لأنها امرأة .. لأنه رجل



اسماء محمد مصطفى
2010 / 10 / 21

بتوتر بلغت حدته غضب إعصار يفلت من مناخات الرياح المعتدلة أتهمها بالخداع ، إذ اعترفت له في لحظة مصارحة صادقة بأن ماضيها لم يكن خالياً من ظل رجل ..
قالت له رافضةً توتره وإهانته لها بتهمة الخيانة :
ـ لقد عرفت ـ أنت ـ نساءً بالعشرات ولم أسئ الظن بك ، لكنك تسيء الظن بي ، لأنني عرفت رجلاً واحداً قبلك !
ردّ عليها بثقة :
ـ الرجل لاتعيبه علاقاته العاطفية .
استخفت بكلامه استخفافاً مشوباً بلهجة حادة ، إذ قالت :
ـ رجل .. رجل .. لقد سئمت هذا التبرير .. فالرجل في عُرفك يحق له الحب بينما ليس من حق المرأة أن تجرب حظها في رحاب العاطفة .. أليست كائناً يجوز له خوض تجربة تحتمل النجاح والإخفاق .. فإن نجحت عاشت سعيدة .. وإن فشلت تعلمت درساً في الحياة تستفيد منه في تجربة أخرى .
لم يسمح لعقله أن يقتنع بكلمة واحدة مما قالت ، فأردف يتساءل :
ـ وهل هناك ضمانات بأن لاتخطئ المرأة مرات ومرات بعد أن ترتكب خطأها الأول ؟
ـ هذا وقف على مدى إدراكها .. ولكن ماذا عن أخطاء الرجل المتكررة ؟
ـ الرجل لاتعيبه أخطاؤه .. أما أنت ِ فإنّ خطأ ً واحداً يحولك الى نقطة سوداء في حياتي ..
جرحها برأيه القاتم كأفكاره ، فسألته :
ـ ما الذي يجعلني كذلك ؟ لماذا تظن أن الماضي الذي عشته كان أسودَ ؟! أقسم بأنه كان نقياً منزهاً مما يدور في ذهنك ..
قال بصوت إتضحت عبر نبراته مرارة خيبته في امرأة ظنها بلا تجربة :
ـ كان قلبك لرجل آخر يوماً .. وربما مازالت ظلاله تحوم حول ذاكرتك ..
ـ ليس من ظل يحتوي ذاكرتي .. سواك ..
أعجبته جملتها وأرضت غروره ، لكنه أبى التخلي عن تعنته قائلاً :
ـ ربما لمس يديك يوماً .. كيف أضع يديّ في كفين احتوتهما نبضات رجل غيري ؟!!
نظرت اليه بحزن مشوب بخذلان مرير ، وسألته :
ـ لماذا تفكر بالاحتمالات القاتمة ، وتنكر على نفسك احتمال أن لا يكون حبي السابق قد مسَّه ُ غبار الغرائز ؟!
ـ يظل احتمالاً ، وليس واقعاً تلامسه ثقتي ..
ـ لكنك عرفت أي النساء أنا ، فأيادينا لم تتشابك حتى الآن بالرغم من حميمية حبنا .
وجَّه َ لها صفعة أخرى ، إذ قال :
ـ ربما تكونين ممثلة .. تتجاوزين خطأ ارتكبتِه في علاقتك السابقة ، لتضمني عدم رحيلي عنك ، كما فعل الأول حينم ضجر من كونك امرأة سهة المنال .
وجهت له سؤالاً منطقياً قائلة :
ـ لماذا تظن أن الأول رحل عني ؟ إنني أنا من حكم على القصة بالموت ..
قال لها بعناد :
ـ وهذا احتمال آخر تعجز ثقتي عن احتوائه ..
ـ أنت لاتستمع الى نداءات الثقة .. لكنني جعلتك دائماً مرآة ثقتي ، فلم أفكر يوماً بالوقوف على تفاصيل حكايات غرامك القديمة .. لم اتوجس من أخيلة نساء لامست يداك أصابعهن .. لم أسأل نفسي إن كنت هجرتهن أم هن اللواتي غادرن حياتك بملء إرادتهن .. لماذا لاتعاملني بالمثل وتفكر في حكايتي القديمة بنقاء ؟!
ـ لست أملك عينيك لأرى بهما الأمور سهلة غير شائكة ..
ـ لكنك تملك قلبي .. فلماذا لاتستمع الى نبضاته ؟!
ـ ها أنا أطلق سراح قلبك مني ، فاذهبي بالنبضات بعيداً عن أضلعي ..
قالت له كمن يكتشف حقيقة ما متأخراً :
ـ لو احببتني حباً حقيقياً لتجاوزتَ قصتي الأولى من أجل صدقي في الأقل ..
ـ ماكنت لاتجاوز ماضيك حتى لو كنتِ المرأة الوحيدة التي تحبني بصدق وتضمن لي السعادة ..
ـ إذن أنت لاتستحق صدقي وصراحتي ..
قالت ذلك ، وهي تنطلق بعيداً عن غاباته المظلمة ..
وبينما كانت خطواتها تتجه نحو الآفاق الأخرى ، صاح وراءها قائلاً بسخرية :
ـ ستبحثين عن رجل آخر .. تجربة أخرى .. خطأ آخر ..
علّقت على تهكمه من غير أن تلتفت اليه ، قائلة :
ـ لن يكون ثمة خطأ آخر .. فقد تعلمت من تجربتي معك أن لاأكون صادقة كل الصدق مع رجل .. لاسيما في ما يتعلق بحكايات حب قديمة..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من عمودي الأدبي ـ الصحافي : هي الدنيا