هل تستحقين صديقا أفضل ؟



احسان طالب
2011 / 3 / 11

معظم الفتيات يترددن في تقديم أنفسهن صديقات محتملات لشبان يظنون أنهم مؤهلون لصداقتهم أو للارتباط الدائم أو المؤقت، فيما يعتبر معظم الشباب أنفسهم مناسبين ويمتلكون من الصفات الشخصية والفكرية ما يجعل أنفسهم فرصة جيدة لأية فتاة تبحث عن شريك أو صديق أو علاقة, وتكمن عديد الفوارق النفسية والجسدية والاجتماعية والثقافية التي تتداخل فيما بينها لتؤثر على المواقف المتباينة بين الفتيات والشباب عند التفكير في بناء روابط ذات مستويات متفاوتة بين بعضهم البعض .
ينظر الشاب إلى نفسة بالمجمل نظرة اعتداد وثقة قد تكون مفرطة أو في غير محلها في كثير من الأحيان، فيما تنظر الفتاة إلى نفسها بصورة تبدو وكأنها صامدة معتدة قوية لكنها في حقيقة الأمر لا تصمد كثيرا أمام المواجهة المباشرة فكثيرا ما تتراجع إلى الخلف مبدية عديد التنازلات في علاقاتها بالجنس الآخر خوفا من ضياع الفرصة أو ظنا بعدم توفر الأفضل أو حتى قناعة بعدم استحقاقها للأفضل أو الأنسب . وهذا لا يعني عدم وجود شباب أو فتيات قادرات على التلاعب وعقد علاقات متعددة في نفس الوقت، تتباعد بينهما المعارف والمعلومات يتم من خلالها خداع الشاب أو الفتاة الأخرى بأنها الوحيدة والأسيرة والمحبوبة التي لا قبلها ولا بعدها. وقد يستمر الخداع طويلا وتقع أو يقع في حبائله الكثيرون ويكون السبب الأهم في حصول الخديعة هو تلك النظرة الذاتية القاصرة أو غير المنصفة للفتاة أو للشاب التي تنظرها لنفسها.
يتمتع كل واحد منا بصفات ذاتية مميزة خاصة، وكل شاب أو فتاة قادرة على أن تكون جميلة ومميزة بالتركيز على ما تمتلكه من امكانيات طبيعية أو امكانيات مكتسبة كمهارات أو علوم أو هوايات؛ فالشكل الخارجي ليس هو الأمر الحاسم في النهاية وإن كان له كبير الأثر في البداية إلا أن الصفات الذاتية الأخرى تتقدم تدريجا ليكون لها تأثير أكبر مع مرور الوقت.
تنجذب الفتاة بالدرجة الأولى نحو الشخصية المميزة صاحبة الامكانات المكتسبة في حين أكثر ما يبادر الشاب إلى البحث عنه لدى الفتاة مرتبط بالرغبة الجنسية والشهوة والإثارة ومن الغريب أو من الطبيعي- لا أستطيع الفصل بينهما - أن أول ما يفكر به الشاب عند النظر إلى فتاة عابرة أو سائرة أمامه هو الجنس وإلى أي حد يستحق ما يراه أمامه من تقدير غرائزي وشهواني وكلما كانت الفتاة في تصوره أقرب إلى الكمال الجنسي بنظره وتقديره الشخصي والتربوي كلما كانت أكثر قبولا وحضورا، وسيتحرك نحوها مبديا لطفا وتقديرا لعله يفتح له بابا مغلقا يسمح له بالولوج من خلاله نحو علاقة جسدية متقدمة .
يختلف موقف الفتاة في تلقفها ومرادها من العابر أو السائر، ويكون للمظهر الخارجي تأثير شديد في لفت انتباهها أو إثارة مشاعرها ورغباتها وليس أول ما تفكر به الجنس بقدر ما هو الارتباط والعلاقة الطويلة الأمد وتميل الفتيات الحالمات إلى التفكير بالحب والهيام بالمقام الأول ويسرعن إلى الخوض في فضاءات من التعلق والشوق والصبابة والحنين وما أسرع ما يصطدم ذلك الخيال بالواقع والحقيقة البعيدة كل البعد عن تطلعات الشباب وتصوراتهم، وهنا تقع الكارثة وتسقط الفتاة في حالة من الصدمة التي قد تأخد مناحي مختلفة تصل في بعض الحالات إلى التخلص من تلك الأفكار وإعادة النظر في التسرع بالارتباط وتفضي في أوقات أخرى إلى اليأس والاكتئاب النفسي المزعج.
ليس كل شاب حسن المظهر مفتول العضلات مناسب وليست كل فتاة متأنقة عصرية مؤهلة للعلاقة الفريدة والمستوى من الارتباط الإنساني الرفيع ، فالمظهر الخارجي له تأثير كبير على بناء العلاقات كما أنه مساعد إلى حد بعيد في طرح خيارات متعددة كونه يترك الفرصة متاحة ويوسع الخيارات إلى حدود مرضية لكنه ليس كل شيء في نهاية المطاف وبعد مدة تطول أو تقصر تتلاشى الصفات الخارجية ويتلاشى تأثيرها السحري أمام الواقع والتصرفات والمعاملة الطيبة والمتكافئة.
والواقع أن القدرات الذهنية والنفسية كثيرا ما تتغلب على النقص أو الضعف في الصفات الخارجية المتعلقة بالشكل والوزن والطول وجمال الوجه وكمال الجسد. الفتاة الذكية تستطيع بناء علاقات أكثر نجاحا وفائدة وديمومة من الفتاة الجميلة ولاأقصد أن الجمال والذكاء عند الفتيات لايلتقيان فهذا خطأ فادح وظلم هائل لا يدخل في دائرة المنطق الحكيم إلا أن الكثير من الفتيات الجميلات يملن إلى الاعتماد بصورة كثيفة على حضورهن القوي وتأثيرهن المباشر لدى الجنس الآخر مما يجعلهن يركزن على ما يظهرهن أكثر جمالا ودلالاً وفتنة وحسنا.
يضع كثير من الشبان الفتيات معادلة يتم على أساسها تقييم العلاقة القائمة أو الناشئة بينهما، وتبنى تلك المعادلة على أسس ثلاث : ما أريده ، ما أستحقه ، وما حصلت عليه، وتكون المقارنة بين ما حصلت عليه من جهة وبين ما أريده وما أستحقه ، وهنا تتداخل عوامل عدة في تحديد مستويات تلك الأسس الثلاث ، ويأخذ عامل التربية والثقافة حيزا هاما ورئيسا في تلك المسألة وعلى أساسه يقوم الشخص في تعيين خياراته وحدوده، أما الأمر الآخر الذي يكون أكثر تأثيرا في بيان تلك الأسس فهو الثقة بالنفس واحترام الذات، ويأتي إلى جانب تلك العوامل المؤثرة والهامة في تحديد مستوى الذات واحترامها وتقديرها البيئة الثقافية والتربوية التي تحيط بنا ونتفاعل معها وتتفاعل معنا ومن هذا القبيل تأثير الأبوين والعائلة .
إن تقديرك لذاتك واحترامها وتسلحك بالثقة بالنفس يهيئ لك الفرص التي ترغبين في الحصول عليها ويتيح لك تحقيق طموحاتك وأحلامك وأمنياتك، وبهذه الحالة وفي ذات الوقت سيكون تقويمك لامكاناتك وشخصيتك وصفاتك الذاتية أكبر ولن تضيعي على نفسك فرصا نتيجة للثقة الضعيفة بالنفس. ومن الفوائد الجمة للثقة بالنفس أنك ستتقبلين النصح وتتصالحي مع ذاتك والآخرين ولن تنظري للأخريات كأعداء بقدر ما هن صديقات ومنافسات في مناحي التنافس المختلفة ومنها الحصول على الشاب أو الصديق أو الرفيق بل والزوج الأنسب والأصلح.
ماذا تريدين؟
سؤال بالغ الأهمية وعليه تتوقف خياراتك وطموحاتك وربما أحلامك. تساعد الإجابة الحقيقية على هذا السؤال في تحديد الوجهة التي تريدين الوصول إليها كما ستساعدك في بيان ملامح الشخص الذي ترغبين أو تودين أن يكون صديقك أو شريك حياتك, وكلما كانت معرفتك بنفسك وبإمكاناتك صادقة وحقيقية كلما كنت أقدر وأجدر على الإجابة على ذلك السؤال المحيرـ والعكس صحيح فعدم معرفتك بذاتك أو فقدان الثقة أو ضياع احترام الذات سيجعل الشخصية مضطربة والنفسية مشوشة غير فعالة وغير قادرة على التحقق من الذات ومعرفة الأنسب من الخيارات المطروحة أو البحث عن خيارات أخرى غير متوفرة في الوقت الحالي، عندما تصل الأمور إلى درجة من الوضوح والجلاء بحيث تكون الإجابة على السؤال المهم أعلاه محددة المعالم مقروءة التفاصيل فقد يكون الشخص قد حقق نسبة عالية من النجاح الذي يطمح إليه والهدف الذي يريد بلوغه.
ما أستحقه؟
هنا تكمن المعضلة ففي أحيان كثيرة نبالغ في تقدير ذواتنا ونكّبر حجم امكاناتنا فنغدو والحالة هذه عاجزين عن رؤية الآخرين وغائبين عن حضور الحقيقة التي تفرض وجود أشخاص يتمتعون بالامكانات العالية المستوى أكثر مما نتمتع به نحن كما أننا لا نستطيع الوقوف موقف العدل والانصاف تجاه منافسينا أو المتسابقين معنا نحو نفس الغاية أو الهدف، ونغدو والحالة هذه غيبيين نلقي باللوم في تعثر مسيرتنا أو اخفاقنا على الحظ أو القدر أو أية أسباب أخرى لا علاقة لها بنقد أخطائنا أو معرفة مكامن الخلل في سلوكنا وتصرفاتنا وطريقة معاشنا، وعلى النقيض من تلك الصورة المطروحة نجد هنا من تذدري نفسها وتبالغ في تقدير حجم وإمكانات الآخرين وذواتهم لتصبح عاجزة عن رؤية نفسها وغير مدركة لقيمتها وقدرها فتضيع الفرصة عليها لجبنها عن التقدم نحو الأمام لاقتناص الفرصة المتاحة أو منافسة الأخريات على ما تريد أكثر من واحدة الحصول عليه، عندما نبالغ في إهمال أنفسنا ونضيع القيمة الحقيقية لشخصيتنا نرى الآخرين كل الآخرين أفضل منا وأقدر وأجدر وأحق في ما ينبغي لنا الحصول عليه بل وأكثر من ذلك قد نتسبب في ضياع حقوقنا ونتسبب في إغراق أنفسنا في فشل دائم ومستعصي.
ماحصلت عليه:
قد تكون الظروف المحيطة بنا وطبيعة البيئة الاجتماعية التي تربينا فيها قاهرة أو مساعدة فيما يمكننا الحصول عليه وفي تحقيق أمنياتنا وطموحاتنا وآمالنا، ويقع على عاتقنا حمل رئيس لتجنب الآثار السلبية لمحيطنا الاجتماعي والطبيعي ويمكننا بالتصميم والإرادة والإصرار الوصول إلى ما نبتغي وما نتمنى. ويتأثر حكمنا على قيمة ما بين أيدينا من فرص أو امتيازات بقدراتنا الذهنية والنفسية وكلما ارتقى مستوى تفكيرنا الاجتماعي والفكري كلما امتلكنا قدرة أكبر على التقويم الصحيح لما حصلنا عليه ومن هنا نقول بأن تقدير الصديق أو تقدر الشريك الذي أتاحت لنا قدراتنا وظروفنا الحصول عليه مرتبط بصورة أكبر بداخلنا وحساباتنا الشخصية، فما نراه وما نحكم عليه ليس في كل الأحوال هو الحقيقة أو لعله ليس قريب منها، فعندما تقبل فتاة شاب تقدم إليها أو أبدى رغبة في مصادقتها قد تفكر بأنه ليس ما أريد بل هو أفضل المتوفر وربما لا يتوفر غيره بعد ذلك فترضى بما بين يديها خشية ألا تحصل على ما هو أفضل منه أوربما لا تحصل على شيء أبدا. فيكون ذلك التقويم كافيا لقبولها به أو رضاها عنه وهنا لا بد لها من أن تسأل نفسها السؤال التالي : هل أنا راضية بما لدي لأنه الأنسب أم لأنني لم أحصل على ما هو أفضل منه فأنا راضية بالموجود، وتكون المشكلة حقيقية عندما يكون الشريك المتوفر غير مناسب أو يكون ذو صفات سيئة كأن يكون مستغلا أو عنيفا أو حاد الطباع أو معدوم الإمكانات المادية, في هذه الحالة لا بد من الوقوف وقفة صادقة ونقول لأنفسنا نحن نستحق أكثر من ذلك. وعندما نبلغ تلك القناعة ونمتلك الإرادة اللازمة، لا بد من العزيمة والقيام بالتغيير للوصول إلى ما تستحقه الفتاة وليس فقط الرضا بما حصلت عليه.