12 في المئة. اما في ما يخصّ النشاط الاقتصادي فبيّنت الدراسة ان مشاركة المرأة العربية في الاقتصادات الوطنية لا تتعدّى 29 في المئة فيما 1,17 في المئة من النساء عاطلات من العمل في عام 2001.

** المرأة في الثقافة والاعلام

أين هو الاعلام المرئي؟ أين هي "الجزيرة" و"العربية" والـ"سي أن أن" و"بي بي سي" والـ"أل بي سي" من هذه القضايا المصيرية؟ كان للاعلام حصّة لا بأس بها في المؤتمر, ان كان من حيث الهجوم الذي شنّته الامينة التنفيذية لـ"إسكوا" ميرفت تلاوي على الوسائل المرئية أم خلال الندوة التي حملت عنوان "دور المرأة في الثقافة والاعلام". ومن أهم ما أثاره المشاركون أن القنوات العربية تنقل البرامج الثقافية في الليل حينما يكون معظم العالم نيام فيما تحصر ذروة المتابعة ببرامج واغان لعاريات. ولذلك, شدّد المشاركون على ضرورة الضغط على الاعلام الذي ينقل صورة سلبية للمرأة نظراً الى أنّه الوسيلة الوحيدة لتقليص الثغرة بين النظرية والتطبيق في مجال قضايا المرأة. ومن المداخلات ما شدد على ضرورة اقامة برنامج "نساء في المهجر" لنشر قدرات النساء وتعميم تجاربهن.

وألقت بعض المشاركات المسؤولية على عاتق الاعلاميات في التغيير الاجتماعي. لكنّ بعضهن الآخر لم يمنع نفسه من السؤال عن المعلومات الرسمية التي تصلنا من مصادر حكومية او شبه حكومية في تناولها لنشاطات المرأة... ودورها وهي تبدو غير منظمة وغير متكاملة في معظم الاحيان. وشددت شعبان التي كانت من المتحدّثين الرئيسيين في الندوة, على ضرورة تغيير الصورة النمطية للمرأة في الوسائل الاعلامية.

وجاءت ندوة "المرأة في السياسة" لتلقي الضوء على الفجوة التي تفصل بين المساواة القانونية وتلك الواقعية في مجال التمثيل البرلماني. وعزت المشاركات هذه الهوة الى أمرين: الموقف الذي تتخذه الاحزاب السياسية من المشاركة السياسية للمرأة ومدى امكانات تطبيق نظام تحديد حصص معيّنة للمرأة في المجالس التشريعية وهذا ما يسمّى "التمييز الايجابي".

خلال الايّام الماراتونيّة الثلاثة, أمور كثيرة سقطت سهواً على هامش المؤتمر, منها الفخر الوطني الذي أبدته كل مشاركة في ما يخص بلدها: فخرٌ ترجم الى مداخلات راوحت من جنسية أول امرأة عربية ترشّحت للرئاسة, الى التفاخر بالامتيازات التي منحتها دولة معيّنة لمواطنتها المرأة. حتى خلال تلاوة التوصيات, وفي خطأ لغوي اذا جاز التعبير, علت المداخلات مصحّحة هذا الخطأ ومظهرة تشبّث المشاركات بالاصول "التقليدية" للغة العربيــة!

** من توصيات المؤتمر

- التركيز على كيفية وصول المرأة الى البرلمان وعلى أدائها عندما تصل اليه.

- العمل على الارتقاء بأداء البرلمانيين وبخاصة البرلمانيات منهم من خلال قيام الاسكوا ببرامج تدريبية للبرلمانيات.

- ادراج النساء في هياكل الاحزاب داخل البلدان الديموقراطية مثلما حصل في الجزائر.

- ممارسة الضغط على الوزيرات من أجل تبني قضايا المرأة.

- الدعوة الى تخصيص كوتا للنساء في المؤسسات الرسمية وبخاصة التشريعية منها.

- التنديد بالارهاب وعدم الاستقرار السياسي لتأثيرهما السلبي على تطوّر المجتمع عامة والمرأة بصورة خاصّة.

- ضرورة التصديق على اتفاق سيداو (اتفاق الغاء كل اشكال التمييز ضد المرأة).

- الاهتمام بالمرأة المعوقة واتاحة الفرصة لها للمشاركة في مثل هذه المؤتمرات الاقليمية.

- اهمية التعليم ومحو الامية.

- العمل على وقف بثّ الصورة السلبية للمرأة في وسائل الاعلام التي تمثّلها كجسد والعمل على ازالة تكريس الصورة النمطية للمرأة.

- انشاء تجمع عربي للاعلاميات ومركز للبحوث الاعلامية يختص بالمرأة.

- مطالبة الاسكوا باعداد دليل كامل للشخصيات الفكرية والاعلامية العربية.