مئوية يوم المرأة العاملة الأممي



ليلى محمود
2011 / 3 / 12

بيان مئوية يوم المرأة العاملة الأممي

في سياق مقاومتنا لهجوم البرجوازية الإديولوجي على ذاكرة النضال الطبقي العمالي ، بمحاولتها المتواصلة لطمس الأصول التاريخية لذكرى يوم 8 مارس ، بإعطائه بعدا احتفاليا شكليا بروطوكوليا خاصا بالنساء ... نجدد التذكير بسياقه التاريخي ، فيوم 8 مارس 1847 دخلت عاملات النسيج وصناعة الملابس في نيويورك في إضراب للاحتجاج على تدني الأجور و طول ساعات العمل والشروط اللاإنسانية للعمل، وهو ما شكل واحدا من أوائل الحركات الاضرابية التي نظمتها النساء ، لقد تم قمعهن بشراسة كما قامت قوات الشرطة بإطلاق النار عليهن . يوم 8 مارس 1908 و بناء على دعوة مجموعة النساء الإشتراكيات الديموقراطيات بنيويورك،خاضت أكثر من 15000 امراة من عاملات النسيج من الجهة الشرقية للمدينة مسيرة طالبت خلالها بأسبوع عمل أقصر و بالحريات السياسية ...
سنة 1909 شهدت اضرابات جماهيرية شاركت فيها 20000 عاملة نسيج بنيويورك و الذي استمر طيلة أربعة عشر أسبوع من أسابيع الشتاء الباردة القاسية. في مارس 1911 أدى اندلاع النار الذي تسبب فيه رب العمل بمصنع Triangle Shirtwaist في نيويورك إلى مقتل أكثر من 100عاملة، سواء بسبب الحريق أو بسبب قفزهن من الطابق الثامن لأن الأبواب كانت مغلقة لمنعهن من الخروج أثناء أوقات العمل بدون إذن.
جميع هذه النضالات تم تخليدها من خلال اليوم الأممي للمرأة العاملة الذي أعلن في اجتماع أممي للنساء الاشتراكيات،بناء على اقتراح تقدمت به المناضلة الاشتراكية الثورية الألمانية كلارا زيتكين .

إن يوم 8 مارس هو يوم لتخليد كل هذه النضالات و غيرها للنساء العاملات و الكادحات في كل ربوع الأرض ،و استحضارها ضمن مسيرة النضال النسائي و العمالي ضد الآثار الكارثية للعولمة الرأسمالية .
يأتي تخليد اليوم الأممي للمرأة العاملة هاته السنة في وضع احتداد الأزمات التي يعرفها النظام الرأسمالي ، الإمبريالي و التبعي ، يقابله مد جماهيري ثوري يتسع و يتطور بالخصوص إقليميا .. و مرة أخرى لم تخلف المرأة الكادحة الموعد بل لعبت أدوارا طلائعية في هذا المد ،و تنوعت أدوارها من التعبئة إلى المشاركة و التأطير و قيادة المعارك الجماهيرية ، بل وقدمت النساء الكادحات من بين صفوفهن شهيدات و معتقلات و مصابات و جريحات .. فقائمة النساء المساهمات في لجان اليقظة و التطبيب و الناشطات السياسيات في الثورة المصرية طويلة . كما أن الكادحات و المثقفات الثوريات التونسيات هن الأخريات كن في الموعد ، و لا يمكن إلا رفع شارة نصر لنساء سيدي بوزيد لصمودهن و مواجهة القمع الأسود و تقديم الدعم اللوجستي و المادي للثورة منذ بدايتها لتتوسع و تتسع معها مساهمات النساء في القصرين و صفاقس و الحوض المنجني و تونس العاصمة ...

النساء المغربيات بدورهن ، كان و لا زال لهن الحضور في كافة الحركات الإحتجاجية من نضالات الطبقة العاملة ضد الطرد و التسريح التعسفي من العمل ،و احتجاجات مجموعات المعطلين حاملي الشواهد المختلفة و الحركة الطلابية ،و احتجاجات حركة مناهضة الغلاء و الخوصصة ،و انتفاضات الساكنة الكادحة بالعديد من المدن المغربية ... و قد لعبن دورا طلائعيا في إطار حركة 20 فبراير و في الإحتجاجات التي دعت لها ، و قد نلن نصيبهن من الإعتقال و التعذيب المادي و النفسي الذي طال نشطاء الحركة ،و لن تكون آخرهن رفيقاتنا الخمسة اللواتي اعتقلن في احتجاجات يوم 27 فبراير بطنجة ، و تعرضن للتعذيب في حافلات القمع و الكوميسارية على إيقاعات السباب و القذف المعهودة من طرف الجلادين الساديين المتجردين من كل حس إنساني .. إن مقاومتهن و صمودهن تحضنا على على مواصلة الدرب إلى جانب النساء الكادحات ، و تشبثا بتجذير خط النضال الإحتجاجي الكفاحي ،و النهوض بالدور الطليعي للمرأة الكادحة داخل الحركة الإحتجاجية و إبداع الأشكال التنظيمية و تنويع النقاشات التكوينية الكفيلة بذلك .

إن لجنة المرأة بجمعية أطاك المغرب لمناهضة العولمة الرأسمالية ، إذ تؤكد انخراطها في معركة النضال من أجل التغيير الجذري بالمغرب إلى جانب كل القوى و الفعاليات التقدمية و الديمقراطية ، و استمرار الإرتباط بخط الإحتجاج و الكفاح ضد كل أشكال الطبقية و التمييز و الإضطهاد .. تعلن أن أعداء تحرر المرأة المغربية و نيل حقوقها الكاملة كإنسان ، لا يمكن أن يكونوا شركاء لها في درب النضال ،و تحذر في هذه المرحلة الدقيقة من الخلط بين حاملي مشروع تحرر شعبنا و نساؤه و بين أعدائه .

تعلن دعمها لنضالات الشعوب المغاربية و العربية ضد الإستبداد و الإستغلال ، مؤكدة أن قضية تحرر النساء هي في صلب هذه النضالات و الثورات ، فلا تغيير و تحرر فعليين إلا بتحرر النساء ، و لا تحررفعلي للنساء في ظل استمرار الأنظمة الإستبدادية الرأسمالية التبعية .

تحيي الشهيدة فدوى العروي ، ضحية سياسات النظام البرجوازي الذكوري المتعفن .. و تعتبرها رمزا للمرأة المغربية المضطهدة ،و تدعو إلى تخليد ذكرى استشهادها وطنيا كل سنة ، و جعل الذكرى محطة لإدانة النظام المسؤول عنها ، فنار الإستغلال الطبقي و الإضطهاد الجنسي التي أحرقت عاملات النسيج بنيويورك قبل قرن هي ذاتها النار التي أحرقت الشهيدة فدوى ، و تحرق يوميا النساء الكادحات ضحايا النظام الرأسمالي العالمي .

طنجة : 8 مارس 2011