للرجال ...فقط



البتول الهاشمية
2004 / 8 / 13

إن الأم التي تهز العالم بيمينها إنما تهز العالم بيسارها ...
كلمات نبيلة لشخص نابليون العظيم ولكن مهلا ... أليس هو من قال إن كل النساء ساقطات , فماذا كان يخبئ نابليون خلف تناقض المقولتين ..أتراه كان يعني إن الأمومة شئ خارج عالم النساء ..
إن قليل من التأمل تجعلنا نكتشف إن كل رجل – ولا أخشى التعميم –إنما هم نابليون .......ربما ليس بعظمته ولا فلسفته ولا حنكته السياسية ولكن على الأقل فيما يتعلق بهذه القضية بالذات فما إن يقاد احد أفراد قبيلة الرجال إلى الحديث عن عالم الأمومة حتى يستنفر كل طاقاته اللغوية في تكييل المدائح وما أن تثار قضية المرآة حتى ينقسم نفس المعشر بين مؤيد خجول ومعارض تنقصه الحجة وأمام هذا السلوك الغريب المتناقض لا نملك إلا أن نثير التساؤل التالي :
هل حين تصبح المرآة أما تتوقف عن كونها امرأة ...وبصيغة أخرى ماهي الامتيازات التي تضيفها مهنة الأمومة إلى المرآة والتي تنقلها من مجرد مضطهدة لاحول لها ولا قوة إلى درجة التقديس البشري وعلى اعتبار أن الرجل هو الوحيد المعني بالإجابة فان السؤال رغما عن انفنا سيتخذ المنحنى التالي ..لماذا يميل الرجل إلى تقديس الأم بعد أن يسلخها تماما عن عالم النساء ...والحقيقة انه لا يمكننا الإجابة ببساطة أمام تعقيد كهذا ولكن لا يجب أن يمنعنا هذا التشابك من الالتفاف حول القضية في محاولة لا تبدو يائسة لفك اللغز
ولنبدأ بتحليل مبسط لا يخلو من تسطيح لسلوك ذلك المخلوق الغريب الذي نسميه أما ..فعندما يتطلب الأمر منها مسؤولية تجدها تعطي دروسا في ذلك فهي التي تسهر وهي التي تقلق وهي نفسها التي تهتم بأصغر التفاصيل فيما يتعلق بنظافة أظافر الطفل انتهاء بدروسه ومستقبله وتهذيب أخلاقه وفيما يتعلق بالحنان والإخلاص تجدها سيلا عارما منه فحين يشعر الابن صغيرا كان أم كبيرا إن العالم كله قد خذله فانه لا بفقد ثقته أبدا بيدها وحضنها ..وفجأة ينقلب سيل الحنان بركان غضب واليد التي كانت تهدهد بحنان تصبح جاهزة لاستعمال أكثر الأدوات قتلا وفتكا إذا ما شعرت إن حياة هذا الجزء الغالي منها على المحك وطبعا لن نختلف مع احد في أن الأمر هنا يتعلق بالغريزة فان هرة وصلت بها الوقاحة درجة طبق طعامك يستطيع ولدك الصغير طردها وضربها ولكن ماذا لو طلب منك احدهم أن تحضر له احد أولادها بالطبع لن تجرؤ ولو كان شنبك أثخن من عضلاتك وان سمحنا للفانتازيا أن تشاركنا حوارا هذا وتخيلنا أن القطة تدافع عن حقها في الطعام والمقعد القريب من المدفأة بنفس الضراوة التي تصارع بها من اجل صغارها وعندها بالتأكيد سنجد أنفسنا نقف أمام حقوق القطط بكل احترام ولنعد الآن إلى المرآة ونفكر فيما لو كانت قادرة فعلا على استحضار قواها الخفية التي تدافع بها عن أطفالها وتستعملها لأجل قضيتها الأساسية التي تتلخص بحق المساواة والتحرر وبناء المجتمع أما كانت ستحرر نصف البساط المغتصب من الرجل ..ولكن إلى الآن لا يبدو أننا حللنا اللغز الذي ما يزال يكتنفه الغموض ومع ذلك علينا أن نكون منصفين ونعترف أننا ضيقنا الخناق على الحل وإذا استمرينا على نفس السياق فلا نستبعد أن يخر هذا الحل أمامنا مكشوفا ولنتابع
الرجل مفتون بإيثار الأم وتعبها وسهرها وان كان يخفي إعجابه بذلك والمهم عندنا انه اعترف لها بحق التربية والمتابعة والاحاطة بكل صغيرة وكبيرة تتعلق بالأبناء وهذا ليس كرما منه بالطبع ولكن لان المرآة أقنعته بذلك بعد أن لمس بنفسه ضخامة إيمانها بالقضية وإحساسها بالمسؤولية واضطرته أمام إصرارها هذا إلى الاعتراف بها شريكة شرعية في قيادة دفة الأسرة ولكنها حتى الآن لا يعترف لها بنفس الحق في قيادة المجتمع لأنها في الحالة الثانية فشلت في أن تسوق له الحجج المقنعة ومازالت تتعامل معه وفقا لمنطق المؤتمرات والجمعيات على أساس ند ولا نبالغ إن قلنا عدو فجاءت ردة فعله متناسبة مع حجم جهلها بالقضية الأساسية التي لخصتها وسائل الأعلام على أنها من أنا ومن أنت فغابت نحن إلى الأبد والى ذلك الحين التي تستطيع المرآة أن تقنع الرجل في أنها شريكة ومكملة له في بناء المجتمع وليس مجرد مجموعه من أدوات الماكياج والحلي وبعض المجلات الفنية ستبقى المرآة مرآة والأم أما ..ما رأيكم دام عزكم .