صباح مختلف



سميرة حسين جاف
2010 / 8 / 5

اعتدنا في صباحاتنا المتشابه أن نستيقظ على اليأس القابع في محاولاتنا للاختلاف، وتستحضرنا كالعادة أنواع بليدة من الجمل المبتذلة منها، الأمور تنأى عن الصحة والاعتزال والانزواء خير سلاح للتمرد على الواقع المتخلف الذي يقتات علينا وعلى أمنياتنا التي تصطدم بالصخر البليد ، والأخطر هو جلد الذات بعبارة ليتنا لم نقصد هذا العالم الموحش باللامبدئية بل واللأنسانية في ثنايا وانبعاجات حياتنا المتكررة دوما ، والأقنعة التي لاتنفك ينتقل بين هذا وذاك فيحتدم الأمر علينا إلى الخلط الحابل بالنابل وضياع النوع وازدياد الكم الباهت الضحل وتقوقع الأشياء على المظاهر المصطنعة واللأنسانية الفارهة حد العدم . ليتنا انتزعنا من رؤوسنا الأقلام والأوراق وتعلقنا بشهاداتنا الدراسية التي لم يمكث وعلقناها على جدران البحث عن مكانة يليق بها فنفيد ونستفيد ، ليتنا قصدنا دهاليز العمل ذلك المجال المقدس كي نتعلم من خلاله ونصبح خريجات في ميادين الحياة ملمات بدقائق انعطافاتها، أكاديميات في دراسة انبعاجاتها، متشربات منها منهلا وتجربة ورغدا. أما السؤال الذي كنا نبتعد أو نتحاشى عنه، إلى متى ؟! أفظع سؤال وأكبر هاجس وهو- في نفس الوقت - كفيلة بتهديم بنيتنا النفسية والذاتية، لطالما بحثنا عن صباح مختلف نستبدل فيه كل خزعبلاتنا بكلمة - إنسان - و- وجود - و- مغزى زاهي بزهو الأمل ومتلون بلون الحياة الحقيقية . المغزى أن الحياة كفيل بتجويد فرصها للكل ذكورا واناثا لكن هاجس الوحش السلطوي الذي نعيش مرارته نحن النساء في مثل هكذا مجتمع ذكوري يلغي مفاتن النعم التي يوفرها الحياة للمرأة لذا اقتضى منا ذلك الإلحاح في طلب حاجة ننشدها تأريخا غابرا ألا وهي العدالة ، العدالة (وليست المساواة التي تقصم ظهر البعير)، في الحقوق الآدمية لنا نحن النساء، وربما يسأل سائل ممن الطلب، وكيف يطلب الحق وهو يؤخذ؟ أقولها نعم، نطلبها من الرجال لأنهم أسياد القانون والشرع والدستور ومراكز القرار في مجتمعنا الذكوري الغير منصف واللامنطقي في تجزئة وبعثرة القدرة البشرية الهائلة والكامنة في المرأة منطقا وقدراتا اقتصادية وإنمائية وإبداعية واجتماعية ليتقوقع دورها في إطار الإنهاك الفكري باحثة عن شيء اسمه الحقوق الآدمية، إقصائها عن خدمة البشرية كما ونوعا إلى جانب النصف الآخر وعدم تمكينها من الولوج واقتحام منابر السياسية هدم لكينونتها وهويتها الإنسانية وإشارة لبيب إلى انكماشها في قوقعة ضيقة لاتطال إدراكها وحركتها مفاهيم ومدارك الحياة المشتركة كما ونوعا مع نظيره الرجل، وان نشدوا وينشدوا فيما طالت ألسنتهم عبارات ليست إلا دفاعا زعما وادعاء لسياسة الرجل في الحفاظ على وجوده وسلطته اللامتناهية، ليتنا نصحو صباحا فنجد الطبيعة وقد لونها العدالة بلون العدل ويرمي بالانتهاكات ضد المرأة في اقرب تابوت بلا عودة، صباح متلون بإزالة بقع التهميش والتبخيس والتجريد لماهية المرأة وكينونتها المدمجة ليست فقط بكينونة الرجل وإنما بكينونة الوجود والحياة، هذا ان توفر لهن التنمية التي تبلورت معناه من التمكين، أي تمكين شرائح معينة من ممارسة دورها الحقيقي في مجالات الحياة لتتوازن المعادلة الواجباتية والحقوقية للكل والذي بدوره يساعد في معالجة اختلالات في مجالات المجتمعية كافة وأخص منها المجال السياسي وإعادة هيكله النظامي لإتاحة الفرص متساوية أمام الكل بغض النظر عن الجندر، بل أن يكون الكفأة العقلية والإنمائية والإنتاجية هي المقياس.. وهذا هو ماننتظره في صباح يختلف عن كل الصباحات .