أحلام مستغانمي وأحلام الرجال.... عابرون في خيال عابر



سوسن العطار
2004 / 10 / 25

قرأت أحلام بعد فترة ليست قصيرة من صدور ثلاثيتها، استمتعت جدا جدا بقراءتها، تكتب شعرا و موسيقى،
وتغلف رواياتها بالوجع الجزائري على امتداد الجرح و الهم العربي الذي لا يقل عنه وجعا وخيبات و فجائع،
وتقول ما في خبايا نفوسنا كنساء، وما تتمنى " بعضنا" أن تمارس "بعضه" ولا تجرؤ ، كالعيش بنفس رجل دون خوف أو اعتبارات للعواقب ، كخيانات و تجريب بعض الرجال ، السفر والإطلال على حب قديم ، الإشراف على خيانة قديمة ، العثور على شبق جديد ، تجريب ما يصادف والعيش على وتيرة الإثارة والمغامرة بأعصاب متوترة نتيجة شبق يحاول الارتواء ويبقى عطشا مع محاولة مستميتة لإبقائه سرا ا...

هذه هي أحلام مستغانمي، تحبها النساء وينام على عبق رواياتها الرجال، تنتظرها بشغف وإعجاب المثقفات المتحررات أكثر من شغف وإعجاب غيرهن،
في الحقيقة فيما يتعلق بأفكار وأحلام أحلام مستغانمي لا أجد فرقا بين المعجبات بها من المثقفات وغيرهن، أراهن جواري في العقلية، هي أروت من قرأ رواياتها ولم تروني، ليس لأنني لم استمتع، ولكن عندما اقرأ واستمتع أقول ثم ماذا ؟ هذا السؤال لم اطرحه على نفسي مباشرة بعد قراءاتي الثلاث، ويبدو أن غيري لا يطرحه، لان كتابات أحلام كساندويتش لذيذ نأكله وننساه، وان تذكرناه لا نتذكر تفاصيله، بل كان لذيذا وأشبعنا قليلا في انتظار وجبة كاملة نحصل عليها من سوى أحلام.
افهم أن تعجب كتابات أحلام الرجال فقد تحدثت بلسانهم، بمشاعرهم وغرائزهم وشبقهم اللطيف الحزين الرومانسي، وأوجدت لأجلهم امرأة منفتحة جنسيا حاضرة لإشباعه وان امتنعت نحزن على شبقهم الحزين ونتعاطف مع المخدوعين من قبل امرأة لا تعطينا فرصة لنكرهها أو نحقد عليها، بالكثير نختلف معها فيما تذهب إليه.

ما الذي يعجب المتحررات في كتابات احلام؟ لماذا هن متيمات بها؟
هل تعجبهن المرآة الشبقة التي هي في بحث دائم في الشارع عن رجل تهدي له أنوثتها مقابل متعة عابرة؟!
كيف تهدي رجل لا تعرفه وتحصل على متعة منه؟!
أم المرأة التي لا تعرف النضج أو الإخلاص على مدى سني عمرها، لا تعرف الإخلاص لزوج، لحبيب، لذكرى والد شهيد، الإخلاص لنفسها لاسمها.

هل تعجبهن المراة التابع التي تجرؤ على الخيانة في وضح النهار وتحت أضواء الليل في داخل الوطن وخارجه، ولا تجرؤ على طلب الحرية من نصف زوج هي ليست زوجته الوحيدة ولم يضطرها للزواج منه شيء، هو في خانة والمبادئ في خانة أخرى.

أم المرأة المتعلمة شبه المثقفة التي لا تستغل تعليمها و ثقافتها في سبيل تحررها.
أم الأخت التي تقف موقف المتفرج من شقيقها وهو يتجه اتجاهات أيدلوجية سلبية دون محاولة إنقاذه أو التأثير عليه، وحتى دون المساعدة ومد يد العون له في الغربة، بل تستغل غربته لمصالحها الخاصة.

هل تحب أحلام بطلتها وتحترمها، هل وقع القارئ في هواها أو كن لها احترما، هل حقد عليها أو على الأقل نفر منها، هل يحدد موقف منها،

أحلام ليست مطالبة أن تقدم نموذج المراة القوية المتحررة المثقفة التي نريد، وليست مطالبة أيضا أن تقدم نموذج الرجل الملتزم الوفي، ولكن أن تقدم أحلام على مدى ثلاث روايات، على مدى عقد من الزمن وباسماء مثيرة تلك النماذج الرديئة، ولا جديد فبها ولا تطور ولا نضج!

أريد أن اسأل أحلام: الم تتغير أفكارك خلال عقد ؟ ألا تشعرين انك مختلفة عما كنت من عقد ؟ ألا تعتقدين انك انضج وأكثر خبرة وممتلئة بتجارب اكبر، وانك أكثر حكمة، قد لا تكونين أقوى ولكن عليك أن تكوني مختلفة قليلا وانضج كثيرا!
لماذا تصرين على تلك البطلة الفجة السادرة في فجاجة شبقها طوال تلك الثلاثية؟ لماذا تبقى على نفس الوتيرة لا تتغير حتى إلى الأسوأ، لماذا النساء السلبيات:
من الزوجة الخائنة إلى الزوجة التي تدري بخيانات زوجها وتصمت كان ذلك احد حقوقه،
أو الزوجة الغبية التي لا تدري أصلا بخيانات زوجها
إلى الأم الأرملة التعسة الجاهلة
و المطلقة المستسلمة.
ألا يوجد في الدنيا نموذج واحد لإمرأة جيدة أو على الأقل عادية ؟!هل كل هذه النماذج السلبية لتثبت انها تكتب ادبا انسانيا وليس نسائيا ! هل نقرا احلام كما نقرأ لغيرها من الكتاب ؟ لا ، نحن نقراها ونتذكر اننا نقرأ لامراة ، هي تجبرنا على ذلك ،هي في النهاية لم تستطع الانعتاق من سمات الادب النسائي مهما تغير اسوبها عن غيرها من الكتاب النساء.

لماذا نفس الرجال من حيث الشكل والمضمون، اليد المقطوعة تستبدل بيد مشلولة الإثنتان ترسم وتكتب، تضم تطبطب على من لا يستحق،
يتيم الأب يستبدل بيتيم الأم وكلاهما يريق حنانه على يتامى الروح ومن لا يستحق،
جيد ألا تنجب بطلة أحلام وجيد ألا يكون هناك مجالا لاستنساخها، يكفي العالم ما فيه من جينات رديئة الأولى أن تندثر.

عزيزتي أحلام :
بصدق أنا أستمتع وأنا أقرأك، وسأحاول أن أعيد قراءتك لعلى أجد فيها مخفيا بين الشخوص، عن امرأة ما أو رجل ما ، لا أريده / أريدها مثاليا ، ولكن عاديا ، يعيش لفكرة ما، لهدف ما إلى جانب غرائزه ، ولا يستخدم سحر قضاياه ورومانسية عذاباته لتجميل غرائزه وجعلها أكثر إغراءا ، الخيانة ليست فضيلة،
الخيانة خيانة لوطن لزوج لصديق، فلا يتزوج او يستمر في الزواج من لا يشعر أن الآخر صديقه وزوجه ووطنه.
الرجل الشبق كما المرأة في رواياتك و في الواقع ليس له قلب ولا يعرف الحب، وأكثر "المرهفين" شعراء أو كتاب من يدعي نصرة المراة ويدعو إلى تحررها الجنسي هو اقل من يحترمها، بل يضطهدها، لذلك لا عجب أن يوقع نزار قباني على نصوصك، من غيره ليفعل فهو كل ما سبق، هو من لا يرى المرأة أكثر من نهد وظيفته الوحيدة إطفاء لهيب الرجل و للأسف هناك نساء تشاركه الرأي.