شهادة المرأة



دينا قدري
2010 / 7 / 29

.....اخيرا وبعد جهد جهيد نالت المرأة الشرف العظيم بحصولها على المنصب القضائي – الذي ما زال محجما - بعد أن بح صوت ثلة من الرجال المستنيرين مع بعض المستنيرات في سبيل أن يكون لها حق الولاية القضائية
ودخلت المرأة ساحة القضاء كأنسانة مشهود لها بالعلم ورجاحة العقل وسداد الرأي والاتزان النفسي والعاطفي وقبلهما العقلي ، واعتلت منصة القضاء لتكون حاكما على الرجال والنساء على حد سواء .....
ولكن.... وقعنا في أحرج المتناقضات....ما بال هذه القاضية لو طلبت للشهادة في القاعة المجاورة ؟؟؟....هل ستكتفي بخلع روب القضاء وتبادر بشهادة لايعترف بها الا في وجود امرأة اخري ليكتمل بهما رجل صحيح؟؟؟
لن نتحدث عن حالنا الذي يرثى له ونحن نقف كالبلهاء أمام من يسألنا تفسيرا لهذة المسرحية الهزلية
وإنما ستفعل كما يفعل العقلاء ستراجع موروثتنا ونفتش عما وعمن اوقعنا في هذه الاشكالية....ونبدأ
اعتمد المشرع فيما يخص شهادة المرأة على الاية القرآنية (282) من سورة البقرة :" وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى "
وبالرجوع الي التفاسيرنرى أن :
ورد تفسير الآية عند الطبري: أن تنسى إحداهما فتذكِّرها الأخرى.
تفسير البيضاوي: علة اعتبار العدد أي لأجل أن إحداهما إن ضلت الشهادة بأن نسيتها ذكرتها الأخرى.
تفسير الشوكاني: قال أبو عبيد : معنى تضلّ تنسى ، والضلال عن الشهادة إنما هو نسيان جزء منها ، وذكر جزء.
إذن العلة هي احتمال النسيان بدلالة ( إن ) التي تفيد الشك والتقليل كما أجمعت التفاسير التي اوردنا بعض منها على سبيل الاسترشاد ولم تختلف باقي التفاسير عنها ...فنحن أمام حالة غير مطلقة فلا نستطيع أن نقول أن كل النساء تنسى ..كما لا نستطيع بالتالي أن نقول أن كل الرجال تتذكر...نحن أمام قضية منطقية شهيرة وهي أن العلة تدور مع المعلول سلبا وإيجابا بمعنى أن لو المرأة أو حتى الرجل شاب شهادته شبهة النسيان أصبحنا بحاجة لاخرى أو أخر لتأكيد الشهادة والعكس صحيح فلو المرأة كنت من الثقاة من المكانة العلمية أو المهنية أوغيره فلسنا بحاجة لوجود أخرى.. إذن نحن لانحتاج الا لضوابط يضعها الحكماء والعلماء تقيس النسيان عند الجنسين ، وحتى لاينبري متزلف أو متشنج من محبي التفاسير الذكورية صارخا نقول كم من التاريخ الغابروالمعاصر برزت فيه نساء قادت رجال واثبتت كفاءتها؟! ولن نبعد بعيدا السيدة خديجة بنت خويلد نفسها كانت من النساء المشهود لهن بالقدرة على منافسة الرجال في المجال التجاري والاقتصادي بل وتغلبت عليهم وفاقتهم ومن العصر الحديث أنديرا غاندي ومرجريت تاتشر(المرأة الحديدية) والمجال يضيق عن ذكر الجميع....
أما عن من يتشدقون ببعض الجمل التقريرية التي لم بثبتها علم او تاريخ من مثل : (وهذا التمييز في الشهادة ليس تمييزاً عبثياً وإنما يعود إلى الفوارق الفطرية والطبيعية بين الرجل والمرأة ، حيث أن المرأة لقلة اشتغالها بالمبايعات معرضة أكثر من الرجل للضلال الذي هو نسيان جزء وتذكر جزء آخر ، ويعود سبب ضلال المرأة أكثر من الرجل إلى طبيعة تركيبة جسمها الذي يجعلها تتأثر بسرعة مما يعرضها لعدم الثبات ) فان لم يكفهم ردا ما اسلفنا نقول : هل الرجل "الشاهد" تكفيه تركيبته الفسيولوجية (العضوية ) لتبرئته تماما في حال ما كانت تركيبته السيكولوجية (النفسية ) غير سليمة ....
لقد عبرت الأمم الأخرى معبر الذكر والأنثى منذ آماد بعيدة الى لفظي الانسان والانسانة ولكننا مازلنا غرقى حتى أذاننا في وحل التسلط والنفعية والاستبداد ...