المرأة العراقية ودورها في تحقيق السلام والديموقراطية



تيسير عبدالجبار الآلوسي
2004 / 8 / 15

ليس من جدل في عمق وعي المرأة العراقية والحجم المميز لخبراتها السياسية العريضة. وليس من جدل يمكنه أنْ ينتقص من دورها في تحقيق كثير من المكاسب والانتصارات الوطنية على مدى التاريخ المعاصر للعراق الحديث. فلقد وجدناها في المظاهرات وفي الفعاليات التي نشطت بها الأحزاب الوطنية وتقدمت الصفوف في حركة التحرر الوطني العراقية واعتلت أعلى مناسب مؤسسات مجتمعنا المدني العراقي..
وفي مجال خبراتها كانت قد ارتقت إلى حيث توجهها إلى تنظيم نفسها في إطار تجمعات مدنية راقية فكانت رابطة المرأة العراقية ثمرة نضالات عنيدة سواء ضد السياسات الحكومية الرجعية وعملها على حجر المرأة العراقية خلف جدران التخلف والأمية أم ضد سياسات مجتمع التخلف وثقافته البالية مما كانت تنهض بها قوى ظلامية من بقايا أزمنة معتمة في بلادنا...
ولقد صاغت المرأة العراقية شعاراتها في ضوء مصالحها الفئوية المتوافقة مع مصالح فئات المجتمع موضوعيا.. فكان من أبرز شعاراتها الموقف من الديموقراطية والسلام.. وهو الشعار الذي ارتفع عاليا في عقد المرأة الدولي كون قضية السلام بالتحديد هي القضية الأكثر مساسا بوضع المرأة حاضرها ومستقبلها , بل مصيرها بأكمله...
من هنا نجد من الضروري التأكيد على محورية تقدم نضالات المرأة العراقية اليوم بموضوعة السلام والأمن والأمان في وطن السلام والديموقراطية, وطن الحضارة والمجد والسؤدد؛ ولكون حركة النساء العراقيات تظل جزءا حيويا ومهما في حركة العمل الوطني وجب التنبيه على إعلاء شأن شعار السلام .. أما دواعي هذه المسألة فواضحة من طبيعة أحداث يوميات عراق اللحظة الراهنة بكل مجريات آلام مصنوعة من تفجيرات قوى العنف والتطرف..
إنَّ نسوتنا العراقيات من الوعي ما ينبغي عليهنَّ أنْ يلعبن أدوارهن تجاه الابن والزوج والأخ والقريب تربية ونصحا ووعظا وحتى أمرا عندما تقتضي الحاجة. إذ من أين يخرج كل هؤلاء المتشددين المرضى بروح العنف ودمويته.. أليس من ورائهم أو بجوارهم أو خلفهم من نساء؟ لابد الأمر كذلك .. إذن أين أدوارهنَّ؟ هنا ينبغي أنْ يمارسنَ أعلى مسؤولية, حيث لا مناص من أرضية فهم ألا يكون فوق صوت السلام صوت ولا مجال بعد قضية السلام لمناقشة ولحوار.. فأولا السلام وبعده الحوار والمناقشة فيما يريد هذا أو ذاك..
إنَّها وصايا الدين والمعتقد.. وهي وصايا العلم والمعرفة والأخلاق الكريمة.. وهي فرائض الإنسانية التي توجب على المرأة أن تسأل هل من الصائب يوما أن تقبل بسيول الدم وبحارها؟ هل من الصحيح أنْ تسمح لأخ أو زوج أو ابن أن يذهب لقتل ابن جارة أو زوجها أو أخاها؟!!
وهل جاز لها أنْ تتساءل عن صحة جريمة قتل وقد حرم الله قتل النفس وهل من الصحيح أن تقبل بزمن الحرب المستمرة وأن تكون ساكتة راضية عما يجري لها ولأبنائها؟ وهل سيكون من المنطق والعقل والحكمة قبول جرائم تطيح بالعراقيين يوميا بأية حجة أو ذريعة؟ وهل العراقية تختلف عن نساء الكون وعن خلق الله جميعا لتقبل الجريمة والحرب والدم!!! بالتأكيد كلا..
ما ينتظر المرأة العراقية لتثبت جدارتها اليوم مثل السلف الصالح من نساء العراق هو عدم الاكتفاء بمطالب التحرر وبمطالب المساواة والعدل والإنصاف ورفع المظالم بل عليها أنْ تتقدم بنفسها في حملة واسعة حيث تتصل الجارة بجارتها والقريبة بقريبتها والأخت بأختها وألا ينتظرن أن يعمل عنهنَّ رجال متنورون بل أن يعملن بأنفسهنَّ..
إنَّ على المرأة وعلى كل تلك التنظيمات التي تصدت للعمل النسوي أنْ ترفع شعار السلام وأن تنزل إلى الشارع اليوم في اعتصام ضد العمليات العنفية وضد الاختطاف والاغتصاب وكل جريمة عنفية تطالها أو تطال عائلتها والعراق عامة.
كما على المرأة العراقية أن تقف بشجاعة أمام نسوة يتبعنَّ تنظيمات حزبية ومجموعات فرق الموت ويحاولن اختراق صفوف النساء بشعارات "استشهادية" وهي أعمال "انتحارية" ما أنزل الله بها من سلطان ولم يكن يوما ولن يكون يوما شعار الحرب والدم والتقتيل شعارا للمرأة العراقية حاملة لواء السلام والحرية والديموقراطية , وحاملة شعار الأمن والأمان لها ولذويها..
إنَّ السكون في البيت سيكون طامة كبرى على نسوة العراق وسيأتي يوم لا يستطعن لا المضي إلى مدارسهن ومعاملهن بل لن يستطعن الحراك في بيوتهن ولن يأمنَّ على أعراضهن وكراماتهن وشرفهن حيث تسطو قوى الظلام المتذرعة اليوم بالدين والعقيدة والدين منهم براء, ووعي المرأة يجب أن يرتقي لمعرفة عدم وجود قوة أو فلسفة أو دين تدعو للعنف والقتل والدم وتكون صادقة مصيبة ولو أفتى بذلك جهابذة الموت جميعا فللمتدينة المؤمنة وللعلمانية المتفتحة جميعا مسار واحد هو مسار السلام وليس غير مسار الأمن والأمان وليس الموت والقتل والاعتداء على الناس وحيواتهم ومصائرهم..
فلتبدأ حملة منذ اليوم بخاصة مع افتتاح المدارس والجامعات لكي نجمع أوسع المشاركات في تظاهرة السلام التي تطوف كل أرجاء العراق ولا تعود نسوتنا إلى البيوت قبل حلول ضياء السلام الأبيض الباهر ويعم الوئام والأمن والديموقراطية..
فهل ننتظر منكنَّ حملة السلام ذات الفعاليات المتنوعة بين التظاهرة الكبرى المتزامنة في العراق وفي الخارج والاعتصامات والوفود إلى الجهات الدولية والبدبلوماسية والنشر والبيانات والإعلام والتأليف وما إلى ذلك ولتكتب الشواعر [الشاعرات] والكاتبات طوال شهر قابل كل شئ في موضوع السلام وشعاره..
ننتظر البدء بالحملة فورا ونحن معكن أيتها العراقيات الأبيات حاملات قرابين السلام لعراقنا ... ارفعنَّ صورة شبعاد الحرة الأبية ملكة عراق الحضارة وارفعن شعار بهيجة الشهيدة من أجل السلام على جسر الشهداء الذي عبرت عليه نسوتنا باتجاه إعلاء شعارات السلام والحرية وإنَّ خزين نسوتنا العظيمات لكبير وعظيم وهو ما نؤمله في غد منظور...