إيمان العبيدي: الفرّجة الليبية



واصف شنون
2011 / 4 / 6


أجرى الصحافي الأميركي المرموق أندرسون كوبر مقابلة عبر الهاتف مع الشابة الليبية الحقوقية إيمان العبيدي ،تحدثت فيها لمشاهدي قناة - سي ان ان - العالمية عن محنتها والرعب الجسدي والنفسي الذي تعرضت له على أيادي ضباط من أنصار القائد العربي والأفريقي والعالمي معمر ابو منيار قذاف الدم القذافي ،وكان أندرسون كوبر قد حذر المشاهدين من الإستماع لتلك المقابلة لأنها قد تؤثر عليهم بشكل سلبي ويترك بصمات نفسية مؤذية في روحية المشاهد والمستمع ، لكني إستمعت وشاهدت المقابلة بل وسجلتها كي أفهم أكثر وأطلع بعمق على ما جرى لهذه الضحية البشرية على يد رجال واجبهم الأساسي هو حمايتها والمحافظة على كرامتها بإعتبارهم رجال امن وليس وحوش فتّاكة .

في 26 مارس / اذار المنصرم إقتحمت الشابة الليبية إيمان العبيدي أحد فنادق طرابلس الغرب لتصرخ أمام الصحافة العالمية انه قد تم إغتصابها من قبل 15 رجلاً من كتائب القذافي ، وتفرّجَ العالم برمته على ذلك الفيديو المخزيّ والذي يثير الإشمئزار من كيفية تعامل العاملات في الفندق مع ضحية إغتصاب تبكي وتتألم قهرا بسب الإنتهاك والإعتداء الجسدي والجنسي غير المسبوق ، عاملات الفندق بدلاً من التعاطف مع مثيلتهن الضحية يحاولنّ قمعها وإسكاتها ولجّمها عن التصريح بمظلمتها الكبرى وبخسارتها الفادحة ،ثم جاء دور المسئولين الأخرين الذين جرجروها الى خارج الفندق لتختفي وسط إحتجاجات الصحافيين الأجانب والشخصيات الإعلامية الهامة .

وإستكمالاً للفرّجة ، فأن الإعلام الليبي العربي الثوري العفيف الشريف المحايد سرعان ما أعلن أن ايمان العبيدي كانت "ثملة "وهي "بائعة جسد" ثم مختلّة عقلياً ،ولم ينتظر ذلك الإعلام الرسمي الساقط إنسانياً بإمتياز الفحوصات الطبية التي أجريت على جسد الضحية لمدة ثلاثة أيام هي مدة إعتقالها والذي اثبت تعرضها للأغتصاب بشكل وحشي يفوق التصورات، وكانت سلطات القذافي قد نوّت محاكمة ايمان العبيدي لقيامها بتشويه السمعة الراقية الشفافة للنظام الليبي !! لولا الضغوط الدولية .
وعالرغم من أن السلطات الليبية قد أعلنت انها قد إعتقلت اربعة رجال أمنيين على ذمّة التحقيق وان احدهم ابن مسؤول امني كبير من اتباع العقيد القذافي ، إلا ان ايمان العبيدي ورغم اطلاق سراحها تعيش رهينة مع والديها وتحت الإقامة الجبرية بعد ان رفضت السلطات سفرها الى خارج ليبيا .
في المقابلة الهاتفية تحدثت ايمان بنبرة تحدٍ وصوت شجاع يخالجه البكاء والألم الشديد عن عملية اختطافها واغتصابها وشرحت قائلة عبر مترجم فوري " " أوثقوا يداي للخلف وقيدوا رجليّ وبدأوا في ضربي وعضّي في كافة أنحاء جسمي.. صبوا الكحول في عيني حتى لا أرى.. اغتصبوني من الخلف باستخدام بنادقهم ورفضوا السماح لنا بالذهاب للحمام." واستمرت تتحدث بوجع وقهر ولكن بجرأة غير معهودة وتابعت تقول " تناوبوا في القيام بذلك.. يقضي أحدهم حاجته ويأتي الآخر."وقالت ان فتاة في الرابعة عشر من العمر مختظفة بدورها هي أيضاً ساعدتها على الهرب بعد ان حلّت وثاقها .

تقول ايمان العبيدي ، مهما كانت المخاطر المحدقة بها وبعائلتها ، فأن اهم شيء لديها هو إيصال صوتها للعالم وقالت في نهاية المقابلة أريد أن أوجه كلمة إلى كل من يشاهدنا في أمريكا والعالم ، نحن شعب مسالم ولسنا أعضاء في تنظيم القاعدة.. نحن شعب بسيط لسنا متطرفون لا نطلب شيئاً سوى حريتنا وكرامتنا وأبسط حقوق الإنسان التي حرمنا منها."

لقد وصلت صرخات محمد بوعزيزي التونسي الذي احرق نفسه إحتجاجا على هدر كرامته بعد ان قامت موظفة في البلدية بتوجية صفعة على وجهه ، وصلت صرخاته الى كل زاوية ومكان في اوطان العرب، بينما وصلت ايضا صرخات ايمان العبيدي الى كل مكان وزواية في ارجاء العالم الواسع الذي بات يشاهد الحدث بالصورة والصوت وبأسرع ما يمكن، كي يتفرج على اصحاب الشرف الرقيع من الديكتاتوريين العرب وجلاوزتهم الذين ينادون بالعزّة والتحرر وهم يغتصبون نساءهم وينتهكون اعراضهم ويريدون ان يستمروا في قهر بني البشر ابد الدهر عبر سلالاتهم الفاسدة التي لامكان لها بعد الأن في درجات سلم البشرية .