دور المرأة في الكنيسة بين الواقع والطموح



لينا هرمز
2010 / 6 / 12

عند خلق الله ادم وحواء أو الأصح الإنسان، ساوى بينهما في الحقوق والواجبات ومواصلة الحياة واستمراريتها، لكن اختلافهما كان في الوظائف الجسدية والفسيولوجية وبكون الرجل هو الذكر والمرأة هي الأنثى. ولكن هذا لا يعني بأنهما مختلفان ومتمايزان عن بعضهما البعض، بل الواحد يكمل الآخر ويعطي معنى لحياته وتواصله في هذا الوجود. والرب بهذا أعطى للرجل مكانة خاصة والمرأة دورا متمما له:" لا يحسن ان يكون الإنسان وحدهُ فاصنع له عونا بإزائه" (ت 2:18 )، فالمرأة هي معينة للرجل وتضفي معنى على حياته وتطيبها.. ولكن الرب في هذه الآية لم يفضل الرجل على المرأة بل كان ترتيب من قبله ليتساوى معا. بمعنى ان لا تكون فقط له زوجة، ومربيه لأولاده، ولخدمات المنزل ولا نشبهها ونقول هي مثل الخادمة له، لأنه حتى هذه الخادمة هي أيضا في النهاية إنسان (امرأة) من صنع وخلق الله وصورته! بل نقول إنسانة مكملة لحياته.. وبذلك الحياة بمختلف نواحيها وبتعاونهما مع بعضهما في مختلف مرافق الحياة تسير نحو الأفضل وتكون بصورتها الأصح. كما تسير السفينة بدفتين وبقبطان واحد (الرب) وليس بدفة واحدة وبدون قبطان..
والمرأة اليوم بالرغم مما نالته من حقوق وحضور سواء كان في البيت أو العمل أو الكنيسة، لكن ليس بالصورة المطلوبة، والذي يجب ان يمنح لها فما زالت هناك بعض النواقص التي ما يزال البعض ينظر إليها بأنه ليس من حق المرأة ان تمتاز بها او تقوم بها . فلو قلنا بان المراة اليوم تضحي بكل شيء من وقتها وحياتها مثلها مثل الرجل وتقدم كل ما تستطيع عليه في خدمة الرب وكنيسته، فهي بذلك تكمل دور الكاهن في الكنيسة كما تكمله للرجل ان كان (زوجها او اخيها او ابيها) في البيت وفي الحياة العامة.. وتقلل من عبء المسؤولية الملقاة على عاتقه، من خلال التي تقدمها في الكنيسة من التعليم المسيحي للاطفال، وتقديم قراءات من الكتاب المقدس، وكذلك من خلال مسؤوليتها من ترتيب المذبح وفتح أبواب الكنيسة قبل حضور الجموع إلى القداس، ودورها في الجوقة وترتيل الترانيم، بالإضافة إلى وصولها إلى صفة الشماسة ، ومساعدة الكاهن في الكنيسة من خلال أعطاء القربان للجموع، وأيضا هنالك صفة أخرى وهي الفتيات الصغيرات التي اليوم تساعد الكاهن في أتمام القداس وخدمته .
ولو أخذنا فكرة مبسطة عن المرأة قديما وكل ما كان يقال عنها أو ينظر لها، نجدها لا تقل مكانتها اليوم عما كانت عليه بالأمس. فالمرأة على مر العصور عانت كثيرا، فقد كانت ضحية الحسرة، والألم، والحرمان، والظلم، والتعسف بحقها وسلب حقوقها، والمتاجرة بها وبيعها، والجهل والعبودية!! فلم تمر حضارة من الحضارات الا وسقت المرأة كأسا من المرارة وأشكال العذابات المارة ذكرها، وتركت فيها أثرا وجرحا، ولازال إلى يومنا هذا مع الأسف الشديد تمارس عليها في بعض المجتمعات ، فلو القينا نظرة مبسطة عما كانت المرأة تعاني منه في بعض الحضارات نلاحظ:
عند الإغريق كان ينظر إلى المرأة نظرة مليئة بالاحتقار، و قيل بأنها شجرة مسمومة، وهي عمل رجس من عمل الشيطان، وكانوا ينظرون إليها كما ينظر إلى الرقيق ويرون ان عقلها لا يعتد به وفي ذلك يقول الفيلسوف أرسطو:" ان الطبيعة لم تزود المرأة بأي استعداد عقلي تعتد به"..
وعند الرومان قالوا عنها بأنها ليس لها روح،
أما اليهود قالوا عنها أنها لعنة لأنها سبب الغواية للرجل، وفي عام 586 م عقد الفرنسيين مؤتمرا للبحث في تركيبة المرأة، وهل هي إنسان؟ أم هل لها روح؟ وحتى ان كان لها روح فهل هي في مستوى الروح الذي يمتلكها الرجل أم اقل منها؟ ولكن في نهاية المطاف وجوابا على أسئلتهم قرروا أنها إنسان! ولكن خلقت لخدمة الرجل فقط! وهذا غير صحيح كونه يتناقض مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948، ولا يمكن ان نقبله بحق المرأة، لأنه إجحاف وتجني عليها. لأنه عندما خلق الله المرأة لم يقل للإنسان احكم عليها وأعطها الصفة التي تريدها أنت يا رجل!!
فالمرأة لها مكانه كما للرجل وكما قلنا الرب ساوى بينهما، فالمرأة روح وحياة وعطاء مستمر منبثق من أعماقها. فجميع المؤمنين بالمسيح نالوا مواهب روحية وتبشيرية للخدمة في جسد المسيح، نعم في جسد مسيحنا(الكنيسة)، وان كان دور المرأة في الكنيسة يقل عما يقدمه الكاهن، ولكن هو يساعد بنسبة لا نقول 100% ولكن يكفي لان ينظر إليها بأنها روح وبلسم هذا العالم وبدونها الحياة لا شيء!!
وربما يستغرب البعض ويقول هل معنى هذا ان تخدم النساء في الكنيسة كما يخدم الكاهن (الرجل)؟ ... نقول: سواء كان الرجل أو المرأة أذا كملا واجبهما على أكمل وجه تكامل بنيان جسديهما، سواء كان في تأسيس العائلة أو في الكنيسة من خلال الخدمات التي يقدهما كل منهما:" ... أذا قام كل جزء بعمله الخاص به، نمْا الجسد كله وتكامل بنيانه بالمحبة". (افسس4:16)، ولكن أذا كنا نحن النساء لنا دور لا يذكر أو قليل في خدمة الرب وكنيسته، فهذا ليس بسببنا نحن أو نقص في مواهبنا وقدراتنا وحضورنا أو حتى في الفرص التي تمنح لنا، وإنما هذا بسبب عقْم فينا وفي داخلنا سيطر علينا ويشل بعض حركاتنا، ويمنعنا ان ننخرط أكثر وأكثر في مجالات الحياة ومنها خدمة الكنيسة، منها النظرة الدونية التي ينظر إليها للمرأة والعادات والتقاليد البالية التي لم تفدنا نحن النساء في شيء غير رجوعنا إلى الوراء، وسيطرة الرجل الغير مبررة والمبالغ فيها على المرأة، وكذلك بعض الطقوس التي ورثناها من الطقس اليهودي، هذه هي ما يعيق تقدمنا ويمنعنا من ان نمارس حقنا الشرعي في الحياة بكل حرية وبما تقتضيه تعاليم الرب والسيد المسيح...
المرأة سواء كان قديما أو ألان لها دور مميز ويذكر، ففي العهد القديم ومن خلال قراءتنا له نلاحظ أسماء نساء كثيرة برزت وكان لها دور منها: مريم النبية أخت هارون التي كانت تنشد للرب وألفت جوقة مع النساء للترتيل والرقص( خروج 15: 20-22 )، و كذلك دبورة النبية، التي كانت تقاضي لشعبها حيث كانت تجلس تحت نخلة دبورة لتقضي لهم (سفر القضاة 4: 5-6 )، وكذلك لدينا يهوديت واستر بطلتين قامتا بدور مهم في خلاص الشعب، وغيرهم ... وكذلك في العهد الجديد، خير دليل هو حضور مريم العذراء في حياة يسوع ومرافقتها له، ومريم المجدلية ومرثا أخت لعازر.. كما كان هنالك أخريات لهنْ دور نشر المسيحية، وكن عرضة للاضطهاد مثل الرجال، عندما حاول شاول اضطهاد كنيسة المسح فكان يذهب من بيت إلى بيت ويخرج منه الرجال والنساء ويلقيهم في السجن (أعمال الرسل 8:3 )، من هذا المنطلق نقول بان للنساء يجب ان يكون لهن دور يذكر في كنيسة المسيح وأعمالهم تشهد لهم بذلك، وقدمن خدمات جليلة لأجل الكنيسة، من هنا يقول "آنريج": ليست هنالك موهبة أعطاها الله لامرأة لا تحتاجها الكنيسة ولا يمكنها استخدامها بطريقة فعالة ومبدعة، وبطريقة كتابية لتمجيد الرب يسوع"..
أذن المرأة في الكنيسة سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة، لها رسالتها يجب ان تكملها كما تكمل رسالتها في الحياة، دورها دور الأم التي تعتني بأبنائها وتسعد لسعادتهم وتفرح لتقدمهم، وهناك نساء كثيرات أدركن دورهن في الكنيسة وقمن به على أكمل وجه وأصبحن أمهات وقديسات ومكرسات مثل الأم تيريزا، ولكن هناك نساء أخريات يجهلون هذا الدور أو لا يقدرون أهميته مع الأسف........
سيأتي يوم تصبح المرأة اكثر من نصف المجتمع