مالذي يحدث في مسرحية TRIFLES لسوزان غلاسبل



عماد البابلي
2010 / 7 / 8

من بين مسرحيات كثيرة قرأتها فيما مضى ، تبقى مســـرحية ( Little Things Mean a Lot in Trifles ) للكاتبة الأميركية سوزان كلاسبل هي الأروع من بينها ، كان ربيعها في 1876 وخريفها في 1948 ، عانت سوزان كلاسبل كثيرا من نوبات كأبة حادة لزواج فاشل جدا ، فمنذ عام 1930 بدأت حالتها النفسية بالتدهور وعانت كثيرا من أدمان الكحول وسوء الحالة الصحية ، المسرحية ذات حبكة درامية معقدة قليلا وتتمحور حول ظاهرة ترافقنا دائما .. ظاهرة تراكم الأشياء الصغيرة التي لا نبالي لها وثم تحول إلى أشياء كبيرة تهدد حياتنا ، ومن ضمن الأمور التي اهتمت بها الكاتبة في المسرحية هي علاقة الرجل بالمرأة التي يتزوجها ، الزوجة تتخذ ركن بعيد في حياة الرجل ، مهما كان هذا الرجل محترما ومثاليا تبقى الزوجة أسيرة لتقلب عواطفه المعلقة بأنزيمات ترتفع وتنخفض وفق مزاجيات هذا الكيان العضوي الذي نملكه !! اقصة المسرحية حقيقية وقد أخذتها الكاتبة من جريمة قتل حدثت في ولاية أيوا ، كانت سوزان تعمل مراسلة صحفية هناك مابين عام 1899 - 1901 ، حيث أتهمت السيدة مارغريت بقتل زوجها بضرب رأسه بفأس مرتين وهو نائم ، وبعد التحقيقات أن التعاسة التي كان يسببها الفلاح لزوجته هي من تقف خلف الجريمة .. تبدأ أحداث المسرحية في مطبخ السيدة ( رايت ) الذي كان مشهدا لجريمة مروعة راح ضحيتها زوجها السيد ( جون رايت ) ، في المطبخ أجتمع العمدة والسيد هيل صديق السيد جون وزوجتيهما ، رواية السيد هيل لما حدث هي أول مشهد للمسرحية ، فهو يروي كيف دخل لبيت السيد رايت ورأى زوجته جالسة على الكرسي الهزاز بوجهها المجهد وشاردة الذهن ولا تبالي بدخول السيد هيل أو أسئلته عن سبب الفوضى التي تعم المكان ، يبحث جيدا فيجد أن السيد رايت ملقى على السرير وحبل مصنوع من خيوط اللحف على شكل ضفيرة حول رقبته !! يرجع السيد هيل للسيدة رايت فتجيبه وهي تضحك بهستيريا ( لقد مات والحبل حول رقبته ) ، تتولى أحداث المسرحية ليتم التحفظ على السيدة رايت لكونها المتهمة الرئيسية في هذه الجريمة ، المحور الرئيسي في المســرحية هو الحديث الذي دار بين زوجة السيد هيل وزوجة العمدة السيد بيتر ( السيدة هيل والسيدة بيتر ) حول تحليل الجريمة ، اللواتي بقين في المنزل لترتيب حاجيات السيدة رايت المبعثرة وأخذ بعض الحاجيات لها وهي في السجن .. ذهول السيدة وصدمتها منع المحققين من أخذ تصور كامل للجريمة !! تروي السيدتين كيف أن السيدة رايت كانت جميلة جدا في شبابها وكانت تملك صوتا شجيا يؤهلها لتكون مطربة مشهورة ، لكن زواجها من السيد رايت هو ما منعها من تحقيق حلمها ، كان السيد رايت يعامل زوجته بفتور شديد وغير مبالي بها بأي شكل ، حتى أنه منعها من مغادرة المنزل أو أنجاب الأطفال ، السيد رايت رغم هذا كان مشهورا في البلدة بحسن سيرته وعدله في المتجر الذي يعمل يملكه ، فقد كان نزيها جدا في تعامله مع الناس!! رغم هذا كان يملك وجها بشعا في البيت .. أثناء البحث في البيت وجدت السيدتين قفص الكناري مفتوحا الذي كانت تملكه السيدة رايت ، وبعد البحث أكثر وجدن الطائر محبوســـا في أحد أدراج المكتبة .. كانت السيدة رايت تحب كثيرا هذا الطائر الذي كان يذكرها بصوتها الجميل في الماضي ، الكناري الميت هو ما قاد الســـيدتين لا حقا بأن السيدة رايت هي التي خنقت زوجها بعد أن حبس الطائر في الدرج لأنه كان يكرهه !!!!!!! طائر الكناري كان رمز الحرية الوحيد الذي تملكه السـيدة رايت وكان القفص هو بيتها ، مات الكناري فيجب أن يموت معه السيد رايت ، وبنفس طريقة موت الكناري يموت السيد رايت !!! .. الكناري كان رمز الحرية المسروقة التي تعاني منها تلك المطربة التي أصبحت ضحية استبداد وتمييز جيندري أحمق مارسه شخص مزدوج الشخصية ، كان حسن السمعة مع الناس وسيء جدا مع زوجته .. تتعاطفان السيدتان كثيرا مع السيدة رايت بحيث أخفن القفص وجثة الكناري ..
الملفت في حوار السيدتين في المســرحية بأنهما كانتا تتوقفان عن الحديث كلما مر شخص من قربهما !!
مؤلفة المسرحية السيدة سوزان كلاسبل نجحت في صياغة تناقض اجتماعي حاد يعاني منه المجتمع ، والتناقض هذا يبدوا بشكل أوضح في المجتمع العربي الشرقي .. الرجل الشرقي هو يعتبر زوجته هي بقايا من عصر السبايا والعبيد المنقرض وبنفس الوقت يهتم بسمعته بين الناس لا لدوافع ذاتية نحو حسن السيرة لكن لدافع أخر يتعلق بخارطة المجتمع نفسها وما تقسمه من خير أو شر ..
الهدف من المسرحية كان هو معرفة الأشياء الصغيرة أعادة تقييم لها وأعتبارها من جديد .. وكانت وثيقة تاريخية مهمة لحال المرأة الأميركية في بداية القرن العشرين ، وماعانت من تمييز عنصري خصوصا في الريف الأميركي ، ( المرأة تقتل لتحصل على بعض من السلام )