المرأة السيناوية وحقها في المشاركة السياسية



نبيل عواد المزيني
2010 / 8 / 25

المرأة السيناوية وحقها في المشاركة السياسية

بقلم الباحث / نبيل عواد المزيني
لقد بدأت المرأة بالبحث عن المساواة وممارسة حقوقها مع بداية البشرية ، ولاكن بدأ موضوع حقوق المرأة السياسية يأخذ بعد جديد وتم طرحة علي المستوي الدولي بعد الحرب العالمية الثانية ضمن مبادئ حقوق الإنسان واعتماد الإعلان العالمي ، وتمخضت تلك الفترة عن ولادة عدة وثائق واتفاقيات ذات صلة بحقوق المرأة ، وكان من اهم تلك الاتفاقيات ما نحن بصددة في هذا المقال , وهي الاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة لسنة 1952م ، والتي كان من بنودها كفالة المساواة مع الرجل في التصويت في جميع الإنتخابات ، والأهلية للترشيح والمشاركة في صياغة السياسات وتنفيذها .

وبعد تحرير ارض سيناء من الاحتلال ، وعندما بدأت المرأة السيناوية أولي خطواتها علي طريق ممارسة حقوقها ، لم يكن ذلك الطريق سهل بل كان وعرا وملئ بالجبال والمرتفعات مثل طبيعة أرض سيناء الصحراء ، لاكن المرأة السيناوية اكتسبت من وعورة الصحراء صلابة ، ومن ارتفاع الجبال همة ، فحطمت قيود العزلة وبدأت خطواتها الأولي بثبات الجبال وصبر الجمال نحو التعليم ، فحصلت من الجامعات علي شهادات مع احتفاظها بالتقاليد الاصيلة والعادات ، ثم حققت نجاحات وطفرات في شتي المواقع والمجالات ، بدأ بالوحدات القروية و مرورا بالمجالس المحلية والشعبية ، وهي الان تطمح في الوصل الي مراكز صناعة القرار عن طريق مقعد لها في البرلمان، وبنت البادية المحامية فضية سالم المزيني علي ذلك خير دليل وبرهان .

وقد ساهمت المرأة السيناوية ولاتزال الي جانب الرجل في جميع المجالات وشتي الاصعدة ، فعلي الصعيد الاجتماعي والمحلي والحزبي ، يرجع الفضل الي المرأة السيناوية الصامدة في عدم نجاح اسرائيل في التغلغل داخل المجتمع السيناوي وفشلها في تهويد سيناء علي مدار اثني عشر عاما من الاحتلال , نتيجة لزرع المرأة السيناوية في نفوس أبنائها عشق الحرية وحماية الديار وحب الوطن والاخذ بالثار، وبعد التحرير ايضا نجد ان المرأة السيناوية خاضد غمار المعترك السياسي والحزبي علي المستوي المحلي بروح عالية ، وفي هذا المضمار نجد السيدة ” عائشة ”بنت قبيلة السواركة ، والسيدة سلوي الهرش بنت قبيلة البياضة ، والحقوقية فضية سالم المزيني بنت قبيلة مزينة ، والسيدة رتيبة بنت قبيلة الرميلات ، وغيرهن الكثير .

وعلي صعيد المقاومة الوطنية بجانب الرجل أثناء فترة الاحتلال نري صفحات التاريخ الحديث مملؤة بالمواقف المشرفة للمرأة السيناوية ، ففي اعقاب نكسة 1967 ، نراها شاركت في تهريب الفدائيين وعلاجهم ومساعدتهم في الوصول إلي الأراضي المصرية ، بما لها من دراية بالطرق والمدقات السيناوية ، وفي هذا الصدد يقول الشاعر السيناوي اشرف العناني " كانت الراعيات تقمن بالعبور مع حلالها ( الغنم والماعز ) على آثار الفدائيين والجنود الفارين من ملاحقة الإسرائيليين لتشويه جرتهم ( أثار أقدامهم ) حتى لا يكتشفهم الإسرائيليين ، بل إن بعضهن قمن بأنفسهن بعمليات فدائية " .

وأما علي صعيد الدفاع عن حقوق المرأة والمطالبة بالمساواة ، فعندما صدر قرار بمنع المرأة من أن تكون قاضية ، قامت المرأة السيناوية بتنظيم وقفات واحتجاجات لتعبير عن رفض ذلك القرار المجحف بحق المرأة في تولي القضاء ، لأن المرأة السيناوية تؤمن ان الدستور كفل للمرأة كافة حقوقها وطالبت بإعادة النظر في هذا القانون الجائر ،وقادت الاحتجاجات والتظاهرات السيدة سلوي الهرش في شمال سيناء ، وقادتها الحقوقية فضية سالم في جنوب سيناء .

وعلي صعيد مشاركة المرأة السيناوية في الانتخابات والتصويت ، نجدها قد ساهمت في انتخابات مجلس الشوري الماضية عن طريق الترشيح مثلما فعلت بنت قبيلة السواركة السيدة عائشة ، وعن طريق التصويت ،حيث قامت القيادات النسائية وأمينات المرأة بالوحدات الحزبية والمدن بالتحرك لتشجيع المرأة على الخروج إلى صناديق الاقتراع وممارسة حقوقها في التصويت والمشاركة في اختيار من يمثل السيناوية في مجلس الشوري ، فكانت للمرأة السيناوية الدور الهام والفعال في تحديد الفائز فى الانتخابات .

ورغم ان مصر من الدول التي تنص قوانينها بوضوح على حق المرأة في المشاركة السياسية ، إلا أن المرأة المصرية بصفة عامة والسيناوية بصفة خاصة لم تشعر بممارسة حقها الكامل في المشاركة السياسية إلا بعد صدور القانون رقم 149 لسنة 2009 فى شأن مجلس الشعب - كوتة المرأة ، والذي نصت المادة الثالثة علي :
"تقسم جمهورية مصر العربية إلى دوائر انتخابية، لانتخاب أربعمائمة وأربعة وأربعين عضوا. كما تقسم إلى دوائر أخرى لإنتخاب أربعة وستين عضوا، يقتصر الترشيح فيها على المرأة، ويكون ذلك لفصلين تشريعيين وينتخب عن كل دائرة عضوان يكون أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين " ، وكان من نتائج هذا القرار الحكيم ان قامت الحقوقية بنت البادية فضية سالم المزيني بالترشيح لمقعد المرأة فئات في مجلس الشعب 2010 بجنوب سيناء , والسيدة سلوي الهرش بالترشيح في شمال سيناء , وغيرهن الكثير من النساء .

وقد رأت المرأة السيناوية في هذا القانون نصر كبيرا لها علي طريق المشاركة السياسية ، وخاصة بعد ان تم تخصيص 64 مقعداً كحد أدني للمرأة في مجلس الشعب المصري ، ويرجع ذلك الي ان المرأة السيناوية تعتبر من انشط النساء في مجال المشاركة السياسية عندما تتاح لها الفرصة ، حيث اكدت الاحصائيات ان المرأة الأعلي نسبة في المشاركة السياسية هي المرأة السيناوية ، فقد نجح 9 سيدات من اصل 10 مرشحات لعضوية المجلس المحلي لمحافظة جنوب سيناء في دورتة الحالية ، وفي مقدمتهن بنت البادية فضية المزيني ، وعلي مستوي المجالس الشعبية للمدن تم ترشيح 19 سيدة نجح جميعهن ، كما أحرز المجلس المحلي لمحافظة جنوب سيناء المرتبة الأولي علي مستوي الجمهورية في نسبة تمثيل المرأة.

وقد صدقت عضوة مجلس محلي جنوب سيناء عيدة خطاب بنت قبيلة مزينة عندما قالت: اننا كنا نعاني من بعض العادات والتقاليد التي تمنع منافسة السيدات والرجال وان تقود رأي وأيضا عدم ثقة الرجال في حلها للمشاكل اما الآن فقد اختلف الوضع تماما في جنوب سيناء وأصبح الرجال هم الذين يدفعوننا للتقدم للعمل السياسي والحزبي والترشيح في كافة الانتخابات سواء محلية أو للشعب.

فقد أعرب رئيس المجلس الشعبي المحلي بجنوب سيناء صالح عودة عن ثقتة في قدرات المرأة السيناوية قائلا " ان المرأة أثبتت قدرتها علي التمثيل لمجلس الشعب وظهر ذلك واضحا في نجاحهن في المجلس المحلي للمحافظة أوالمدن " واستدل علي قدرة المرأة السيناوية في المشاركة بالحياة السياسية بقولة " ان أول محافظة تعمل المرأة فيها وكيلاً للمجلس المحلي للمحافظة هي جنوب سيناء "

ولاشك ان قرار زيادة مقاعد المرأة في مجلس الشعب لا يهدف لصالح المرأة فقط وانما لصالح المجتمع كله ، ولهذا أكد عضو مجلس الشعب في دورتة الحالية ، والمرشح لعضوية المجلس في الدورة القادمة ، حميد حسين أبو غصين ،علي ان جميع مشايخ القبائل بمحافظة جنوب سيناء سعداء جداً بإضافة مقعدين للمرأة وأعلنوا منذ صدور القرار مساندتهم الكبيرة للمرشحة التي تستحق تمثيل نساء المحافظة وكافة أبنائها.

ولازال طموح المرأة السيناوية اكبر مما حققتة علي ارض الواقع بكثير ، فما زالت تتطلع إلى تعزيز مشاركتها في مراكز صناعة القرار ،وبمواقع القيادة في مؤسسات الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع الأهلي ، والعبور الي مفهوم اوسع وأشمل للمساواة في الحقوق والمشاركة السياسية كي تتمكن من القيام بمسئوليتها وخدمة وطنها .

نبيل عواد المزيني
باحث وكاتب سيناوي
الولايات المتحدة الامريكية
www.elmozainy.com