تعدد الزوجات... رسالة السيد الرئيس



فهد ناصر
2004 / 9 / 11

خاص بالمركز التقدمي لدراسات وأبحاث مساواة المرأة
الخلاص من الدكتاتورية والاستبداد والتوحش القومي البعثي كان حلم راود أذهان ومخيلة العراقيين عقود طويلة ،التمتع بالحريات والحقوق الاساسية والمشروعة ،الفردية والمدنية كان حلم هو الآخر رافق العراقيين لعقود طويلة ايضا.أسقطت الدكتاتورية فتحقق الحلم الاول في حين مازال الحلم الاخر يواجه عقبات ومصاعب شتى.
أدعاءات الحرية والديمقراطية وعراق الغد الزاهروالخلاص من الدكتاتورية التي سبقت الحرب الامريكية على العراق دفعت بالكثير من العراقيين الى أعداد قوائم بحرياتهم المفقودة او التي يجب ان يمارسوها ،فكل شيء قد أنتهى ونحن أمام عهد جديد،لم يتركوا صغيرة وكبيرة من الحريات والحقوق والواجبات الاساسية الا وتحدثوا عنها او سجلوها في قوائمهم ولم لا والدعاية الامريكية للحرب والتدمير والهيمنة على العالم لا تقوم الا على ما ينقص الانسان وما تستلبه منه الدكتاتوريات البغيضة وتجعل الانسان المسحوق والمستلب الارادة ،يحلم ان الدبابات او البوارج الامريكية مثلما ستوزع عليه صناديق مليئة بالدولارات فأنها ستعطيه صناديق مليئة ايضا بأحلامه بحريته وسعادته وحقوقه المفقودة،غير ان واقعا مرا قد تكشف او فضح بشكل كبير خيب آمال الكثير من العراقيين او دفع بأحلامهم للانزواء مرة أخرى.
قد يسأل سائل ما ما الداعي من كل هذا الذي تقول ؟أقول ان ما اكتبه هنا يأتي بمناسبة الزواج الثالث لرئيس العراق الجديد إإإإفهذا الزواج اذا كان يحمل شيئا ما فأن فيه رسالة واضحة وصريحة جدا لنساء العراق تنسف كل الاحلام والآمال التي بنيت طوال سنين،أحلام وتمنيات العيش في مجتمع لا تهان فيه المرأة ولا تستلب أرادتها ولا يتم أخضاعها لاعراف وقيم لا أنسانية تحت ستار العشيرة والدين والتقاليد الاجتماعية البالية،مجتمع تسوده قوانين تعترف بالمساواة الكاملة للمراة وتصون حرياتها الشخصية دون موانع او انتهاكات قد يكون التطاول على المرأة او ضربها واهانتها الاهون فيها.
الرسالة تقول وبوضوح شديد ان مطلب وجود قانون يمنع تعدد الزوجات الذي تناضل من اجله المنظمات والحركات النسوية في العراق منذ سنين طويلة لان فيه امتهان سافر للمراة وكرامتها ،وايجاد قوانين انسانية ومعاصرة تحفظ حقوق وكرامة المرأة ومساواتها مع الرجل قد واجهت وستواجه ضربة قوية حيث سيتحول اي مطلب من هذا النوع الى أهانة لرغبات ومقام الرئيس إإإ.
من المؤكد ان رياح الديمقراطية والتحرير التي سبقت قدوم البوارج والدبابات الامريكية الى العراق قد جعلت من قضية المرأة وحقوقها ومساواتها وكل آمالها الانسانية قضية حساسة وتمتلك راهنية فورية وان كل المعضلات التي تواجه نساء العراق والتمييز وأنعدام المساواة والاضطهاد الذي تعاني منه المرأة،ستجد حلا جذريا او سحريا ربما،هذا ما قاله الامريكان وهذا ما قاله ايضا اتباعهم من العراقيين ،الا ان كل حلول الوهم الموعود هذه قد تبخرت ودقت ناقوس خطر قاسي جدا بوجه نساء العراق عندما أقر اتباع جمهورية الارهاب في أيران من اعضاء مجلس الحكم قرارهم السيء الصيت 137 القاضي بفرض الشريعة الاسلامية والغاء قانون الاحوال الشخصية الذي يضمن بعض من حقوق المرأة. تطبيق الشريعة الاسلامية فيما يتعلق بالاحوال الشخصية يعني أربع نساء لرجل واحد ويبدو ان الرئيس العراقي او الشيخ الرئيس قد قطع الشك باليقين في هذه المسالة وأصبح له ثلاثة نساء.
عندما صدر القانون الشنيع 137 خرجت منظمات نسوية وتظاهرت مطالبة بألغاءه بشكل فوري لانه تعدي صارخ على حقوق النساء في العراق ولا يتناسب وحجم الديمقراطية والحرية الموعودة في عراق ما بعد الدكتاتورية.كان اول الشخصيات النسوية التي وقفت ضد القرار اللاانساني المذكور(نسرين برواري) الوزيرة في الحكومة العراقية لان فرض الشريعة الاسلامية يعني انتهاك لحقوق النساء في العراق وتغييب سافر لارادة ملايين النساء ،لكن هذه الوزيرة التي هاجمت ذلك القرار هي الزوجة الثالثة للرئيس الان إإإفما الذي تغير واية رسالة تحملها نسرين برواري وزوجها الرئيس لنساء العراق ؟ لماذا وقفت ضد القرار 137 أذا كانت ستتزوج من رجل له زوجتين إإإ؟.
لست هنا في معرض التدخل في الشؤون والحياة الخاصة للافراد اي كانوا، لكن رئيس دولة وان كان مؤقتا او وزيرة في حكومة ما مناصب لها حساسية كبيرة ولها وقع كبير لدى عموم الناس ليس في العراق وحده ،بل في عموم دول العالم ،هل يريد السيد الرئيس ان يقول انه رئيس عربي وسيفعل ما يفعله ملوك وحكام ومشايخ العرب إإإ زوجات لا تعد ولا تحصى وجواري وما ملكت ايمانهم إإإإ،او ربما سيقول لنا ان الشريعة والتقاليد العشائرية تحفظ له الحق في الزواج من اربع نساء فلماذا نحتج عليه وهو لم يتزوج الا من ثلاثة حتىالان إإإ او ان ازدواجية الشيخ-الرئيس او العشيرة –الدولة والسلطة تفرض عليه ذلك.
بين كل هذا وذاك فان تعدد الزوجات أمر لا يثير شيء قدر ما يثير الاستهجان ويحمل الكثير من الاذلال والامتهان لكرامة المرأة ويبين مستوى الرجعية والانحطاط الديني والاجتماعي الذي يسانده او يعطيه الشرعية.
قانون انساني ومعاصر في ما يتعلق بحقوق المراة وحرياتها ومساواتها في كل المجالات والميادين وحده القادر على قطع الطريق على كل هذه الرجعية والتخلف العشائري والديني الاسود المعادي للمرأة.المنظمات النسوية والقوى التحررية في العراق اليوم يمكنها ان تفرض واقعا اخرا على الصعيد السياسي والاجتماعي وان تحفظ لنساء العراق الاحلام والامال السابقة.