الاعلام ...... تآمر على المرأة العربية



لينا جزراوي
2011 / 4 / 18

ان من ينكر تأثير وسائل الاعلام على الرأي العام العربي ، والعالمي ، كمن يدفن رأسه في الرمال ، ويتبنى نظرية النعامة ، فنحن نشهد حالة من الهيجان والانقلابات التي تصيب العالم العربي ، والتي يلعب الاعلام فيها دورا محوريا ، فتتبني بعض وسائله الدفع باتجاهات معينة تخدم مصالح بعض الدول. لكن ما يعنيني في هذه المقالة ، ليس الحالة السياسية الراهنة وعلاقتها بوسائل الاعلام ، بل ما يعنيني هنا هو تأثير الاعلام العربي على صورة المرأة العربية، واخراجها بشكل تقليدي ، نمطي ، و سطحي .
لقد فرض التأثير القوي والمتسارع للاعلام بأنواعه ، فرض، على المهتمين بقضايا المرأة التنبه لخطورة الصورة التي تظهر بها النساء في المادة الاعلامية العربية ، ورغم ان موضوع صورة المرأة في الاعلام ليس جديدا ، الا أن حجم تأثير المادة الاعلامية على الرأي العام بات يقلق الناشطين في المجتمع ويدفعهم للتفكير بايجاد وسائل تمكنهم من ثني الاعلام الالكتروني والمرئي والمقروء عن ترويج صورة المرأة النمطية السلبية.
لقد أثرانتشار هذه الصورة على طريقة تعاطي الجماهير العربية لقضايا المرأة ، فكبلها التركيزفي الاعلام على دورها الأمومي فقط ،كبلها ، بسلاسل حديدية تدفعها خطوات للخلف كلما خطت خطوة للأمام ، ولم تعد هذه الصورة مقتصرة على العالم العربي فقط ، لقد ساهم الاعلام في نشرها في العالم كله.
فصورة المرأة العربية في المجلات الموجهه للنساء مثلا ، والتي تتدعي اهتمامها باحتياجاتهن تقدم المرأة العربية بلا طموحات ولا وجهات نظر أو أي اهتمام بالقضايا العامة، فتمتلىء صفحات هذا النوع من المجلات ، باعلانات للعطور والماكياج والملابس ، وكأن هذا هو محور اهتمام المرأة العربية فقط . وعندما تخصص ملفات مفيدة لحياة المرأة وأدوارها، من وجهة نظر معدي التقارير، فهي تهتم فقط بالدور الرعائي ، وما يترتب عليه من عناية وخدمة للزوج والأطفال ، وتستخدم اللغة النسوية، فتمتعنا موسيقى نون النسوة وتاء التأنيث ونحن نقرأ التحقيقات والملفات الموجهه للمرأة، وللمرأة فقط، والتي تحثها على المحافظة على استقرار الحياة الزوجية ورعاية الزوج والأبناء فهي مهمة النساء الأولى ،كما وتحملها مسؤولية سوء ادارة مؤسسة الزواج ، فان أجادت الزوجة لعبة الزواج استمرت هذه المؤسسة وازدهرت ، وان لم تجدها انهارت ، وكأن الزوج بعيد تماما عن مبدأ الشراكة بين قطبي مؤسسة الزواج ، ولا يترتب عليه مسؤولية انجاحها .
أما الرجل فيظهر بصورة الاقتصادي الناجح ،مالك الشركات والمؤسسات الاستثمارية ، صاحب الشخصية القيادية والقادر على ادارة المال والأعمال ، والزوجة لا تيأس ولا تلين من محاولاتها لتحصيل الأموال من الزوج ، للقيام بمهمة أخرى أكثر سذاجة ، وهي التسوق .
وتنجح هذه المجلات في وصم صفات ، وترسيخ صور نمطية عن المرأة العربية ، فتقدم لها النصائح والادوات للتخلص من عادة الثرثرة والعاطفية ، لأنها صفات متلازمة لشخصيتها، عليها أن تجتهد للتخلص منها .
ولا تقتصر هذه الصورة في الاعلام المقروء فقط ، بل تمتد لتشمل الاعلام المرأي والدراما التي تنشر قيم ثقافية عن المرأة العربية ، مغايرة للواقع ، وتظهرها ضعيفة ، مسرفة ، وغبية، وقلما نشاهد في الدراما العربية صورة المرأة القيادية ، الناجحة ، فهي اما راعية صالحة ، أو زوجة صالحة ، أو خادمة صالحة.
لقد تآمر الاعلام على المرأة العربية ،و ساهم باضعافها واقصاءها عن الاهتمام بالعمل العام ، وأقنعها بأنها لا تصلح الا للزواج والأمومة والرعاية ، فهمش دورها وعزلها ، لتصب كل طاقاتها على العناية بنفسها وشكلها لتنل رضا شريكها ، لأنه أولى وآخر أولوياتها.
ان تغيير الصورة السائدة للمرأة في الاعلام العربي ، هو أحد الحلول التي تساعد في تغيير نظرة المجتمع للمرأة ، ولا يمكن أن يستمر الاعلام في استخدامه المرأة على أنها مادة صحفية تنتهي بانتهاء الاعلان ، لأن اللغة التي تستخدم في الاعلام تبقى حية في الأذهان لفترة طويلة، لذلك علينا رصد صورة المرأة في الاعلام العربي ، والتصدي لما يكرس النظرة السلبية لأدوار المرأة ويمنع تقدمها تحت ذريعة الفروقات البيولوجية بين الجنسين