حقوق المرأة المصرية المنسحقة



حسن مدبولى
2010 / 6 / 25

انسى الحجاب او النقاب , وتجاهل المادة الثانية من الدستور التى يرى بعض المغرضين ان الغائها هو فقط الباب الملكى لاصلاح مصر على كافة المحاور, اضحك ايضا عندما ترى بعض السيدات المتمكيجات بأحدث وافخم انواع الميك اب وهن يدافعن عن حق المرأة فى كيت وكيت ,وتتلخص كيت وكيت تلك دائما وفقط فى اهمية اطلاق حرية المرأة فى ممارسة الجنس بدون زواج , او فى اهمية العمل والنضال من اجل ايقاف التسلط الذكورى المجتمعى, ومنع الارهاب الرجولى ضد المرأة المتزوجة خصوصا, انسى انسى كل تلك الترهات الافيونية التى تصور ان الخلاص المجتمعى فى مصر وبقية الدول العربية,لا طريق له سوى الانعتاق الى تبنى الثقافة الغربية المطلقة خاصة على المستويات القيمية الاجتماعية والدينية,, تذكر فقط ان هناك انسحاق للكافة فى المجتمع العربى عامة وفى مصر خصوصا, وان اسباب ذلك الانسحاق لا تعود ابدا من وجهة نظرنا الى التدين الوهابى الاسلامى , ولا الى المادة الثانية من الدستور المصرى , ولا حتى الى التسلط الكنسى المصرى الذى يستعبد فى الكثير من ممارساته وتسلطه, المرأة وغير المرأة , بينما بعض المتطرفين الارثوذوكسيين فى الداخل والخارج يحاولون ايهام الرأى العام بان مشكلة مصر فى مادتها الدستورية الثانية ,او فى خطب جمعتها المساجدية , الانسحاق المجتمعى الذى شمل كافة ابناء الطبقة المتوسطة والفقيرة فى مصر, والذى جاء نتيجة التطبيق الرأسمالى القبيح المسخ المشوه الفاسد , هو فقط الذى كان الباب الملكى لعمليات الاستعباد والسحق والابادة المجتمعية التى شملت كافة ابناء الاسر المصرية التى كانت مستورة فى السابق , وكذلك ايضا اولئك الذين كانوا فى اوضاع اكثر فقرا , وفد نالت المرأة الحظ الاكبر من عمليات الانسحاق والقهر المجتمعى نتيجة تلك التحولات المجرمة التى حدثت فى مصر منذ بداية السبعينيات وحتى الان .

بالطبع انا لن اعيد ولن اثقل على القارىء باعادة سرد وذكر ما حدث من متغيرات فى مصر خصوصا اننى لا اجد وصفا لتلك المتغيرات سوى الوصف الاجرامى الدعارى الذى حول المرأة المصرية الى مجرد سلعة ,,لكن وردا على عملاء الرأسمالية الدولية ,يكفى ان نشير فقط الى دور المرأة المصرية فيما قبل تلك التحولات الاجرامية التى يريد لنا البعض ان نتعمق فبها وانه وباختصار اما ان الليبرالية هى الحل ,او ان الاسلام هو الحل ,او ان الكنيسة والمسيحية هى الحل,تلك الحلول التى وصلت عبر اليات التحولات الاجرامية الحالية , المرأة فى مصر ماقبل السبعينيات ,كانت شاعرة وكانت اديبة قاصة وروائية مجتهدة ,وكانت سيدة مجتمع تحضر حفلات ام كلثوم بزيها المتمدن وشعرها الحاسر , وكانت اما مناضلة تكافح من اجل تربية ابنائها , وكانت بنت بلد ترتدى الملاية اللف التى تغطى شعرها , وكانت امراة عاملة فى المصانع التى تم اغلاقها حاليا ,او فلاحة تعمل بجوار الرجال فى الحقول التى تم تجريفها الان , وكانت مصرفية تدير اعقد الشئون المالية لمنزلها وترتب الاحتياجات وتعد لتزويج البنات والاولاد ,او تساهم مع زوجها او اسرتها فى الادخار لبناء منزل جديد اكبر يساع العائلة بعد ان ازداد عدد افرادها,كانت الام والاخت والزوجة والحبيبة والجارة , كانت التلميذة والطالبة وغير المتعلمة ,لكن الكل لم يكن يملك لها سوى الاحترام ,والكل يكبرها والكل يدين بأفضالها والكل يقر بانها مدرسة جامعة تقود شعبا الى التحضر والرقى والتقدم .

ما الذى يحدث للمرأة الانى فى ظل العولمة والتقدم والتمدن الرسمالى فى مصر ؟ المرأة انقسمت فى مصر ما بين الكنيسة والمسجد ,المرأة تحولت الى سلعة تجارية للاعلانات , المرأة باتت فريسة لوحوش الراسمالية عندما تبحث عن عمل يسترها ,ويصونها ,ويحقق لها ذاتها , المرأة باتت يائسة بائسة اقتصاديا واجتماعية وانسانيا فقد ارتفع سن الزواج لانعدام فرص العمل للجنسين ,الام المصرية باتت تحمل هموم شتى نتيجة فقدان الاب لعمله وتحويله الى المعاش المبكر الاجبارى من الناحية العملية,و بفضل سياسات عباقرة الرأسمالية وابداعات مفكرى الليبرالية الجديدة,بات التعليم على اى مستوى لا جدوى منه , رغم انه فى السابق كان الباب الاكثر ضمانا للتحول والارتفاع والصعود الاجتماعى ,المرأة المتعلمة الان تنهى تعليمها وتجلس فى منزلها تنتظر الفرج الذى لن يأتى ابدا فى ظل حالة البطالة الرهيبة وفى ظل حالات الفساد التى وصلت الى ان من يحصل على فرصة عمل حاليا فى مصر هم فقط اما ابناء الصفوة المسيطرة ,او ممن يستطيع ان يدفع رشى متعددة ومنها الرشى الجنسية لكى يتم التعيين الفورى , وبالطبع فان اى سيدة او امرأة محترمة فقيرة لا تملك سوى مؤهلاتها العلمية فان مكانها هو الشارع ,او فى احضان جشع غنى غبى لص جمع الاموال بطرق غير شرعية لكى يتسلط بها على خلق الله المحترمين خصوصا الجامعيات منهن ,اما خريجات الدبلوم وغير المتعلمات فالى العمل كخادمات فى بيوت الصفوة والسياح العرب وسوق النخاسة الخليجية .

ولا حل فى مصر سوى العدول عن السياسة الاقتصادية الاجرامية الحالية ,لا الحزب الوطنى ولا حزب الوفد ولا البرادعى ولا غيره سيعيد الى سيدات مصر الماجدات كرامتهن وامنهن وحريتهن ورومانسياتهن المفقودة , لن يسترجع المرأة المصرية من احضان التطرف ولا من براثن السقوط ولا من مجاهل اليأس سوى استعادة مصر من براثن الرأسماليين عملاء الخارج وذيولهم موظفى الداخل .