لماذا لا يحكم العراق امرأة



محمد علي محيي الدين
2010 / 8 / 3

في تاريخ شعوب العالم قاطبة تولت نساء حكم بلادهن سواء ملكات أو أميرات ،رئيسات أو مستشارات مفروضات أو مختارات ، إلا العراق فهو بدعا بين الشعوب يحكمه الرجال دون النساء وذلك أمر ملفت للنظر،فالعراق دون شعوب العالم يحكمه دوما الغرباء والوافدين وليس أبناء البلاد الأصليين فقد أستعمره الفرس لقرون في الجاهلية،وحكمه الحجازيون لقرون في الإسلام ،وبعد أن دالت دولة العرب تداوله الترك والفرس في مناوبات حاكمة حتى سقوط الإمبراطورية العثمانية بدايات القرن العشرين فتولى قياده الإنكليز حكما مباشرا أو من خلال عملاء مأجورين من غير العراقيين ،حتى سقوط العهد الملكي وبدايات العهد الجمهوري،تولاه عراقيون منهم الأصيل وفيهم الدخيل،ومنهم الوطني أو العميل،ولم يكن بين جميع حكامه امرأة لها الزعامة المطلقة،أو الحكم المباشر للبلاد.
وطيلة العهود الغابرة والحاضرة رزح العراق تحت ظلم ليس له مثيل حتى اتهم شعبه بالرضوخ والاستكانة أو خلق الطغاة والمستبدين،وربما أصبحت السمة المميزة له أن لا يحكمه إلا ظالم أو مستبد ،فهل الخلل في طبيعة النظام أو الحكم أم الخلل في طبيعة الشعب،وهل نسير وراء الدعاء المأثور( اللهم أجعلهم طرائق قددا ولا ترضي الولاة عنهم أبدا)) أو القول المشهور((يا أهل العراق لقد ملئتم قلبي قيحا..الخ)) وما إلى ذلك مما ذكرته كتب التاريخ،أم نركن إلى الواقع وندعو للتغيير فالرجل العراقي غير صالح لحكم شعبه لما نفسه من نزعة للتفرد والاستبداد،وعدم ميله للديمقراطية والتحرر،وأنه محكوم بعقلية قبلية تجعل الرجل سيد الكون فيعتقد في نفسه الكبر وتأخذه الخيلاء ويملئه الزهو لردح الرادحين وتطبيل الطبالين وزمر المزمرين، وهو ما رأيناه بأعيننا وعاصرناه بأنفسنا فكانت هتافات الشعب لقاسم رفعته للمقام الأعلى وجعلت صورة في القمر وما أسرع ما انتهى تلك النهاية المأساوية ليظهر لنا من بين تخوم الأرض رجل لا أصل له ولا فرع ليأخذ منزله دونها منزلة الإله خدعه الناس بتصفيقهم وتطبيلهم وتزميرهم وهتافاتهم حتى صدق أنه هبل الأعلى أو فرعون مصر إلى أن لفظته الإرادة الخارجية لفظ النواة لتسلط علينا رجالا ما كان لهم مكان معلوم بين العراقيين أو أسم مشهورين بين المناضلين،فهتف الشعب لعلاوي ولطموا للسيد الجعفري وهزجوا للمالكي وكل من يهتف أو يلطم أو يهزج لا يعرف هذا من ذاك سوى لهاث خلف أي بارقة ولهاث مع كل ناطقة ،وها نحن اليوم نمر بمفترق خطير فالرجال الذين ألهنا وقدسنا وزمرنا ورقصنا لهم يتصارعون تصارع الأطفال أيهم يظفر باللعبة لينفرد بها ويكون سيدا للعراقيين ،فلم يكن بينهم الأمين المخلص الذي يعمل لشعبه أو من أجل بلده وجل اهتمامهم في تثبيت وجودهم وزيادة رصيدهم والإكثار من المحاسيب والأعوان وكأن العراق ضيعة خلفها آباء هؤلاء الذين لم يسمع بهم الشعب أو يفتقدهم الوطن يوما ،الفرارين في الملمات والحاضرين لتقاسم الغنائم والهبات ،والشعب يعلم أن هؤلاء أول من يهرب أذا وقعت الواقعة أو أزفت الآزفة،فهم لا يحمون شعبا ولا ينجدون وطنا ووطنهم من منحهم الجنسية الثانية أن كانوا من أصحاب الأولى وليس من الجاليات الوافدة مع المحتلين عبر العصور،فالعراقي لا يتخلى عن عراقيته والوطني لا يتخلى عن وطنيته إلا أصحاب الجنسيات فهم يتخلون عن وطنهم كما تخلوا عن جنسيتهم.
لذلك علينا أن نجرب حظنا مع النساء فقد بلونا الرجال فلم نجد فيهم من يصلح لبناء وطن أو لإسعاد شعب فعسى أن يكن نسائنا خير من رجالنا فما خسر شعب قدم امرأة،ولنا أسوة بالشعوب التي وصلت الذروة وتقودها فضليات النساء ،ولكن هل تسمح العزة الرجولية بأن تقودها امرأة هذا ما نحتاج إلى أثباته فالمرأة أصلح لقيادة المجتمعات من الرجال ولها القدرة على ترويض الطفل الأعجم فما بالك بترويض الرجل،ولنا بشهادة الأمام علي فيها عندما أرسل رسالة لمعاوية يقول فيها(سأأتيك برجال قلوبهم قلوب النساء) فإذا كان قلب المرأة بهذه القوة والجلادة التي جعلت الأمام يشبه خيار رجاله به فهي الأحرى والأفضل والأحسن فرجال العراق هذه الأيام يتعاركون على الكعكة فيما تنصرف النساء لبناء الأسرة ،والقادرة على بناء أسرة هي أفضل لقيادة شعب من رجال المقاهي والمنتديات.