لا لحكومة – ذكورية مقيتة - في العراق



بيان صالح
2010 / 12 / 23

بعد أزمة استمرت أكثر من تسعة أشهر من المفاوضات المضنية بين ألأقطاب السياسية المختلفة أعلن مجلس النواب يوم الثلاثا ء الحادي والعشرين من الشهر الجاري تشكيلة الحكومة العراقية والتي اشتملت على 42 حقيبة وزارية خلت من العنصر النسائي ,أن غياب المرأة في السلطة التنفيذية ومواقع صنع القرار يدلل لنا من جديد على عجز الحكومة التي ولدت بعد مخاض عسير في أن تتسلم إحدى حقائبها إمرأة تمثل نصف سكان البلاد ,وإن دلل هذا على شيء أنما يجسد مقدار الخطورة والإجحاف والإقصاء السافر بحق المرأة العراقية والتي لا يستطيع أحد من إغفال دورها وأهميته على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية , حيث إن الدستور العراقي خصص نسبة تمثيل 25% بالمائة للمرأة من عدد أعضاء مجلس النواب ولابد ان تكون لها نفس النسبة في الحكومة على أقل تقدير.
ولعل التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء نوري المالكي كان عذراً أقبح من الذنب باتهامه الأحزاب والكتل السياسية بعدم ترشيح نساء للحقائب الوزارية,في الوقت الذي يدان تحالفه الكبير !! بعدم ترشيحه أي امرأة , والمخزي والموجع في آن واحد ان الرئيس الأمريكي باراك اوباما وصف تشكيل الحكومة الجديدة بأنها «خطوة كبيرة نحو تعزيز الوحدة الوطنية». ولم يتطرق إلى غياب تواجد العنصر النسوي في التشكيلة الجديدة, ولا إلى الطبيعة غير العقلانية لبنيتها الراهنة.
إن التشكيلة الحكومية الجديدة, التي تتميز بذكورية مطلقة, جاءت متزامنة مع تحريم الموسيقى و الغناء والنحت و تدمير التماثيل الموجودة في أكاديمية الفنون الجميلة أي – طلبنة - العراق, وبدايات مروعة لمحاولات جادة لفرض خيمة فكرية إسلامية سياسية وطائفية سياسية واحدة وحكم ديني يتوجه صوب الشمولية المقيتة في العراق.
وإذا تركنا أمر طبيعة التشكيلة الحكومية وخلوها من الاختصاصات والفكاءات الضرورية لواقع العراق الراهن وغياب البرنامج الجاد والفعال لمعالجة المشكلات القائمة, إذ يحتاج إلى معالجات جادة في وقت آخر, فأن ما تعانيه المرأة العراقية في هذه الفترة هو التهميش و والإقصاء و التعامل معها كعضو من الدرجة الثانية والثالثة داخل أحزابها السياسية واستخدامها من أجل تجميل صورة تلك الأحزاب والإدعاء بالتزام قضاياها ومن أجل الترويج لبرامج الأحزاب الذكورية على حساب وجودها ودورها الفعلي والحقيقي في مجمل العملية السياسية, في الدولة والسلطة والمجتمع . إن تخصص 25% لصالح المرأة ليس كافيا لتفعيل دور المرأة في العملية ما لم يصاحبه التوجه الجاد لتمكين المرأة سياسيا من أجل إداء دورها وإشراكها المباشر في إدارة العمل السياسي.

لقد آن أوان, ومنذ فترة طويلة, أن ترتفع أصوات الرجال والنساء عالياً, أولئك المؤمنون بمساواة المرأة الكاملة مع الرجل وبالمجتمع المدني العلماني الديمقراطي, على أر ض العراق وفي سمائه, احتجاجا ضد السياسات الرجعية في إقصاء المرأة من مواقع صنع القرار وعدم تجميل البرلمان العراقي بتواجد عناصر نسوية ولكنهن مغيبات عملياً عن المشاركة في أي قرار سياسي و تنفيذي هام.
آن الأوان لرفض المسخرة الجارية في العراق إزاء حقوق المرأة والكف عن التبشير بالإعلان الشكلي المثبت في الدستور بحصتها البالغة 25 بالمائة للمرأة والخرق الفظ له من جانب رئي الحكومة وكل الأحاب السياسية المشاركة في الحكم.

أدعو جميع المنظمات النسوية والأحزاب والقوى اليسارية و العلمانية والديمقراطية ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني داخل وخارج العراق إلى إدانة – ذكورية – الحكومة العراقية الجديدة - والتضامن الكامل مع الاعتراضات النسوية في العراق من اجل إعادة النظر في توزيع الحقائب الوزارية الحيوية لصالح تواجد المرأة في وزارات أساسية مهمة وعدم انتظار الحسنة و الصدقة من المالكي أو قيادات الأحزاب التي لم تهتم إلا بمواقعها هي كذكور.
الحق لا يمنح بل يؤخذ بالنضال المستمر, وخاصة حقوق المرأة التي تواجه اضطهاد الدولة والسلطة والمجتمع والذكور في آن واحد.