الكوتا النسائية تمييز ضد المجتمع



سوسن العطار
2004 / 10 / 17

الكوتا مبدأ قد يكون له ايجابيات لن أتحدث عنها، و لن أتحدث كمؤيد ومعارض فانا مبدئيا أعارضها، ولن أناقش المبدأ كحق مكتسب فهو ليس أبدا حق، هو مبدأ عنصري مقيت سواء لجنس ما أو طائفة ما.
هناك خصوصية للكوتا فيما يتعلق بالمراة قد ينفي عنها صفة العنصرية، ولكن هناك أيضا خصوصية للمجتمع الفلسطيني تجبرنا على إعادة النظر بهذه الكوتا ، تجعلها مفرغة من محتواها وأداة لتكريس مفاهيم خاطئة أقرت الكوتا أصلا من اجل التغلب عليها.
الهدف من الكوتا هو "منح" المرآة الفرصة لتشارك في صنع القرار وتضع التشريعات الخاصة بكل فئات المجتمع وشرائحه وتشرف على تنفيذها، فهل هذا ما سيتحقق علي يد الكوتيات المنتظرات ؟ وهل ستكون لديهن الفرصة والصلاحية، هل هن مؤهلات؟ كم منهن تعي الوصف الوظيفي لها كعضو مجلس تشريعي ؟ ما الذي سيحول دون تكتلهن في المجلس المنتظر كقوة تفرض وجهة نظرها بقوانين نافذة؟
سالت زميلاتي عن موقفهن من الكوتا ، جميعهن من المؤيدات ، واحدة فقط قالت أن لا موقف لديها حتى الآن ، وجميعهن من لم تستهجن موقفي استغربته ، كيف تكون امرأة متحررة ومثقفة مثلي تعارض الكوتا النسائية ؟!

في الحقيقة أريد أن اشكر المجلس التشريعي على تحديد الكوتا ب 20% فقط، وليس 50% مثلا، فهذا أولا يحدد نسبة عدم الديمقراطية والتعيين بال 20%، كما انه يجنبنا ضرر اكبر بان يحصره في النسبة السابقة، هذا لا يعني أن الضرر اقل في حال انتخاب 80% من الرجال، ولكن هناك احتمالية لضرر اقل على أمل أن ال80% يتم انتخابهم على أساس مهني ووفقا لاعتبارات غير فئوية.

أنا كناخب بأي حق يفرض علي امرأة ما تمثلني في المجلس ؟ أليس هذا مبدئيا أمر غير ديمقراطي؟

و أنا كامرأة ماذا سأكسب من وجود امرأة في المجلس التشريعي إن لم يكن لديها القدرة على تنفيذ تشريعاتها، المسالة ليست كم امرأة في المجلس، المسالة كم عضو في المجلس يعي الوصف الوظيفي لمنصبه متحرر من اسر القبيلة التي أرسلته للمجلس أو التنظيم، ولا يخشى بلطجة الرمز أو أي من الأجهزة الأمنية، ينطبق القانون الذي يشرعه عليه كما ينطبق على جميع الناس، هذا في حالة نفاذ القانون،
عندما نحصل على مجلس بالمواصفات السابقة لن يهمني من انتخب رجلا كان أم امرأة.


وستحرص العائلات مبدئيا أن يكون لها مرشح، لان نظام الواسطات وتبادل المصالح والتقاسم الوظيفي بين أصحاب النفوذ هو العرف السائد في البلد، المسالة فيها تكريس للقبلية والعشائرية المقيتة، وستحرص عدد من العائلات أن يكون مرشحها امرأة، لان هذا اضمن للفوز،
و ليست بالضرورة أن تكون هذه المرآة مؤهلة بقدر كاف، لأنها في النهاية ستكون أداة طيعة في يد العشيرة التي أوصلها أصوات أبنائها إلى هذا الموقع،
، أما المراة المستقلة التي تنتمي لعائلة صغيرة وقد تكون مثقفة ومؤهلة أكثر فانا اسأل الكوتيات ما هي فرصتها في النجاح؟! إنها صفر .
فالمرآة المثقفة المتعلمة والتي من الممكن أن تكون مديرة مؤسسة، أو مديرة مركز شرطة، ستحصل أخيرا على دعم المختار الجاهل الأمي، الذي لا يعترف بها كرقم وغير مسموح لها انتخابه، فالمختار حسب لوائح العشائر يتم انتخابه من قبل الذكور فقط،
إذا كانت المنظمات النسوية حريصة على أن تلعب المراة دورا ايجابيا وثوريا في المجتمع عليها أن تبدأ في محاربة ظواهر كظاهرة المختار، إذا حصلنا يوما ما بدعم من تلك المنظمات على مختارة للعشيرة لن نكون مبدئيا بحاجة لمبدا اسمه كوتا .

بنظرة على المرشحات للمجلس السابق والمنتهية صلاحيته بكل الأحوال نجد على الأقل في قطاع غزة أن أي من المرشحات لم تحصل على دعم عائلتها ولا دعم عائلة زوجها كإحداهن التي نزلت باسمين اسم عائلتها واسم عائلة زوجها – ولم تحصل إلا على سخرية الشارع وهذا يعطي انطباع عن نوعية مرشحاتنا، فالعائلة في النهاية فضلت دعم مرشح رجل.
عدد كبير منهن غير متعلمات، لم يكن لهن نشاطات سابقة، سواء على الصعيد النضالي ضد الاحتلال، أو ناشطات على صعيد اجتماعي، وبعد فشلهن لم نسمع بأي منهن تشارك في أي نشاط، حتى اللائي "نجحن" ودخلن المجلس ماذا قدمن من خلاله سواء للمراة أو المجتمع ككل؟!
كانت المسالة بالنسبة لهن –كما بالنسبة لزملائهن الرجال- عبارة عن مركز اجتماعي بامتيازات شخصية توفرها العضوية كراتب بالدولار وسيارة، مرافقين، بطاقة vip وغيرها.

المسالة اكبر من منصب لامراة خرجت توا من المطبخ بعقلية ليست أوسع من فضاء طنجرة الطبيخ ، المسالة
مرتبطة بمسئولية تثقيف المجتمع وتنويره وتثويره، ليس فقط لرفض التمييز بل لرفض سلطة لا تملك أمر نفسها،
لندفع المراة باتجاه انتخاب من يدعم حقوقها ومن يدافع عنها، سواء كان رجل أو امرأة.

في مجتمع كرست فيه العشائرية والقبلية بدعم من سلطة اوسلو كالمختار الذي يؤدي فيه صلاحيات زعيم العصابة، وتؤدي فيه لجان الإصلاح مهام المحاكم والقضاة لا مجال للحديث عن أي كوتا، ما الجدوى!