على المرأة أن تعرف دورها



روناك خان أحمد
2010 / 7 / 11

نحن في العراق نعيش هذه الأيام في أدق وأخطر المراحل حيث أن البلد لم يمر بمثل هذا المنعطف الخطير منذ سنوات وقرون ، وعليه فنحن بأمس الحاجة الى كل جهد لإنقاذ البلد من هذا الحال والمنوال .. نعم البلد بحاجة الى جهود كل المخلصين رجالاً ونساءً وسياسيين ومثقفين ورجال دين وغيرهم .
وهنا يأتي دور المرأة العراقية وكل واحدة في موقعها لتكون مسؤولة وواعية لإبعاد إخطبوط الارهاب ، نعم الارهاب بكل أشكاله من ارهاب القتل الى ارهاب الفساد المالي والاداري وارهاب الفراغ السياسي منذ السابع من آذار الماضي ، وهذا الارهاب بمجموعه هو الذي يدمر العراق بما يحويه من قيم الحضارة واُسس الحياة .. على المرأة أن تُفعل دورها بحيث لا يقل هذا الدور عن دور أخيها الرجل لوضع حد لهذا الدمار والإقتتال والتهجير ، عليها أن تختار هذا الدور بكل إيمان ومسؤولية ... وأنا واثقة بأن دورها سيكون مشهوداً ومؤثراً .
كانت الروائية الأمريكية " هارييت بيتشر ستاو " تتألم كثيراً للمشكلة الرئيسية في بلادها وفي بداية الربع الثاني من القرن التاسع عشر وهي مشكلة الزنوج حيث يباعون ويشترون كأية سلعة لتصبح هذه القضية معاناتها اليومية ، ويزداد شعورها بمسؤوليتها عندما يستنجد بها الناس بعمل شيء ما بوجه هذا الظلم وخاصة عندما تقرأ في بريدها اليومي رسالة جاء فيها : " على الأقل تستطيعين أنتِ إستخدام قلمك ، افعلي شيئاً لتعرف البلاد كلها كم هي بشعة عملية تجارة العبيد " ... فتلجأ الى القلم وهو السلاح الذي يقهر أمامه كل الأسلحة عاجلاً أم آجلاً ، تسهر الليالي لتكتب رواية " كوخ العم توم " لوصف المعاناة الحقيقية للزنوج في أمريكا والهجمة العنصرية عليهم في الولايات الجنوبية ... لقد كانت رواية " هارييت " صرخة ضمير في وجه العبودية لنبذ هذا العنف وكانت صحوة قيام للزنوج أنفسهم كي يستيقظوا من نومهم وسباتهم العميق ويكونوا بمستوى مسؤولياتهم ويعيشوا أحراراً لأن الله خلقهم كذلك ، فجاء النداء التأريخي للرئيس الأمريكي " أبراهام لينكولن " سنة 1826 وذلك بتحرير العبيد في الولايات الجنوبية ، فبدأ الصراع الحقيقي من أجل الحياة والعيش وكانت كلمات " هارييت " في روايتها بمثابة النار في الهشيم ، فيطلب الرئيس لينكولن مقابلتها في البيت الأبيض إعتزازاً بدورها ويشد على يدها قائلاً : " إذاً هذه هي المرأة التي أضرمت الحرب... " ، نعم إنها أضرمت ناراً لتأكل اليابس فقط من أجل الحياة إيماناً منها بقول السيد المسيح عليه السلام " الشجرة غير المثمرة تقطع وتلقى في النار " ... ولهذا وقفت كل أمريكا لها تقديراً وإعتزازاً ليقولوا لها : " ليباركك الرب " .
نحن في عراقنا وفي هذه الأيام نتعرض من الارهاب وأدواته من إحتلال وتهجير وفساد مالي وإداري وتدمير وضياع لما هو أخطر من تجارة العبيد ، وعلى كل إمرأة عراقية سواء كانت وزيرة أو كاتبة أو عضوة في البرلمان السابق واللاحق أن تتحمل مسؤوليتها بوعي وجلد وتعمل لبلدها عُشر ما فعلته " هارييت " لبلدها ، وأنا متأكدة عندئذٍ سيكون حالنا أفضل مما نحن عليه الآن !