نقد البرنامج الوطني للمرأة العراقية



محمد سعيد الصگار
2010 / 9 / 8

عندي‮ ‬إحساس في‮ ‬كون الشكوك بكفاءة المرأة في‮ ‬إدارة الدولة،‮ ‬تأتي،‮ ‬في‮ ‬الغالب،‮ ‬من المرأة نفسها‮. ‬وخصوصا ممن فوجئن بالضمانات الدستورية لحقوق المرأة،‮ ‬بعد عمر طويل من الكفاح،‮ ‬وانتظار طويل لنتائجه؛ حيث‮ ‬يصعب عليهن التصديق بإمكانية أن تَنتخب المرأة وتُنتخب،‮ ‬في‮ ‬مجتمع أكثر من نصفه أميون،‮ ‬تكوّن المرأة شريحة واسعة فيه‮.‬

الإحساس بهذا الواقع‮ ‬يجعل المرأة العراقية تستقبل هذه التحولات في‮ ‬المحتمع العراقي‮ ‬بشيء من الوجل و التردد وعدم التصديق بإمكانية تحقيقه؛ ولذلك نراها تتشبث بمصادر القوة في‮ ‬الدولة لإسنادها في‮ ‬تحقيق برامجها التي‮ ‬تنهض بها مجموعة من ذوات الخبرة والكفاءة ممن أظهرن حضورا في‮ ‬مجالات عملهن؛ فلماذا إذن هذا التوسل وهذه الضراعة وقد ضمن الدستور حقوقهن،‮ ‬ورصد نسية‮ ‬25٪‮ ‬من مجموع نواب الشعب لهن‮؟

‬وعلامَ‮ ‬هذا‮ (‬البرنامج الوطني‮ ‬للمرأة‮)‬،‮ ‬وجمع التواقيع من أجل تعزيزه والتضامن معه وهو لا‮ ‬يطلب أكثر من حقه الذي‮ ‬ضمنه الدستور،‮ ‬دونما حاجة إلى التوسل بهذا المسؤول أو ذاك‮.‬

ما الذي‮ ‬ستأتي‮ ‬به حملة التضامن مع‮ (‬البرنامج الوطني‮ ‬للمرأة)؟

إن الوضع الستراتيجي‮ ‬للمرأة لا‮ ‬يخرج عن دائرة الحاجة الوطنية للإصلاح،‮ ‬فحقوقها لا تختلف عن حقوق الشباب والطلاب وأرباب المهن والعمال والفلاحين والمثقفين وغيرهم من مكونات المحتمع العراقي؛ وكلهم بحاجة إلى الدستور؛ فهو المرتكز الأساسي‮ ‬لكل مشاريع الإصلاح؛ وهو ما‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نعزز دوره ونحمبه من التلاعب والتأويل‮ ‬غير المشروع‮.‬

الأجدر بالبرنامج الوطني‮ ‬للمرأة أن‮ ‬يحوّل تواقيع التضامن من صيغة التوسل والرجاء إلى عامل ضغط بقوة على الحكومة من أجل مكافحة الأمية والبطالة،‮ ‬وتوفير الحد الأقصى من حقوق المرأة المغيّبة والمنسية،‮ ‬والدق على هذا العصب الحساس،‮ ‬والتمسك بما ضمنه لهن الدستور دون فضل من أحد،‮ ‬ودون الحاجة إلى الإستنجاد بأية جهة‮.‬

في‮ ‬الواقع،‮ ‬نحن لسنا بحاجة إلى اختبار طاقة المرأة العراقية على ما‮ ‬يُسند إليها من مسؤوليات،‮ ‬فالمسألة لا تتعلق بقلة خبرة بعض المسؤولات،‮ ‬وإنما بمستوى الوعي‮ ‬الذي‮ ‬تتمتع به العراقية،‮ ‬وهو وعي‮ ‬تاريخي‮ ‬يعود إلى أكثر من سبعة عقود حفلت بنماذج مرموقة من الشخصيات النسائية،‮ ‬تقدمن الصفوف بالوعي‮ ‬والخبرة،‮ ‬دون جمع تواقيع،‮ ‬وضراعة لا تليق بهن‮.‬

سيدتي؛
المفتاح بيدك،‮ ‬والدستور كفيلك،‮ ‬فلا تتنازلي‮ ‬ولا تتوسلي‮. ‬كل ما تحتاجين إليه،‮ ‬وما نأمله فيك،‮ ‬هو وضع ستراتيجية عمل تكون بوصلة لمن معك ومن‮ ‬يأتي‮ ‬بعدك‮. ‬وثقتنا بك لا تحتاج إلى توقيع‮.‬

(نشر اليوم في مجلة نون العراقية - العدد ٣٦)