في غربتي وانفرادي هل تراكم سمعتم نحيب فؤادي ؟



ناديه كاظم شبيل
2011 / 3 / 21


بمناسبة عيد الام ، الام ذلك المخلوق الملئ بالعطاء والتضحيه ، الام التي افنت حياتها في خدمة الزوج والابناء ، ترى ماالذي ينتظرها في مستقبل الايام سواء كانت في الغربة ام في قلب الوطن .

رب سائل يسأل وهل توجد غربة في الوطن الام حيث الاهل والجيران والاصدقاء والاحبه ؟ اقول بمرارة نعم وهي الغربة الاقسى ، حيث ينشغل الكل بهموم الحياة ، وينسون كائنا كان لهم ينبوع عطاء لا ينضب ، فكم من ام تعرضت للهوان بسبب اصابتها بمرض عضال يمنعها من قضاء حاجتها كباقي البشر ، فتتعرض للضرب والاهانه بسبب ذلك ، وعلى يد من وهبتهم الحياة ؟ وكأنها تعاقب على جرم ارتكبته ، وليس مرض كافر، الكل معرض للاصابة به ، ولو ان احدى بناتها او ابنائها اصيب به لخدمته بتفان واخلاص ولدعت الله مخلصة ان تكون طريحة الفراش بدلا عنها او عنه.

وكم من مطلقة اصبحت منبوذة من قبل المجتمع ومن قبل ذويها ايضا بسبب هوس زوج نرجسي احب ان يعيش حرا طليقا على هواه ، فكان الطلاق اسهل الطرق لنيل مبتغاه معرضا الزوجة والاطفال للذل والهوان ، فتتحمل مالايتحمله احد من كفاح وصبر وجهاد في سبيل اعالة اطفالها حتى يجتازوا تلك المرحلة العصيبة في حياة الام ويصلوا الى بر الامان.

وكم من ارملة اسدل الحزن خيمته على حياتها بعد ان كانت تستظل في ظل زوج وفيّ مخلص نذر عمره لاسعادها واطفاله ، واذا بها تخسر الزوج وتفتقد العطف والحب والحنان لتبقى كسيرة الفؤاد اسيرة حزن لا يفارقها ليلا او نهارا ؟

اما في الغربة حيث تنتحر الانسانية على مذبح الانانيه ، فحدث ولا حرج عن الجحود ونكران الجميل الذي تتعرض له الامهات على يد فلذات اكبادهن ، ففي دور العجزة في السويد ، تكثر انتقادات الباحثات الاجتماعيات السويديات عن سوء معاملة ابناء المغتربين لوالدتهم ، حيث ما ان تبلغ الام سن الشيخوخه الا ويودعها الابناء في دور العجزة تلك .

في دور العجزة تلك ، تقدم الدولة للمواطن كافة الخدمات الاجتماعيه ، حيث تهتم المؤسسات بصحة الام النفسيه والبدنيه ، وتقديم الخدمات الترفيهيه من ممارسة الرياضه والسفرات الترفيهيه وماالى ذلك من الخدمات الانسانية التي نفتقدها في بلداننا الشرقيه للاسف الشديد ، ومن تقديم وجبات طعام تتناسب وصحة وعمر المسن.

المشكلة التي تعاني منها الام المسنه هو حالة الحزن والاكتآب الشديدين التي تتعرض لهما على يد من افنت حياتها في خدمتهم ، وذلك حين يودعوها في تلك الدور وكأنهم اودعوها منفا لاقبل لهم على زيارتها فيه، فتظل المسكينه تنتظر قدوم احد الفلذات بفارغ الصبر ، وتمر الاعياد والمناسبات،وهي قابعة في منفاها ، ترمق الزائرين السويديين حاملين باقات الزهور الجميلة لزيارة والديهم بعين حزينة ونفس منكسرة وسر حالها يقول : ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا .

رب سائل يسأل لم خصصت الام في وحدتها ولم تشركي الاب بذلك ؟ اقول هنا تكمن العلّه ،فما ان يبلغ الزوج سن المراهقة الخطير حتى يستغني عن الزوجه الصابره بصبية صبوح ،ناسيا او متناسيا من شاركته الحياة بمرها وحلوها ، وقدمت العديد من التنازلات والتضحيات لاجل من لا يستحقون ذلك ، فالمآسي التي تمر بها المرأة على يد الزوج في الغربة كثيرة جدا ، وقلما نجدهنالك زوجا وفيا ، عندها سيصبح مضرب الامثال .

في هذه المناسبه المقدسه (عيد الام ) املي ان تبقى العلاقة الانسانيه بالام كما هي عليه وقت الطفوله ، تلك الفترة التي تحمل البراءة والطهارة في اسمى معانيها ، فنعشق الام لانها اغلى من في الوجود ، ولا يمكننا الاستغناء عنها بأي حال من الاحوال ، بل على العكس من ذلك فكلما تكبر يكبر حبنا لها . في زيارتي الاخيرة للعراق ، سألت شقيقتي التي كانت تشرف على رعاية امي ان تهديني ثوب او سجّادة امي ، ففي ريحها شفاء لنفسي المثقلة بالحزن من شدة شوقي اليها ، ولكنها اعتذرت بأنها اهدت كل مايعود لغاليتي للفقراء ، ولم تعلم بأنني اعوز الناس لثوب امي .
في عيد الام اسأل الله الرحمه لكل الامهات ، واسال الابناء الرحمة بكل الامهات.