الملل في الحياة الزوجية



احسان طالب
2011 / 3 / 14

الملل في الحياة الزوجية
تشترك المرأة والرجل بعد فترة زمنية قد تطول أو تقصر من الحياة الزوجية في الرغبة بتحسين ظروف العلاقة الاجتماعية والجنسية للزوجين لأن الحرارة والتوق والشوق الذي كان متوفرا في سنين الزواج الأولى قد ولى وابتعد عن عش الزوجية وغادر النفوس ولم يعد يجد له مكانه المستحق في القلوب . عند تلك المرحلة من الجفاء والإحساس بالملل من قبل الطرفين تكثر المشاكل وتزداد الخلافات وقد تتحول إلى رغبة قوية في الانفصال أو الطلاق , إلا أن التردد والخوف من القادم أو بصيص الأمل في عودة الأمور إلى ما كانت عليه تؤجل القرار بالابتعاد والانفكاك من الارتباط القديم والحاضر.
بالعودة إلى أسباب الملل بين الشريكين نجد أن حالة الاعتياد والالفة والروتين اليومي يأتي على رأس تلك الأسباب, فالمرأة مهما كانت جميلة وجذابة سيأتي يوم ينظر فيه إليها شريكها وكأنها أمر مفروغ منه, أي أن ما تملكه من خصال جسدية مغرية وجذابة باتت أمرا عاديا وتقليديا غير كاف لتوليد شرارة الاقلاع أو تحريك دورة الانطلاق. والمرأة هي نفسها تبادل الرجل ذات الشعور حيث تقول لنفسها لم يعد هذا الرجل الجالس أمامي و الذي أقابله صباح مساء وأنظر إليه في فراشي كل يوم وأجلس معه على نفس الأريكة كل مساء لم يعد ذلك الشاب الذي كنت أتحرق شوقا لرؤيته وأنتظر الساعات لأقضي معه وقتا حميما وتنجذب جوانحي إليه راغبة بالالتحام به والدخول إلى عالمه السري الجميل.
في هذه المرحلة بالذات ينبغي أن يبدأ التغيير ولا أقصد بالتغيير البعد أو الانفصال بل التغيير في العادات اليومية والروتين المستمر في ممارسة العلاقة والأجواء المرافقة لمجمل الحياة الحميمية للشريكين. من الضروري بمكان أن ندرك أن لكل تفصيل أهميته وليس مستغربا القول بأن لأثاث البيت تأثير على المزاج الشخصي كذلك هو الحال في توزيع الغرف وأماكن النوم والجلوس ولون الجدران والديكورات الخاصة بغرف النوم وأماكن اللقاء وممارسة الجنس .
المرحلة التالية تتعلق بالمظهر الخارجي لكلا الشريكين، فتغيير الإطلالة وتبديل نمط اللباس وقصة الشعر وأسلوب تناول الطعام وحتى عادات الاستحمام كلها بحاجة لتغيير ومراجعة وتبادل لوجهات النظر والاستفادة من خبرات الآخرين من ذوي الاختصاص أو من المقربين من الأصدقاء والأهل.
المرحلة الحاسمة تبدأ في طرائق الإثارة وأساليب الاستمالة وأنماط الشهوة وحرارتها، فما كان في الماضي ضربا من الخيال أو بعيد المنال أو حلما، قد يبدو اليوم في متناول اليد أو قد يبدو ما كان مسعدا ومبهجا ومثيرا وجميلا غير ذي بال، في هذه المرحلة من الفتور والجمود والخمود في العلاقة والارتباط سيكون من المفيد تعلم حقائق ومعارف عن الطرف الآخر، ويبدأ ذلك بالمصارحة والتفاهم ولنضرب مثالا على ذلك : كان الزوج عندما يرغب في مجامعة زوجته يبدأ بتقبيل رقبتها وظهرها ويستمر مدة طويلة وهو يتنقل من الأعلى إلى الأسفل ظنا منه بأن هذه الطريقة المعروفة أو المتبعة عند بعض الرجال هي الأسلوب الأمثل لخلق جو من الإثارة والحميمية ، لكن الواقع مختلف تماما فشريكته كانت تأنف ذلك التصرف وتصبر طويلا حتى ينتهي وتشعر بإحساس مختلف تماما عما يظنه، فهي تعتقد بأن هذا الأسلوب هو طريقة لتبرير عدم انجذابه المباشر وأنه أي الشريك يحتاج لوقت طويل كي يثار فيلجأ إلى تلك الممارسة لإخفاء قلة شغفه أو برود رغبته, دور المصارحة هنا مفيد جدا وضروري.
كثيرا ما تخفي النساء على الرجال أسرار متعلقة برغبتها الجنسية ويتحول الأمر بعد مدة زمنية طويلة إلى عبء وكبت يتسبب بتدمير العلاقة. لنضرب مثالا على ذلك بعض النساء تميل بشدة أثناء الممارسة إلى التقبيل المستمر كونه يشعرها بالالتصاق الحقيقي وتواصل جسدي أكبر، ولأنه عادة أول ما تعرفه الفتاة من احتكاك جسدي جنسي في حياتها، فيما يرغب كثير من الرجال بتجاوز التقبيل بعد بضع قبلات يظن أنها كافية مما يتسبب في بداية خاطئة قد تفسد جل العملية.؟
لا تولي بعض النساء أهمية للفحولة أو الذكورة الحقيقية فتستخف بما لدى الرجل من امكانات ظاهرة على جسده وفي حالة انتشائة وقت الذروة, فينعكس ذلك احباطا وفتورا وميلا للبعد, رغم وجود الحاجة والغريزة الجامحة لكن الإحساس بالاستخفاف أو قلة التقدير تهيمن على الذهن وتدفع الرجل إلى الانصراف إلى أشياء تلهيه عن ممارسة الحب مع شريكته لأنه لا يريد الشعور بدنو المنزلة أو قلة التقدير ومع مرور الوقت تنقلب الحالة إلى جفاء وحواجز معيقة.
الحياء والخشية من النظرة الدونية يؤرق المرأة ويجعلها مترددة في الافصاح عن رغباتها ومكامن شهواتها واستثاراتها الحقيقية والخفية، فتظل سنوات طويلة محرومة من حاجات وأمور تخشى الافصاح عنها، خشية الظن بدونيتها أو احتقارها من قبل الطرف الآخر، ولنضرب مثالا على ذلك كثير من النساء تحتاج لفترة طويلة حتى تبدأ بافراز السوائل المرطبة التي تسهل عملية الإيلاج والاخراج، في حين يسرع الرجل إلى دك الحصون دون انتظار، ما يتسبب بآلام تُأخر وربما تبعد النشوة وتميت الرغبة, وعندما تصارح المرأة شريكها بأنها بحاجة لمدة أطول من المداعبة في الأماكن الحساسة أو استعمال اللسان لوظائف غير الكلام سيكون الوضع مفيدا ومريحا للطرفين وما الخشية من الاحتقار أو الازدراء إلا وهم وخيال.
الحرية والابتعاد لفترات زمنية متفاوتة هي في الواقع مسألة ذات قيمة بالغة في تجديد الرغبة وتوليد الاحساس بالحاجة وتعميق أواصر التواصل ، فالإثارة ليست في المنزل دائما وخروج الرجل أو شريكته منفردين في بعض المرات سيساهم في عودتهما وشوقهما لبعضهما البعض. كما أن الملازمة اليومية أو في بعض الحالات القليلة الساعية, ستؤدي حتما للرغبة بالابتعاد والانفكاك من الأسر ، فالاحساس بالملازمة والملاحقة والمتابعة اللصيقة ينقلب عنادا وخصاما وقد يصور الشريك كشرطي غير مرغوب به أو كرقيب عنيد يود لو يتهرب منه، لذلك كان من الضروري أن يعطي كل من الطرفين للآخر فسحة من الزمن والمكان والانشغال بهوايات أو صداقات منفردة أحيانا ليكون اللقاء والاجتماع مرغوبا به ومطلوبا من قبل الطرفين.
أخيرا السخاء والكرم وجميل الكلام والبعد عن الألقاب المؤذية أو المناداة بأوصاف سيئة أو الاستخفاف أو التشهير بالنقائص والعيوب أمور لا تقل أهمية سلبا أو إيجابا في إطالة بل وإدامة حالة الحب والهيام طيلة سنوات الزواج أو الارتباط .