جواز سفر



هيفاء حيدر
2010 / 10 / 7

جواز سفر
ماذا عن أولادي؟
هذا هو عنوان الدراسة التي صدرت في عمان ونشرت منذ أسبوع عن جمعية النساء العربيات في الأردن وبدعم من مؤسسة كرامة .
وهي دراسة ميدانية حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية على اسر السيدات الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين.
وبما أن موضوع الدراسة يخص حق أساسي من حقوق المرأة وهو متعلق بحقها في إعطاء أبنائها جنسيتها الأردنية ,وهو بالمناسبة حق معلق وممنوع من الصرف عند أغلب الدول العربية التي توهم النساء في تعليل رفض هذا الموضوع بأن السبب" سيادي"ويخص الأمن الوطني والقومي ربما في بادرة من حكوماتنا إلى أن ندرك نحن النساء كم نشكل من قوة لا يستهان بها وكم أن قضايانا يحسب لها الحساب على صعيد الوطن.
وعودة إلى الدراسة التي جاءت صورة الغلاف معبرة عنها ,صورة أم ويقف إلى جانبها طفل وطفلة إنهم أبنائها ,وقد غابت عن اللوحة ,صورة الأب ليعلوها شعار مؤلف من أربع كلمات فقط (جواز سفر وتساؤل ماذا عن أولادي)؟ ليختصر معاناة آلاف النساء اللواتي حرمن من إعطاء جنسيتهن لأبنائهن ولأزواجهن كذلك.
وكأن وضع المرأة كتب له أن يبقى في حالة تساؤل دائم !!!؟؟؟؟.
ماذا عني وعن حقوقي؟
ما مصير رفع التحفظات على اتفاقية سيداو؟
وماذا عن أولادي ؟
ألم يحن الوقت بعد كي يتمتعوا بجنسية أمهم موطنهم الأول ؟
هدفت الدراسة أعلاه إلى معرفة التجارب الإنسانية للنساء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين وأسرهن .وهي جزء من مشروع عنوانه"تعزيز قدرات الهيئات النسائية في متابعة تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – سيداو".الذي تقوم بتنفيذه جمعية النساء العربيات في الأردن .بالشراكة مع مؤسسة "المساواة الآن" الدولية.وجمعية الملتقى الإنساني لحقوق المرأة وبدعم من مكتب كرامة في الأردن.
تعريف الجنسية :
تعتبر الجنسية رابطة قانونية سياسية تربط الأفراد بالدولة وتفرض التزامات على طرفيها الدولة والفرد .فالجنسية صفة قانونية لعضو في دولة تجعله من رعاياها ومعروفا" باسمها ومنسوبا"إليها وينشأ عن هذه العلاقة القانونية السياسية بين الفرد والدولة حقوق والتزامات تفرض على طرفيها كليهما.
والحق في الجنسية هو أساس التمتع بالحقوق الوطنية في البلاد فمن يحمل جنسية الدولة يتسنى له التمتع بالحقوق الوطنية كالحق في الإقامة وتولي الوظائف العامة والمشاركة في العمل السياسي بالترشح والإدلاء بالصوت في الانتخابات والاستفتاءات العامة.
كذلك يعني ثبوت الجنسية للفرد تمتعه بكافة حقوق المواطنة الأخرى غي السياسية كالحق في الرعاية الصحية والعمل والتعليم بالمجان والضمان الاجتماعي وهي حقوق ضرورية للمعيشة داخل حدود الدولة كما ويقع على عاتق الدولة الدفاع عن الفرد وحماية مصالحة ومنحة الحماية الدبلوماسية إذا وجد خارج إقليمها ويلزم الفرد الانصياع لأوامر الدولة والإخلاص لها واحترام قوانينها .
والدولة هي الشخص الوحيد الذي يحق له منح الجنسية ولا يحق ذلك لغيرها من أشخاص القانون الدولي العام اذ تنفرد الدولة في وضع القواعد الناظمة لجنسيتها ولا تسمح لأي دولة ان تتدخل في مثل هذا التنظيم وقد ترسخ هذا الحق في الفقرة 7 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة.
ولقد حدد قانون الجنسية الأردني طرق اكتساب الجنسية الأردنية وأولها "رابطة الدم" ويقصد بها حق الفرد في اكتساب جنسية الدولة التي ينتمي اليها آباؤه وأجداده بمجرد الميلاد والنسب ,والذي يعول عليه عادة هو النسب من الأب .وكأن الدم يجري في عروق الرجل-الأب ولا يجري في عروق المرأة-الأم مما يجعل دور الأم "احتياطيا" وليس "اصليا" كدور الأب.كحالة المولود لأم أردنية الذي لم يثبت نسبه الى أبيه قانونا"ويكتسب جنسية أمه.
فيما يخص القانون الأردني تنص المادة الثالثة من قانون الجنسية الأردني على ان الأشخاص التاليين يعتبرون مواطنين أردنيين :
الفقرة(3) كل شخص يحمل والده الجنسية الأردنية :
فالجنسية ترتبط بوالد الطفل ,بدون أي اعتبار لجنسية الأم .ولذلك فان المرأة الأردنية المتزوجة من رجل غير أردني لا يحق لها أن تمنح جنسيتها إلى أطفالها أو إلى زوجها . علاوة على ذلك ,فان المادة الثانية والعشرين من قانون الإقامة وشؤون الأجانب (رقم 24 لعام 1973 والمعدل في عام 1991) تعطي معاملة تمييزية تفضيلية لزوجة المواطن الأردني الأجنبية بالسماح لها أن تحصل على تصاريح إقامة لمدة خمسة سنوات بينما في الوقت نفسه لا تمنح التسهيلات نفسها في الإقامة للرجل الأجنبي المتزوج من مواطنة أردنية ولا الى أطفالها.
الفقرة (4 ) أي شخص مولود في المملكة الأردنية الهاشمية من أم تحمل جنسية أردنية ومن أب مجهول الجنسية أو من أب لا دولة له أو شخص لم يتم إثبات نسبه.
الفقرة (5) أي شخص مولود في المملكة الأردنية الهاشمية من والدين مجهولين كلقيط في المملكة سوف يعتبر مولودا في المملكة في انتظار دليل يثبت عكس ذلك.
حيث ينص هذا القانون في الفقرتين 4 و5 كشرط للجنسية أن الولادة يجب أن تحدث ضمن حدود المملكة الأردنية الهاشمية .مما يترك أطفال المرأة الأردنية الذين ينطبق عليهم نفس الشروط المذكورة في الفقرة الرابعة ولكنهم ولدوا خارج الأردن دون الاعتراف بهم كمواطنين
بالإضافة إلى ذلك تعطي الفقرة الخامسة تمييزا" وتفضيلا" لطفل لقيط على طفل شرعي مولود من أم أردنية.
هذا ولقد تناولت الدراسة المشار لها أعلاه خمسة محاور:
البيانات الأولية الشخصية البيئة والمسكن مصادر الدخل والمصروفات والممتلكات الانعكاسات النفسية ,استراتيجيات التعامل وإيجاد الحلول .
نتائج الدراسة:
1 – أشارت البيانات الأولية للدراسة أن النسبة الكبر من عينة الدراسة والبالغة 62,20 % تنتمي إلى الفئة العمرية 30 -45 عاما" مما يشير الى إشكاليات الدخول الى المدارس والتسجيل في الجامعات التي تواجه أسر عينة الدراسة .كما أشارت الى تدني المستوى التعليمي لعينة الدراسة حيث اقتصر على المرحلة الثانوية والأقل من الثانوية بنسبة 75,46 % ( 35,07 % أنهين المرحلة الثانوية ,و 39,79 % في المستوى الأقل من الثانوية ) وبلغت نسبة المتزوجات منهن 89 % ونسبة اللواتي يرأسن أسرة 10,71 % .
ومن حيث جنسية الزوج تبين أن غالبية أفراد العينة متزوجات من مصريين بنسبة 46,59 % ومن سوريين بنسبة 14,14 % ومن فلسطينيين بنسبة 10,99 % ومن عراقيين بنسبة 9,94 % مما قد يعكس طبيعة العمالة الوافدة والطبيعة الديموغرافية للسكان في الأردن .
ومن أخطر الأمور التي كشفت عنها الدراسة :وجود أطفال "بلا جنسية" في محافظة المفرق وهم أبناء الأزواج الذين لا يحملون أي جنسية و غالبيتهم من البدو و الرعيان غير المسجلين في القيود الرسمية .وتحتاج هذه الظاهرة إلى معالجة فورية من قبل الجهات المعنية لخطورة انعكاساتها على اسر عينة الدراسة وتبين ان نسبة غير العاملات من عينة الدراسة بلغت
73,82 % والعدد الكلي لأبناء العينة 606 من الذكور و الإناث تراوحت أعمارهم بين شهرين و49عاما".
ومن حيث البيئة و المسكن ,تبين أن غالبية أسر عينة الدراسة تقيم في المدينة بنسبة 67,53 %كما تقيم النسبة الأكبر منها في مسكن مستأجر بنسبة 64,92 % كما بينت النتائج أن مكان الإقامة الدائم بالنسبة لأسر عينة الدراسة هو "وطن الأم" بنسبة 99,47 %.
وفيما يتعلق بالحالة الاقتصادية تبين ان الغالبية من ذوي الدخل المتدني حيث تصل نسبة الدخل الأسري في الفئة اقل من 150 دينار الى 45,02 % .مما يشير الى أن هذه الأسر تعيش تحت خط الفقر.كما أشارت النتائج الى عدم كفاية الدخل الشهري للحاجات الضرورية للأسرة بنسبة 77,48 % .
أما فيما يتعلق بالآثار النفسية أظهرت نتائج الدراسة أن شعور الأبناء بالانتماء الى وطن الأم بلغت نسبته 95,81 % مما يتوافق مع الدراسات النظرية حول الموضوع من حيث ارتباط الطفل مع الجماعة الوطنية عن طريق الأم .وأن الرحم هو الوطن الأول للإنسان .
ومن حيث درجة الإحساس بالمشاعر السلبية لدى الأبناء تبين تدني الشعور بعدم الانتماء بنسبة 43,45 % وتدني الشعور بالغربة بنسبة 42,87 % .واحتل الشعور بالحرمان المرتبة الأعلى من بين المشاعر حيث بلغت نسبته 46,59 % بما في ذلك الحرمان من فرص التعليم والعناية الصحية والسكن الملائم والسفر ومن كافة الخدمات المقدمة للأردنيين.
وفيما يتعلق بالمخاوف تبين خوف عينة الدراسة من الاضطرار إلى اللجوء للأهل بنسبة 61,76 % والخوف من سفر الزوج المفاجئ وعودته الى وطنه بنسبة 62,76 % والخوف من تعرض الأولاد للاختطاف بنسبة 72,2 % .والشعور بالذنب حول مستقبل الأطفال بنسبة 93,7% واعتبرت 65,96 % من أفراد عينة الدراسة ان عدم حصول البناء على جنسية الام شكلا" من أشكال التمييز و العنف ضد المرأة والطفل مما يتوافق مع أحكام اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز والعنف ضد المرأة اللتين صادق عليهما الأردن وأضافت نسبة كبيرة من عينة الدراسة بلغت 83,24 % إنهن لم يتوقعن المشاكل اللاحقة المترتبة على زواجهن من غير الأردنيين مما يشير إلى ضرورة تضافر كل الجهود في التوعية حول الموضوع.
ومن حيث استراتيجيات التعامل وإيجاد الحلول فلقد لجأت نسبة 45,54 % الى بعض الحلول للتخفيف من معاناة أبنائهن بما في ذلك تدخل "الواسطة" للحصول على الجنسية والتوجه للمؤسسات الحكومية المعنية وللجمعيات الخيرية وتقديم مذكرات الاسترحام الى الديوان الملكي إلى جانب السعي للإعفاءات من رسوم الإقامة وتصاريح العمل وغيرة.
ومن حيث تصور إمكانية حصول البناء على الوثائق الأساسية لإثبات الشخصية حسب اعتقاد أفراد العينة ساد الاعتقاد بضعف الإمكانية لذلك بنسب جاوزت الأربعين بالمائة لكافة الوثائق .مما يشير إلى ارتفاع درجات المعاناة النفسية و الإحساس بالقنوط والإحباط وفقدان الأمل التي تشعر بها عينة الدراسة.
هذا وقد خلصت الدراسة إلى التقدم بالمقترحات والتوصيات التالية:
1 – التوصية العامة:
- كفالة الحقوق الدستورية للمرأة بتعديل قانون الجنسية لينص على حق المرأة الأردنية في منح جنسيتها لزوجها وأبنائها.
2 – والتوصيات الإجرائية الملحة :
بإعطاء أزواج النساء الأردنيات وأطفالهن تصاريح عمل لمدة خمسة سنوات .-
- وإصدار رقم وطني لأبناء المرأة الأردنية بغض النظر عن منحهم الجنسية لضمان حصولهم على فرص التعليم والعمل والعناية الصحية أسوة بالمواطنين الآخرين.
- وإعطاء الحق للأبناء بالحصول على الجنسية الأردنية في حالة وفاة الأب .
- تشكيل لجنة مختصة دائمة لدراسة الحالات الإنسانية العاجلة ,وحماية الأطفال من حالة انعدام الجنسية .
3 – التوصية الإدارية بدعوة كافة المؤسسات ذات العلاقة لإصدار عقود الزواج مبوبة حسب جنسية الزوج تسهيلا" للباحثين وصناع القرار.
ويبقى السؤال مطروحا" على أجندة الحكومة وصناع القرار
أليس من حق أطفالي أن يحملوا جنسيتي ؟؟
إلى متى سأبقى وأطفالي نعاني من العنف والتمييز بأبسط حقوقنا ؟؟
هل ما يطرح من مبررات وتحفظات لأننا نساء فقط ولا نملك الحق الطبيعي بإعطاء أولادنا جنسيتنا بغض النظر عن جنسية الأب ؟؟؟
ألم يحن الوقت بعد كي نحترم ما نوقع عليه من اتفاقيات دولية تمس حقوق الإنسان رجلا" كان أم إمراة وبالتالي ننصف نصف المجتمع ؟؟؟
جنسيتي حق لأبنائي, إنه ليس بالمطلب المستحيل .