جائزة نوبل للأداب تمنح لأمرأه ماركسيه من النمسا



رزاق عبود
2004 / 10 / 11

جائزة نوبل للأداب منحت هذه السنه الى الروائيه، والكاتبه المسرحيه، المثيره للنقاش، والمختلف عليها في بلدها النمسا الكاتبه اليساريه الفريده يلينك. لسنوات عديده اسرت بلادها بالروايات، وبرامجها ألأذاعيه ألأجتماعيه، ومسرحياتها ألأستفزازيه المنتقده للمجتمع، ولمختلف الظواهر المرضيه فيه.

تتسم أعمالها بالغالب بالسوداويه، وتمس مواضيع حساسه، وصعبه مثل العلاقات الجنسيه، والسلطه، وألضغوط ألأجتماعيه. يلينك "كاتبه ليست سهلة المنال او الفهم، صعبة اللغه، وقرائتها تحتاج لجهد خاص تستحقه مواضيع ابداعها الهامه". حسب وجهة نظر هوراسه أنجدال السكرتير الدائم لأكاديمية العلوم السويديه. الذي اعلن عن فوزها امام بهوت، واندهاش الصحفيين من كل انحاء العالم.

ولتعليل ألأسباب الموجبه لمنحها الجائزه يضيف أنجدال : "انسياب لغتها الموسيقي، وتعدد ألأصوات وألأصوات المضاده في رواياتها، ومسرحياتها التي تتسم بلغه متميزه، وفذه تفضح التوافه، وتعري الشكليات ألأجتماعيه السطحيه، والسلطه المفروضه" . مواضيع يلينك سياسيه رغم انها تعالج مسائل ذات عمق ذاتي بحت.


يلينك تتهم المجتمع النمساوي بالنفاق، وخاصة ما يتعلق بالماضي المتواطئ مع النازيه اثناء الحرب العالميه الثانيه. ولهذا اصبحت هدفا لكراهية اليمين المتطرف النمساوي، ووسمت اعمالها بالهبوط واللا أخلاقيه. ولا زال اليمين المتطرف يشن هجومه عليها، وعلى ابداعها، وظهرت مواقف عدائيه، وتصريحات فظه ضد منحها الجائزه . وصل الى حد اعتبار منحها الجائزه تدخلآ في الشوؤن الداخليه للنمسا.

يلينك قاطعت النمسا عندما جاء اليميني المتطرف هيغ هايدر الى السلطه. ورفضت عرض مسرحياتها في النمسا طوال فترة حكم هايدر النازي النزعه. الكراهيه متبادله كما يعلق المراقبين. كما ان لها مواقف سياسيه عالميه في مختلف المواضيع. وقفت ضد الحرب ألأمريكيه في العراق، وكتبت مسرحيه عن تعذيب السجناء في العراق.

يلينك شددت على انها لا ترى في الجائزه "ريشه اضافيه في القبعه النمساويه الرسميه". وهي لا تفكر ان تحضر الى السويد لتسلم الجائزه. و قد صرحت لوكالة ألأنباء النمساوسهAPA انها سعيده، ومستغربه في نفس الوقت. وان خبر منحها الجائزه كان مفاجئآ بالكامل، ولم تتوقعه ابدأ ،كما هو حال، بعض النقاد الأدبيين هنا في السويد، ناهيك عن اعدائها من النازيين الجدد. واضلفت:" لم اصدق عندما اتصلت بي اكاديمية العلوم السويديه، واخبروني، وهنأوني بالجائزه".

ـ طبيعي انا سعيده ولكن اشعر بالحيره، والأستغراب اكثر من السعاده. انا لست متعوده على الظهور في مناسبات كبيره. اشعر انني مهدده. اتمنى ان اتمتع بمبلغ الجائزه لأنه مع هذا المبلغ يكمن للمرأ ان يعيش بلا احزان. ولا تتوقع حضورها لآستلام الجائزه بسبب معاناتها من الفوبيا ألجتماعيه. ولكن السكرتير الدائم لأكاديمية العلوم السويديه يقول انه سيحاول اقناعها بالحضور كما فعلوا مع الكثير من المتمنعين سابقآ.


يلينك ولدت عام 1946 اثناء دراستها الجامعيه في عقد الستينات من القرن الماضي كانت يسارية المنحى واصبحت اعمالها ناقدة للمجتمع. كتبت الشعر، والروايه، والمسرحيات كما انها عازفة ارغون معروفه، انتقدت المجتمع البرجوازي، الذي تعيش فيه، وتقول ان الحياة فيه مثل الغابه اما غنيمه، او صياد. كما انها ترفض النظره الدونيه للمرأه، وهي ناشطه في مجال حقوق المرأه، ومطالبه بمساواة كامله، وتتهم المجتمع البرجوازي بانه يضطهد المرأه، ويعتبرها سلعه، وموضوعآ للجنس، وهي ليست ضد الرجال، بل ضد عنف المجتمع، واستغلال المرأه، والتركيز على المظهر.

فوجئ الحضور، والمراقبين، والصحفيين، الذين كانوا ينتظرون في باب مقر اكاديمية العلوم السويديه. وعن سبب المفاجئه شرح السكرتير الدائم للأكاديميه بان التوقعات ذهبت بعيدآ. وكان ادونيس من ألأسماء المتوقعه. وحول انها غير مشهوره بشكل جيد، وغير معروفه للعامه اجاب اجدال ان صعوبة لغتها، وغموضها لا تنبرر حجب الجائزه عنها. بل العكس. واضافت احدى مخرجات قصصها اننا نقرا روايات جويس، وبيكرت، او بيتر فايس رغم صعوبتها.

للكاتبه مسرحيات عديده، واحدى مسرحياتها " مأساة أميره" تعرض ألأن في احد مسارح العاصمه السويديه ستوكهولم. وهم يشعرون بالفخر لفوز كاتبة المسرحيه بالجائزه. وتوصف مسرحياتها بالألمعيه. نصوصها تغور عميقا في مختلف ابعاد الروح. ادب يلينك في غاية ألأهميه في نصوصها السياسيه، والأنتقاديه ، خاصة تلك التي تناقش ارث النمسا بعد النازيه. من مسرحياتها الأخرى ألوداع .

من المفارقات انه لا يتوفر اي من كتبها العديده في الأسواق ويمزح البعض هنا انك اذا وجدت احد كتبها فلا تنسى القاموس ألألماني لأنه لا يوجد اي كتاب بالسويديه في الأسواق ألأن، ولكن يحتمل ان تطبع الملايين منها. صدرت كتبها المشهوره مثل "الرغبه" و"معلمة البيانو" التي مثلت فيلمآ، و"المبعدون " في الفتره ما بين 1986 و1992 ولكن بائعي الكتب يهزون راسهم اسى، وحزنا عندما تسالهم عن احد كتبها. فمنذ 12 سنه لم يطبع لها كتاب جديد باللغه السويديه.

ان فوز امرأه، وناشطه نسائيه، ومنتقده للمجتمع البرجوازي، وماركسيه ،وغير مشهوره، ومعروفه بالكره المتبادل بينها، وبين يمين النمسا المتطرف يثير التسؤلات كالعاده حول خيارات اكاديمية العلود السويديه التي تفاجئنا كل عام بوجه جديد غالبا ما يكون خارج التوقعات او بعيدا عنها. وهذا ما يجعل المراقبون يقرون بموضوعية ألأختيار، رغم ما يصحبه كل مره من نقاشات، واعتراضات.

رزاق عبود
8/10/2004
ستوكهولم/السويد