مشاهد سريالية



حنان بكير
2010 / 11 / 24

لا تقتصر الغرابة والغموض على اللوحات السريالية، التي تتميز باللامعقول كونها تعبر عن دواخل الفنان، ما يدخلها في دائرة اللامعقول والخيال.. بل اننا نصادف في يومياتنا من المشاهد ما يفوق غموض لوحات سلفادور دالي.. وهذه بعض المشاهد.
التقيت في بيروت صاحبة لي، والتي تدرجت من السفور الى الحجاب ومن الحجاب الى النقاب، مع القفازات التي تحجب رؤية اليدين.. ومن ضمن ما تحدثنا به، سؤال وجهته لها: ماذا لو عرفت أن زوجك يريد الزواج مرة ثانية؟ بمعنى أن يصبح لديك" ضرّة " كان جوابها سريعا وبدون أدنى لحظة تفكير" والله بطلع بروحه، ولا أسمح له"! قلت لها: لكنك ذهبت في تدينك الى أقصى الحدود، وتعرفين أن هذا حق شرعي له، ورفضك يعني رفضك لنص ديني! فلم الرفض وأنت تعرفين هذا الأمر مسبقا، يوم ارتباطك به؟ بعد لحظات صمت، بدت الحيرة في عينيها وعلى وجهها، أجابتني" ليطلقني أولا، والله لا يردّو "!
لا أخفي انزعاجي وعتبي على نفسي، لهذا السؤال المحرج لتلك الصديقة، وان لم تكن بسوء نيّة.. بل اني وجدت نفسي محرجة أمام نفسي.. فأنا أدرك نقاء ايمان تلك المرأة وطيبتها.. اذ كيف يمكنها التوفيق بين ايمانها وانسانيتها، اذا ما تعارضا معا؟؟ بالنسبة لها هي خيارات صعبة.. لكني أرّجح أنها سوف تنحاز لمشاعرها الانسانية، ان لم تكن معتمدة عليه اقتصاديا! والاّ فما من حل الاّ أن تعض على جرحها، وتدوس على كرامتها ومشاعرها!
تساءلت في سرّي: هل يرضى الرجل مشاركة رجل آخر له في زوجته؟ أم أن السكين جاهز، لتقديم قربان الدم على مذبح الشرف؟؟؟
على أثر همروجة النقاب في فرنسا، وفرض غرامة مالية على كل منقبة، تظهر في شوارع فرنسا... ظهر على شاشة احدى الفضائيات، شاب غربي المظهر والملبس وبشعره الطويل المهدّل على كتفيه كالحرير.. لولا سمرة لونه، لما عرف أنه عربي، أعتقد أنه كان جزائريا.. تحدّث عن مشروع هو نتاج عبقريته الفذّة، قال ذلك بكل فخر، وشاركه المشروع العديد من الشبّان الغيورين على أعراضهم وشرفهم، الذي انحصر في أجساد حريمهم. يتلخص المشروع، في انشاء بنك رأسماله مليون يورو، لدفع الغرامات للمنقبات! وقد تم لهم ذلك، كيف؟ وبهذه السرعة؟ ومن أين جاء التمويل؟ كلها أسئلة في علم الغيب!! والهدف، كما لخّصه هذا الشاب " المتغرّب " " الحفاظ على كرامة نسائنا" يقصد حريمهم!
فهو بكل بساطة، أعطى لنفسه تقليد شباب " الكفّار "، بلباسه، وتسريحة شعره، وطريقة كلامه.. ويريد الحجر على المرأة، داخل الخيمة السوداء!! أليس من الأسهل له أن يلملم " حريمه " ويسوقهم أمامه عائدا الى بلاده، حيث الكرامة والشرف والأخلاق!!
لم أعرف أو أصادف، مثل صديقة لي. هي مسلمة، لكنها لا تعتنق مذهبا معينا، وان ولدت على المذهب السنّي. فلسفتها تتلخص، بأن النبي واحد، والكتاب المقدس واحد والرب واحد... أما الأحداث التاريخية والخلافات والاختلافات، فهي غير معنية فيها.. كانت تستضيف في بيتها، الدعاة من كل المذاهب والفرق الدينية، يعطون الدروس والوعظ للنساء.
في آخر لقاء معها، في بيروت، سألتها: أما زلت تمارسين هوايتك في جمع الفرق الدينية في بيتك؟ ضحكت بخجل، أو ربما يسخرية من نفسها.. لا توقفت، فكل طرف يفتي على ذوقه، يكذبون بعضهم، ويعارضون بعضهم حدّ التناقض، ولم أعد أعرف اين هي الحقيقة.. فتشككت وأوشكت أن أفقد ايماني! أصبت باحباط فترة من الزمن، عانيت من ارهاق نفسي وعقلي.. فانقطعت عن كل شيء.. أنا الآن أعبد الله على طريقتي، أصلي، أقرأ القرآن بقلب صاف..يتبع